عينُ اللهِ تحرُسها !
حين ركنت سيارتها في مكانها المخصص و ترجلت منها قاصدة الممشى الرياضي كانت عيناه تراقبان كل حركة تأتي بها ، ثم لا تأتِيان هما بحركة سوى التتبع ! كان جالساً على أحد كراسي الإستراحة المصممة في قلب الممشى حين كانت عيناه تتبعها خطوة خطوة حتى إذا ما مرت من أمامه بهيأتها قليلة الجاذبية، بعينين ذواتي بريقٍ يخيل للناظر إليها من بُعد أن اتقادها بشغف لا يكاد ينطفئ ، بملامح وجهها الهادئ الناعم القريبة لملامح طفلة حزينة منها لملامح امرأة ناضجة ، و بجسدها الممشوق الذي يكاد يضحك سخرية من العباءة الفضفاضة التي تلفه ثم لا تخفي جاذبيته إن عاكس الهواء رغبتها ، و خصلتي شعر تجاوزن حدود غطاء رأسها و سقطن بتبعثر على جبهتها و وجنيتها برفق و دون تكلف ، انتفض يلحق بها و كأن لسعة ما بعثت بنبضة كهربائية إلى قلبه الخامل فانتفض نشِطاً !
بلباسه الرياضي و قده المعتدل المتمحور حول منكبين عريضين و صدرٍ رياضي بارز و زندين تحتقن بهما عضلاتٌ ضخمة ، بعطره النفاذ و تسريحة شعره الجميلة ، بمظهره العام الفاتن جداً كان يتبعها ..
أحست بالمتقدم نحوها من خلفها ، فأخذت تغذ خطاها نحو الأمام ، و كلما زادت اتساع خطوتها كلما فعل هو الشيء ذاته ، حتى إذا ما لحق بها و أصبح على خط سيرٍ موازٍ لها ، بدأ يلتفت إليها ، يلوح بيديه لها ، يحاول أن يهمس لها بكلمة ، و لكنه لم يفلح فعيناها لم تبرحا خط الأفق و أفلحت بذلك في سبر غور نفسه .. اقترب منها ، و بدأ عطره يغازل أنفاسها ، أخذت تتنفس بعمق دون أن تلتفت ، فتن عطره الممزوج برائحة جسده رئتيها فأحست بوجل شديد ، اقترب أكثر فأسرعت و أحنت رأسها تنظر إلى الأرض لألا يشاغب بصره مد بصرها فتنساق إليه . ازدادت دقات قلبها حتى كاد أن يلهث تعباً و خوفاً .. استمر لعشر دقائق يلحق بها ، و ما أن يئس خطى بسرعة أكبر من سرعتها ، و ابتعد عنها بمسافة مترين تحديداً ثم توقف و استدار واقفاً لها بالمرصاد وجهاً لوجه ، و كأنه يقول لها : توقفي و أنظري إليَّ ! أكملت سيرها نحوه حتى كادت أن تتعثر برغم أن خيطي حذائها كانا معقودين بقوة ، و عندما لم يكن من مسافة بينهما سوى نصف متر حولت مسارها إلى اليمين قليلا ثم أكملت إلى الأمام متجاوزة إياه !
تملكه الغضب ، و أخذت بنات أفكاره الشيطانية بالإجتماع حول نار غضبه في رأسه ، عاد إلى مجلسه مطأطئً رأسه يدرس خططه و يرتب أفكاره ، غرق فيها لدقائق معدودة و حين رفع رأسه كانت سيارتها قد انعطفت مع المنحنى و غابت عن ناظريه !
كان كل واحد منهما يعمل بنيته ، و كانت عين الله تنظرهما ، ترصد تحركاته و تحرسها ......!