.
.
الظروف المُندثرة تحت أجنحة الحُزن وغُيوم الفقد تجعلنا نتقيأ الأفراح دُفعة واحدة وتجعلُنا نفقد رغبتنا في الحياة في لحظة لا نُدرك فيه حواسنا
ولا فوضى مشاعرنا المُتأرجحة بعمقنا ولا رائحة الأشياء / الذكريات التي لانكف عن الانزواء إليها في كُل عطش ولا الملامح التي نسعى في
كل انكسار للملمة شتاتُها كي لاتذبل أو تموّت وتجعلنا من بعدها في حالة يُرثى لها , اذا اننا نتهاتفُ لقذفنا للهواء أملاً باستيعاب السماء لنا ,
كي لا نعيش العمر دونهم , دُون أن نُعاتبُ الأحلام التي لا تأتي بنا معهم , دون أن نناجي طيور التيه المُحلقة في كبد سماء لاتُمطر علينا بالنسيان
بأن أُسدي إلينا معروفاً يُعرينا من ذاكرتنا ويجعلنا بلا ذاكرة تفوح من أحشائها رائحتهم !
وكذلك الجراح التي تتمدد إلينا بغتة من حيث لانشعر , وحينما يندلقُ صوت خُطاها من رحم معاناة واحد , وحينما تشق طريقها برتابة لتتأخذ
لها مُتكئا بارداً في أقصى منابتُ أحلامنا لتجعلنا وحيدون / مجردون حتى من تفاصيلنا , تسكننا بوحشية
وتتمازجُ مع جراحنا القديمة بكل أنانية لَتطعمنا وجعاً مُكثفاً تندملُ تحت قبضته ملامحنا , بقايا أُمنياتنا !
.
.
.
_حفيفُ الشَجر , صوت المطر , أغاني الحنين , ثغر الصباح , بُكاء الوسادة , وتشردّ الأمنيات , وضيقُ الأماكن ,
وفراغُ المطاراتُ من حقائُبُ الذكرى كُل ذلك يجعلنا ننسى من نكون , إذا أننا لم نكنّ نعرفُ من نكون الا حينما كُان ظلنا يُزاحم ظُل أجسادهم
خوفاً من أن يفتقدهم ويَمضي العمر وحيداً دونهم !
_ نحنُ حينما نُفرط في الاهتمام بكل الأشياء التي نشعر بانتماء عظيم يجمعنا بها , وحينما نتقاعس عن فعل أي شيء دُون أن نحتميْ بظلها ,
فإننا نُطعمنا من علقم العجز مايكفي لأن نستنزفُ الباقي من عمرنا في اصلاح ماشاختُ بَه الخطوات المعوجة والتي لم نكن نُدركَ وقعها المؤلم
فينا آنفاً !
_ المسافات الكبيرة التي تفصلنا عن شظايا وصالهم تُعمق حبهم بنا أكثر !
_ ولأننا نخشى أن يتفاقم العتاب فينا فَنقسو عليهم ان عادوا للوطن يوماً نجدنا
نسرق اللحظات لندون لهم الاعذار التي لا تبور !
_كل مايلزمنا الآن أن نقبل جبين الذاكرة للمرة الأخيرة وَنُودع الذكرياتُ المتزاحمة فيها ثم نقذفَ بذاكرتنا في وجه الريح
حتى تعود إلينا فارغة ونعود نحنُ كما لو أننا للتو وجَهنا ملامحنا نحو السماء !
* ضـوء :
نحنُ نُدرك أننا لا نحسن تشكيل ذاكرتنا كما نريد نحن !
وندرك كذلك أننا نعيش في فوضى أُمنيات لا يُمكنها أن تختزل كل شيء ينبض فينا !
لكننا ورغما عن ذلك نُطبطب على جراحنا القديمة بَهمساتِ تُحتمي بظل النسيان !
اذ أنه ليس بوسع الحياة أن تهدينا خياراً ثانياً ..؟
وليدة لحظة ...)
سارة القحطاني