ما كلّ سوداء فحمة وما كل حمراء لحمة !
دأب البعض الجنوح إلى التحكيم السريع في بعض المواقف التي يمر بها, أو العوارض
التي يقع بها من سلوك أو حادث أو كلمة عابرة نطق بها من نطق. فيلجأ إلى التعميم في حكمه بإطلاق صفة لكل من يرتبط بالموقف أو صاحبه بصلة !!
خذ مثلاً : حين يرسب طفلاً في مادة ما, نجد أبويه وربما معلميه يطلقون عليه بصفة الفاشل أو الكسول ,غير عابئين بنجاحه في كافة المواد
وحصوله على درجات طيبه !!
* حين يخون زوج امرأته , فتشن الهجوم عليه واصمه جميع الرجال بالخونة وعدم الإخلاص
* حين نفشل في مشروع ما أو نتخبط في أمراً ما ,, نجد أنفسنا نتراجع وتتقهقر عزيمتنا
لأننا لانفلح أو لسنا مؤهلين لذلك . رغم إن التجارب أثبتت الفشل أولى خطوات النجاح !
وفي الحياة حولنا الكثير من تلك النماذج المجحفة , والأحكام الخاطئة التي نقع تحت نيرها
بغفلة منا واقتناع .ليس هناك خير محض ولاشر محض , والحياة لاتسير على أحادية الرؤية أما أبيض
أما أسود وإلا فلاوكل إنسان أوتى حظه من الفضائل ونظرائها , والكيس من استطاع أن يوازن ويجتهد
لاستقامة أحواله بعلو جانب على الآخر . أوثر إن الفضيلة تقع بين رذيلتين ,والنفس الإنسانية
ذكر جلي شأنه أنها بين مطمئنة , لوامة , و أمارة بالسوء
(يأيتها النفس المطمئنة ) سورة الفجر
(لاأقسم بالنفس اللوامة )سورة القيامة
(إن النفس لأمارة بالسوء) سورة يوسف
إذن فبني آدم ليس بمعصوم من الزلل , وليس بمحكوم بملائكية الروح بحيث لايأتيه الباطل من بين يديه , واللبيب من أستطاع أن يختار
لنفسه مايستحق ويجاهد نفسه بها علوا واستكبارا عن كل مايدنسها ويضعها تحت المساءلة والمحاسبة لنفسه ولغيره .
وإلا فقد وقع تحت مغبة عدم تقدير الذات . لأثر التعميم الكبير في تحطيمها , فضلاً أن الإفراط فيه يقف حجر عثرة أمامه وتعوقه
للنجاح والاتصال ومعرفة الاحتمالات الكثيرة بدلاً من اختيار حكم واحد ليقيس به جميع الأمور. وتالله إن مثل هذا الخطأ الذي
نقع تحت وطأته سبب لكثير من الخصوم والأحكام المغرضة التي نطلقها. وما أدل على ذلك ما نسمعها من نكات سمجة تنعت
قبائل معينة بصفة ماأو عداوة مع شخص نحيلها إلى عداوة مجتمع وربما مدينة وبلدة كاملة !!
ألا نستطيع أن نفرق بين السلوك وهوية الشخص , ومن ثم ننتهج النقد الموضوعي دون المساس لإطراف لاعلاقه لها بالموضوع ؟!!