ذي بدء
( نص طويل ) تسكنه الرتابة ... لا تقرؤوه بإمعان ...
جاملوني و اكتبوا رداً معلباً ... لن يزعجني حتى عدم الرد ...
أما من يأخذ أمر الحضور على محمل الجد ... لك مني فنجان قهوة طحنتها و الرحى قلبي ...
:
شوق ... على شوق
حنين بأثر حنين ...
و نداء يخنقه سكوت ...
ركام رحيل كالغبار يعلو صدري ...
لا أنفضه و لا أحتمل ثقله ...
و كلما اتسعت مسافة البعد ... بَلى حزام الصبر حول خاصرة الألم ...
تباً ...
شئتُ أم أبيت ... فإن سفينتي ابتعدت عن موانئ اللقاء ...
و تلاطم موج الحنين في بحر الرحيل لن يغير مسار الرحلة ...
بوصلة القلوب أضاعت طريق العودة ... كما فقدت عنوان المنفى للوصول ...
و تبقى سفينتي حائرة لا دفة لها لأوجهها ...
و لا تنشد في هذه العتمة سبيلاً ...
اعتاد قلبي المسير في أسطول الوعود و ربانها قلب جسور ...
لم أسأل يوماً ... إلى أين ... ؟!!
و قتلتُ في ظني مئات الأسئلة و المخاوف ... بسيف الثقة ...
حين كان الزمن يصفو له و يقضم تفاح الحب من قلبي ... و ينسج لي بالحديث وشاحاً يلفه حول عنقي ...
و يغرس بالنظر في عيني ألف زهرة طمأنينة ... و على الراحتين عشب النماء ...
و يخبرني : سأكون دائما هنا ... مالم يمت أحدنا !!
لم يمت أحد ... إلا قلبَه ...
و صار صدري له مقبرة و عيني تندبه دموعا كلما حل الظلام ... و تسلل النور ...
لم يتغير ... لكنه صار أكثر قسوة و تحجرا ...
صار خائنا لقلبه ... و مخلصا جدا لحزنه ...
يلقمه حجر الغياب و لا يشبع ...
هل من مزيد أيتها المسافة ... هاتي كل حجر على طريق الرحيل
و أطعميه لقلبي ... حتى يفنى حبها و أموت حزنا ...
،،،،،،،،
صنعتُ لنفسي فخاً ...
وضعته على أول الطريق ... كلما راودني الحنين ...
لأقع في الشباك ... و أجد نفسي قبل الهلاك بنَفَس ...
لتغرز آلام السقوط شوكتها في قدمي ...
و أتذكر ما لن يُنسى
و أتقهقر ... و كلي يتضور شوقاً ...
أتذكّر طبقاً من فاكهة الحديث ...
كان مخبأ في رف صمت عالٍ ...
من زمن الثراء و غِنى القلب ...
من عصر صفو المساء ...
كي لا يمسه غضبي و جنوني ...
تناولته يد الذاكرة ... من عُلاه ...
زاغت بصيرة القلب ...
و ماج به الجوع ...
و البصر راح يقلّب ثمار الكلام ...
قطف يشبه قُبل الحياة ...
ناضجة كأنها تدلت للتو من ذاك اللسان ...
حلوة تزهو بلون رغبة لا تموت ...
كالأرواح
غضة ...
مشتهاة تخشى قضمها ... فيبتلعك سحر لا ينفك ...
و تعف نفسي ... تعباً ...!!
،،،،،،،،
اللحن الذي سافر بي بلا عودة محتملة في قريب لا عاجل و لا آجل ...
كان آخر ما أنصت له قلبي ...
و آخر الدروب التي سلكتها إلى حلمي ...
و بعدها أرخى النسيان على وجهي غيابه ...
تصدح في حضرة الحنين أنغاماً ملهمة ... تثير شجون الروح ...
لتراقص طيفاً ينتصب كالشجرة المعمرة في خيالي ...
كأني به من ملايين السنين قد وقع كبذرة عشق ... على أرض قلبي ...
قبل أن - حتى - تلدني أمي ...
ربما سقط من سلالة أبي ... كأني به شبيها له ...
و إن عاداه القدر ...
حتى إذا ما جفت أرضي ... صب الحزن من قواريره دمعاً ... لترتوي أرضي ...
لتنفلق البذرة و تنمو كالشجرة بين ليلة و ضحاها ... في كل شريان و وريد ...
و يورق حبا
و يثمر شبقا
و يكبر ظلّي ... حتى أغدو حقلاً ... و يصبح لي وطناً حدوده تغزو كل ما تلامسه أصابعي ...
فكيف يمكن لي ... أن أرحل عن وطني ...
و هو يسكنني ... و جذوره ضاربة من قلبي ... إلى كل ما مسته يدي ...
حتى جبين أبي ... و ثوب أمي ...
و جدراني ... و كف إخواني ...
و وجنات الأطفال ...
كيف أمحيك عن أطباقي و ملاعقي و سكاكيني ... عن قدوري التي نطقت ... باسمك
و الأبواب التي لم أوصدها في وجهك ... مقابضها تبكيني ... !!
أحتاج لمزيج سحري ... يزيل ألوانكَ البراقة عن ملامحي ... عن أصابعي ... عن جلدي المقشعرّ ...
يا ريشتي التي تعيث على الجدران فترسمكَ بلا ملامح ... و تدرجني في خطوطها و كأني حفنة قطرات ماء لا أتبخر !
علمني ... كيف السبيل لأوقف تكاثر براعم الحب حتى في تجاعيد حزني ... ؟!
هات لي قبساً من قواك التي أزاحتني عن يومك ... لأبعدك عن أزقة تفكيري ...
إنك تسكن بين الفكرة و الفكرة ...
و لك من الغرف ما لا تحصى ... في قصر الذكرى ...
لا أفكر بهدمها ...
فقط أتمنى لو أطفئ قناديلها ...
إنها تبقيني يقظة ... !!