من أحَب ،،
فرأى حبيبته كأنها خيال طيف يتمثل له في حلم من أحلام الجنة ،،
ورأى في عينيها صفاء الكون ،،
وفي خديها توقد الفكر ،،
وعلى شفتيها احمرار الشفق كأن شمس روحه تكاد تمسي ،،
ورآها في جملة الجمال تمثال الفن الخالد ،،
الذي يدرس بالفكر والتأمل لا بالحس والتلمس ،،
فأطاعها كأنها إرادته ،،
واستند إليها كأنها قوته ،،
وعاش بها كأنها روحه ،،
فذلك هو الذي يشعر بحقيقة الحب ويفهم معناه ،،
وهو الذي يقول صادقا ً مصدوقا ،،
إن كل حرف يند منه هو لغة الطبيعة في تفسير معنى الحب كأنه السبيل الأوحد للسعادة
# #
ليس كل ما يعجب يرضي ،،
ولكن كل ما يرضي يعجب ،،
# #
فالجمال الوصفي الذي يقاس بالنظر ويخرج منه الفكر بنسبة هندسية ،،
جمال صحيح وحري أن يكون معجبا ،،
ولكنه على كل حال بناء جسمي ،،
كالقصر المشيد الذي يعجب الفقير المعدم فيتمناه ،،
فإن هو صار له خاليا ً لم يرضه ،،
لأنه لا يلتحف سقوفه ولا يفترش أرضه ،،
ولا يلبس جدرانه ولا يقتات من هوائه ،،
* * * *
* *
أما الجمال الذي يرضي ،،
فهو الذي يشف عن صورة الروح بغير ما يخيلها ماء الحياة العكر ،،
وقليل أن نجد مثالا ً من ذلك الجمال ،،
فكثير منا يجحدونه ويرونه ضربا ً من الوصف الشعري الذي يظهر في خلقه وإبرازه مقدار ما في الشعراء من روح الجنون الملهم ،،
وإنما يجحد مثال الجمال الكامل من لا يستطيع أن يكون مثال الحب الكامل
* *
* * * *
وإذا كانت المرآة قد علاها الصدأ فكيف تعكس الوجه الجميل ،،
وكيف يخلص إلى روحه من الكأس نشوة الجمال المسكرة ،،
ولو سكبت فيها حور الجنان كل ما فيها من رضاب !!
* * *
أحس وما أحس الإحساس إلا بسمة صافية في القلب ،،
تقابل بسمة العين التي يكون بها البصر ،،
فكل ما انطبع في هذه انطبع في تلك ،،
لكي تكون الروح بين مرآتين فيسهل عليها أن تدرس الحقيقة بالمقابلة ،،
* *
والعلم يقول أن الماسة تعكس الضوء ما نسبته مائتان لكل مائه ،،
لذلك نرى تدفق الألوان البراقة منها تتراقص على ضفاف الأعين ،،
ولأكفر بالعلم حينما أقول بأني لا أرى سوى نور واحد ،،
بلون واحد،،
لوجه واحد في قلب تناثرت أجزاءه بعدد ألوان قوس قزح !!
* * *
* * * * *
* * *
فإذا نزل الشاعر برو$ضة غناء نضرة ،،
أحس بقلبه كأنما يخضر بعد يبس ،،
وإذا أطل في الغدير الصافي ،،
أحس بمعنى الراحة ينساب في عروقه ،،
وإذا نظر إلى وجه محبوبته ،،
فيحس أن قلبه امتلأ جمالا ً حتى كأنه لا يعشق منها إلا شيئا ً في نفسه ،،
* * *
بلى وأكثر من ذلك ،،
فإن الشاعر ليكتب عمن يحبها ،،
فيرى كأنه ينفخ في كل كلمة معنى من الحياة ،،
لأنه لا يكتب كلاما ً بل يخط صورة قلبه ،،
* *
وأنا حين أكتب عن الحبيبة ،،
أرى المرآة لفظ في ألفاظي تنساب من المداد ،،
فإذا قلت " وجهها "
فما هذا اللفظ في جملة الجمال إلا قمرا ً في الكلام ،،
وإذا قلت " ابتسامتها "
فهذه الحروف التي تتنفس على القلب أرى فيها أشعة الفجر الندي ،،
وإذا قلت " هي "
فما هو إلا ضمير الطبيعة الذي يعزف ألحان السعادة ،،
* *
* * * *
* * * * * *
أيتها المرآة ،،
لو تعلمين من تسكنك ،،
لعكست ِ الأشياء حتى في ظلامها !!