عرض أحد الكتّاب قبل سنين نبأ إلقاء القبض على أحد الفنانين من أحد الدول العربية في حفلة زواج بمنطقة(جازان)وبحوزته مالا يجب تناوله مما يجرّم عليه الشارع ، ثم جاء كالمعتاد من يرد ويعلّق على هذا الخبر شاكرين للدولة مافعلته في إطار المحافظة على تعاليم ديننا الحنيف . وفي تلك الأثناء وإذ بنا نرى فارسة تمتطي جوادها دون أن تسرجه فبدأت ترجف بقولها"أن ماحدث في الحفل غيرمستغرب الحدوث وخاصةً وأن أهل-جازان- في دوامة الغياب عن الحياة (بسبب تخزين القات ) أربعًا وعشرين ساعة" وأرغت وأزبدت حتى أصبت بالغثيان والرغبة في التقيؤ-أكرمكم الله- وعلمت أنها لم تستطع إلجام جوادها حتى إنطلقت معه كحصان برّي لم يروض بعد، وقام المعلّقون بالرد عليها وبيان خطئها وبينوا أيضًا أن هذه النظرة لأبناء جازان لم تكن منها فقط فأسردوا بعض المواقف والتي عايشوها حيث قال أحدهم :"أن أحد المطارات الدولية داخل بلدنا لايعلن فيها المذيع الداخلي عن الرحلة المغادرة إلى جازان". وقد استغربت ذلك!مالسبب لهذا العمل؟
وقد سمعت من آخر قبل عدة سنين أن أحدهم عندما يترأسه في مجال عمله أحد أبناء جازان الأفذاذ ينتقصه ويرى عدم الجدارة المسبق فيه وكيف له ان يترأسه ؟!!!وقد طالب أحدهم بالنقل من عمله فقط لذلك السبب!
بل البعض حتى في غير منطقة جازان من مناطق الجنوب نراه يلثمهم ويطعن في نسب الجنوب قاطبة أو أحد مناطقه ولو أقيمت عليه قضية فسيقام عليه حد القذف مهانا أمام الناس .
كذلك الكلام الممجوج من أبناء المناطق الأخرى على أبناء المنطقة الغربية أو الذين أصولهم البعيدة ليست منها بالطعن في أصولهم وأخلاقهم بل يرى أنهم لم يكن لهم أن يكونوا سعوديين ويستحقون أي بلاء يحل بهم لأنهم في نظر أولئك ( البقر) يموجون في المجون كعاداتهم وتقاليدهم التي تعود لأصولهم ، وهذا مايحرم قوله كله
ثم تذهب قافلا لمناطق الوسطى التي كان الكثير منها يصدر العنصرية لتجد أنها تعود عليهم من أبناء المناطق الآخرى والقبائل المختلفة .
ماكل هذا الفراغ؟!!
ولقد شاهدت انا شخصيًا في أحد مراكز نقل السيارات المشهورة أحدهم وهو يسأل عن وصول سيارته وكان ذلك أثناء إغلاق المركز وكان الموظف الذي مايزال موجودًا من الأشقاء العرب فجاء صاحبنا مغاضبًاوتكلم مستهزءًا وبكل صلف:" وين صاحبك الجيزاني اللي اخّر عنا السيارة" فرد عليه الموظف:"أليس لذلك الجازاني اسم كي تعرفه به أو تقول عنه الأخ الموظف إذا لم تعرف اسمه؟؟!"
أما عندما عم جازان مرض(حمى الودي المتصدع) فقد سمعت بأذني من يسهزئ بأبناء المنطقة وأن ذلك المرض حسب زعمه يرجع إلى عدم نظافتهم " وأنا أتساءل أليس ماحصل من قضاء الله وقدره؟
بل والله قد سمعت أحدهم يقول : أنه بسبب عدم نظافة أهلها انتشر ذلك الوباء . حيث نرى هذا الشخص بدلا من الدعاء لأهل تلك المنطقة إلا انه وصمهم بالقذارة وعدم النظافة وهو كذوب .
وقد صعد المرض بعد ذلك في عسير ثم أمتد للقنفذة ثم للباحة وقد سمعنا بحالات في الرياض.
وقد قرأت في أحد المجلات الشعرية المعروفة عن أحدهم وهو يهاجم الكاتب (حمود أبوطالب) متهكما قائلآ:"يبدو أن حمود أبو طالب قد نفقت أغنامه حتى خسر تجارته ولذلك بالغ في مقالاته عن دواعي مرض حمى الوادي المتصدع"
أنواع غير صحية من التعصب الأعمى ، وأين نجد هذا؟! في بلد الإسلام حيث مهبط الوحي ورسالة التسامح.
ولم تكن تلك النظرة من غير المتعلمين فقط بل حتى بين من يسمون أنفسهم بالمتعلمين، فهاهي نظرة التحجروضيق الأفق التي يرزحون تحت نيرها موغلين فيها مرة بطريقة مقصودة وأخرى غير مقصودة من نتاج تربية طبقية متعصبة ضد الآخر ،ولا أدرى متى سنُعتق من هذا الفكر العقيم الذي يسيطر على الكثير من الذين ينافحون عن ذواتهم باتهام الآخر، بل أرى السبب يعود أن البعض لايرى وطنا يجمع الكل بل وكأن البعض يغصب نفسه على تحمل المختلف الآخر نسبا ومناطقيا .
نعم هناك من يرى القذى في عين الآخر ولايبصر العود في عينه .
في نهاية مقالتي أتمنى أن أرى ذلك اليوم الذي ينظر الناس إلى بعضهم نظرة إسلامية قربية بحيث لا تقم علاقتي معالآخر بحسب قبيلته ومنطقته ولون بشرته وقريته وهل هو من أبناء المنطقة الوسطى أم الغربية أم الجنوبية أم الشرقية أم الشمالية؟!!!
ألم يقل سبحانه وتعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" نعم..- عند الله-... وليس بيننا هذا التفاضل بالتقوى بل هو عندالله .
وتذكر انك عندما تطعن في غيرك أخلاقا ونسبا ودينا ستجد من يطعن فيك بنفس الخسة .
بالفعل التعليم ليس دليلا على رقي المتعلم مهما بلغ بل هي تربية النفس وتغيير التفكير وتنقية العقل من نزقه وشوائب اعتقاداته
لا أقول إلا كما قال الشاعر:
لسنا وإن أحسابنا كرمت....................يومًا على الأحساب نتكلُ