كَمْ غَريب أنَّك تَبدو كَما أنت في عَينك ولا تَكون قَد فَهمت ذاتَ وُجودِك سوى أنَّك على درايَة بحجم خِلقَتك التي تأسِرُ نَجواك وأنتَ لا تَعلم , تَبتَسُمُ لما لا تَعلَمه بغيَة الفِطرَة السَّمحى في إرتِحالِكَ العَيش , تَسوق كاحِليكَ بمسؤوليَّة أن تَتَحرَّك والطُّرق مُباحَة في عَينِ بَصيرَتك ولا أشواكُ قَهرٍ تَلطَخ جَسدَك بدَكٍّ مَريد , تَعلم يا أنتْ مُعجِزاتِكَ اللاخالِدَة تُمنّيها الأمانيّ وتَقولُ فيها ما يُتبَاهى بصغرِه رغم عَفويَّتك , تستقرُّ وتَخلُد في عُمقِ أحداثِك التي واللُّه أعلم بِها, ما عَهِدتَها كَما تُريد , إنَّما مَفهوم الحَياةِ مِن يُقنِعُكَ بوجودِها غَصبا ً لأنَّ يَديكَ مَن اقتَرفَ ذاتِ التَّناوش والعَجب , ونَستَغربُ فينا الحينَ والأين ولا لَذَّة نَتجرَّعُها ليستَقيمَ مَنالُنا بل لَذَّة الحِرمان أدهَى جِباهَنا في وَقت الغَفوة الأبديَّة في حلم الحَياة , أستَعجِبُ جِدّا ً مِن كَون الطّاقاتِ البَشريَّة تَخمِدُ على أقلِّ نَزوة إمتِلاكٍ غَريبَة في داخلِ الفؤاد , كأنَّنا غارِقينَ في بَحر مُدهِشُ الإغواء ونَحتاجُ قَشَّة كَي تُنقِذَنا مِن أنفُسنا ونَحنُ نُحبُّها وتَفعلُ الأمرّين في رَوعِنا , أكادُ أنشقُّ نِصفين على سَواحِل بَشريَّة ما عَلِمتُ لَها سَوى كَبت روح تُرمَى بداخِلها وما عَلمت لَها سوى صَفعٌ على أجندَة البَدن والفِكر , وهاهيَ يديَ تَطرقُ جَبينَ الرَّأس وتَحثُّ الأصابِعَ على الكِتابَة التي لا أعلم لِمَ أدشِّنُها في عالَمٍ لا مَحسوس , لا أعلمُ لِمَ أنثُرُها على مَرأى النّاظرين وهيَ تَقولُ كلَّ شَيء يفصِّلُ الماهيَّة الأساسيَّة لبرودَة هُمومِنا , تَخلقُ لَك في نَفسِكَ مَسارِح كَثيرَة تَكون بَطلَها وميُّتُها وأوقاتَها المَنسيَّة وأشخاصَها الزّائِفين في أوحد نَفس , تقصُّ قَصَصَ دُنياكَ برِفعَة الأطفال المُقشِّرينَ حالَ وِلادَتهم ببكاءٍ مَغموسُ الطَّهارَة
والإلهُ فيكَ قَريبٌ أعظَم ما يَنبغي لَك , وأنت لا تَزالُ تَبكِ دونِ عِلمٍ لحاجَة البُكاء , سُبحانه الإله كَيف يَنضُجُ المَرء في وَعكَاتِه وتَصوُّراتِه وكَيف يَميلُ على ظِلِّ سُكناه حيَن يتقاسَم الحياةَ مَع آخر , لتعلم أنَّك في نَقصِ مُستَواكَ تَدور باحِثا ً عَن ما يُكمِّلُك باحِثا ً عَن مَن يَشرَحك وأنت َ في دَورانِ عقلك , والرؤى تَحفُّكَ وتَحفُّك مِن كلِّ جانِب وتُرمَى الأحلام في كلّ رَصيفٍ رَغبته مأوى , فَقطْ حينَ تُغمِضُ عينيكَ على الفِراش لتِنام تَرى أنَّك حَقَّقت تَعبا ً آنَ الأوان للتَّخلصِ مِنه ولو للحظات ولا تَتوقَّع أنَّك سَتتعب ثانية حينَ تَفيق , ولأسَف نَقصِك تَظلُّ في إنشِغال التَّعب لتَتَّضح رؤية المَوت وَتُريكَ مَنصِبَ الأمكِنة التي قَد تَحضُرها بغيَة لـ مَوعدٍ يَجيء .