.
.
3.
أستجمع صوتك في الممرات , أخزنه في أسطوانة حقيبتي وأغدو مسرعةً للدرس , أتخيل لو أنا(سوسنه) أصدحُ بالغناء ولا أحداً من السرب يغدر بيّ , اتلٌوك بيني وبيني خشية جهُرتك, وأشيائيّ الصامته تصلي من أجل بقاء هذا الدهّر طويلاً , صوتك ليس بالخطيئه. ليس بالعمل المشيّن أقلاً بالنسبة إليّ , لطالما خشيت ولا زلتُ أخشى , أن يعرف بالأمر أحداً غيريّ, لاأريد وجعاً أكثر من أفقد صوتك بلحظة ٍ يظن العالم أنني كبّرت , وعقلّت (وتخرّجت) ...
الكلام الذي أود أن اذكره ( وأتذكره) ويكون بليغاً أكثر من وصفيّ ( التعبّان ) , أتذكر جيداً حينما تغشاني أجندة صوتك وهالة تنوير ملازمة لـ حواف وجهك الجامد وذقنك المتحرك في الكلام يصيبني بالإرتعاش .. كل هذا والعالم حوليّ يغطُ في ظلامٍ حالك السواد إلا من ثقبِ صغيّر يخدع الضوء إنبجاسة, كنت أعتقد, أن الجميع (أعني من في البيت) سوف ينهظ حالاً من شدة سلاطة الضوء عليّ , ياللروعتي.. كنتُ ولازلت ممن يرون مايحدث( حكايهً مشّاعه) في آواخر الليل, حكايتي مع صوتك تشبه لحد ما ليلة ميّلاد مسيح ٍمرتقب , تماماً مثلما يفعل الإنبياء خشية أن يسمعهم ضالة الكلاب في الممر, ويصنعون من صوتِ الإله ضوء ً لايعرف الإنكسار . أنا افعل العمل ذاته فقط حينما أتذكر صوتك ( الديناميّت) لألغام روحيّ المريضة . (صوتك) مع أول القيّام من حصير السرير ومعارك ليلة طويله ( بالميّاه ) يكون قورباً لطيفاً للضفه .. (صوتك) مع الساعات المبكرة لنفشة طيور المأذنه , وقبل أن تدفق الضجيج أصوات المحركات أنثى قريتي , يباغتني الهبوط والمشيّئة وعرقلة (الإفاقة) إليك , صوتك لا يريد سوى الهبوط مع كل الأشياء التي أعشقها، يهبط معها وأذوب في هيئة كلية غير قابلة للوصف .
(آه صوتك) كما تقول غ , س ( صوتك صوتك) وأنا أردف ( موتك موتك ) .. , الآن فقط علمت لماذا الله سمّع صوته لموسى ولم يريه هيئة ً واضحه .. يبدو الأمر وكأنني أتحدث عن أسطورة هائله من المعجزّات لم تصّدق بعد .. لاأدريّ, صوتك وحده كفيل بأن يجعلني أوليّك جمهورية جوارحي وأنت الأقدر على دماريّ من قذائف الأصوات . في المشاعر التي أعرفها , لا يحدث أن أكون متوثبة ًعلى الدوام لأي كلمة تسقط من فم أحدهم , عادة لا أعبأ ولا أحمل الموضوع أكثر من مجرد سالفة بسيطة ستنتهي سريعاً, معك الكلام البسيط الذي يبدو قليلاً أو إجابات مقتضبة لأسئلة طويلة , تصلح والله أن تكون عناوين مثيرة لحكايات مهمة وقد تدوم طويلاً .
بصوتك أستطيع أن أفرغ العناء في قلبي " الاسطِوانه " و أتأهب ليوم ٍ صوتي جديد قبل المغادره, في أزقةِ الجامِعه أترنم في صدى نعليك وكأنهما الجيتار يغريان خصري ,أحفظ كلماتٍ طفيفه من الفرنسيه نهاية كل ليله مُتعبه لِأسمعك لثغة نطقي بها بالغد كأمرٍ مضحكاُ لهن ومحفزاً لي . (أحبك) تبدو بسيطه وساذجه حيّال هذه الجبّال من الصوت, أنا أحب هذا القدر من 21 سنة ً .. أحب الصوت ذاته وأنا ببطن أمُي , حتى بعد أن قّدرت لي السماء حظّ الحياة بطريق مليء و(عائم) بالقذورّات والخطايا .. صوتك كان النجاة والهلاك معاً . إنه صلاتي التي تخاف الرياء, قيامي المتعدد لـ حاجات لاأدري ماذا تفعل بي حينها؟ .. أنت تتحدث بطلاقة وتلك المسكينه تعمل على ظبط إهتزازات مدوية لايراها الآخرون .
في المحاضرة التي لاتتسع إلا ليّ , جسدك ليس موجوداً , وحده صوتك الطيف المتحرك, وحده من يسيطر عليّ بلا مشقة ساحر مبيّن , أحب أنك وحدك من يفعل(الموت) بيّ, أحب أنه يأخذني حتى مقرّك البعيد, أسمع حشرجة الغبار الكارثية (وألعنها) سراً لإضافة صوتك ميزةً آخرى من الفتنه . كل هذا وأنت لاتدري عن تلك (الأمّة) في كل مرة بسماع صوتك , صوتك الرنان الذيّ يخلق مني عصفورة ً تطير على تفعيلات هوائك , في كل درس يطل بك عليّ كالأحلام المستحيله , لا أنا بسماءٍ لك ولا أنت بأرضٍ لي , قليلاً من الحريه وأطلق لك يمامة قلبي على أهبة الأستعداد للتحليق .
ولكن الأسطورة لم تكتملْ,.. حتى وإن بدت سخيفة وصغيرة وذاتُ سِراً واحد . وكما يقولون.. إنك لن تنتهي من كتابة قصة قبل أن تروي لهم كيف كانت النهايه تعيسّه ومؤذية . جاء يوم قرانك العشائريّ بندقيةً لم تخطأ تصويبي في الصميم مباشره , ومع ذلك لم تكن أشد دقة ًوتصيبّك فيّ وأرتاح بدوريّ أنا من صدى الصوت الضائع لناقةِ ثامود المغيبه في صدري..
بكيّت ..هلكت , وتجرعتّ كل ما لايؤدي إلى رجلاً ذا صوتٍ كصوتك . ولكن؟ .. الحياة ليست مبسطه كما بصورةٍ دائرية محفَوفة بدعوات الإمهات الطيبه ..عادت (بنت الريف) مجدداً الى الحياة بلا صحبة صوتك , بلا مقدمه عريضة عن أحوالها في موتِ (الحياه), بلا أيَّ ملامح واضحة, لتصحو بالغد أملاً بصوت ٍمشابه , رحمة مشابه , إن شاءالله شيطاناً متلبس يزيّح هذا القلب من التوجّس . وتوالت الأيام والثوان المخنوقه . وصوتك في متكأ أذني يتلو ماتيسر من الذاكره , حتى صار اليوم الذي فضحني إسمك القديم على لسان أبنتك الصغيره وغصتُ بنوبةِ بكاء صامته .