القصيدةُ الومضة ليستْ نصًّا يُقرَأ ، بل لحظة تَضرِبُ في القلبِ كشرارةٍ ، وتختفي قبلَ أن تُمسِكَها بالكلمات .
هي اختزالٌ للعَاطفة ، وتكثيفٌ للدَّهشةِ ، لا تقفُ عندَ المعنى ،
بَل تقفزُ منه ، كأنَّها تفلتُ من يدِ اللُّغةِ ، لتُضيءَ شَيئًا لم نرَه في العاديِّ والمألوفِ .
ليستِ الومضةُ مجرّدَ قِصرٍ في السَّطرِ، بَل عُمقٌ في الإيحاءِ ، فكلُّ كلمةٍ فيها تَختزنُ ما يقولُه ديوانٌ كاملٌ .
إنَّها تُؤمنُ بأنَّ القَصيدةَ لا تحتاجُ إلى مُقدِّمةٍ ولا خاتمة ، بَل تحتاجُ فقط إلى نُقطةٍ تُصيبُ وتَمرُّ ، كما يمرُّ ظِلُّ طائرٍ على وجهِ الماءِ .
هِي مِثلُ رعشةٍ باردةٍ تمرُّ في الجَسدِ دُونَ إنذارٍ، تَتركُكَ مأخوذًا مشدوهًا ، ورُبَّما مُرتبكًا … لأنَّكَ شَعرتَ بأكثرَ مِمَّا فَهمت.
القَصيدةُ الوَمضةُ تَنتمي إلى لَحظةٍ حَدسيَّةٍ ، لا تُكتبُ بعقلٍ باردٍ ، بل تُولدُ في لَحظةِ احتِراقٍ داخليّ ، ثم تُسكَبُ ببَرقٍ لُغويّ .
فيها كُلُّ شَيءٍ مُختصَرٌ، إلّا الأثَر .