سأبدأ مِنْ المدخل ؛.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الذيبان
إذا كان المثقف لا يعمل إلا في مجتمع يؤمن بالفرد و المجتمع يحتاج المثقف ليعزز دور الفرد . متى نستطيع أن نكسر هذه الحلقة و من أين نبدأ.
قبل أن نقارب الموضوع علينا أن نتفق على بعض المسلمات أو لنقل تعريف بعض المصطلحات.
إذا كنا نتحدث عن ثقافتنا و مثقفنا و المجتمع و السلطة فعلينا ان نحدد هذه الحدود كخطوة سابقة على المقاربة.
|
وفقاً لهذا المدخل فأننا نسلّم بأنَّ المجتمع هذا يضمن الأهليّة للفرد من الناحية الفكرية و العقلية والتحليلة ، دون أن يفرض عنجهيته الجماعية لتكميم الفردية الإيجابية
بالتأكيد أن المجتمع الذي يرحّب بالفردية و يسأل منها جهوداً لتعزيز دور الفرد في المجتمع أنه مجتمع متصالح مع نفسه ، و لكن المجتمع الذي يرفض الفردية بحجة " من شذ شذ فهو بالنار "
لتتكدس الجماعية بكل أريحية لتفعّل خُطى الفرد لأنه بمنظورهم فرداً من هذه الجماعة ...
جميلٌ جداً لو تحدد المسلمّات أو المصطلحات التي تحصر كينونة الثقافة و المثقف و السلطة و الخطاب الإسلاموي و المتحرر الآخر في التأثير على المثقف ...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الذيبان
يرتبط المثقف عندنا بالنص. فالحقيقة عندنا هي معطاة داخل النص . إنها حقيقة لغوية ملقاة من علٍ. هنا يصبح المثقف هو من يمتلك هذا النص ومن يتماها معه
يتبين لنا بأن المثقف يتماها مع رجل الدين و هذا قد يجد معارضة شديدة و لكن نحن لا نقول بعلاقة مباشرة بين المثقف و النص
|
أجد بأن المثقف أو دعنا نقول الكاتب لأننا قد نختلف في تعريف المثقف .. الكاتب يفقد صلته بالنص عندما يُدرجه بحقائق عامة متفق عليها كإحصائيات معينّة أو تجربة ذات براهين و قياسات معينة
فالكاتب هنا يسعى جاهداً لأن يتماهى مع النص بذاتية ضئيلة جداً لأن الموضوعية تطغى إذ أنه ساق حقائق جامدة مكونة من بيانات و أدلة لا تستوعب أناقة لغته أو فصاحة ألفاظه ..
و الكاتب البارع هو الذي يوازن بين الذاتية و الموضوعية و أن مال للذاتية لكان أكثر في الإبتكار و لكن بعض المجالات تستدعي الموضوعية لضرورة السياق ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الذيبان
نحن هنا نتكلم عن قبول المثقف و بنية خطابة فهو محكوم بأن لا يخرج عن سقف النص. وليس له الحق في أن يكتشف الحقيقة خارج النص دون قيد أو شرط
و لنا في تاريخ المثقف العربي خير مثال. فلا يوجد عالم ذا شأن أو فيلسوف في التاريخ الإسلامي لم يشتغل في النص الديني أو يحاول التوفيق بين الحقيقة الإنسانية و النص. و لا ننسى مقولة " الحق لا يعارض الحق" في إشارة في أن الفلسفة أو الحكمة كما قال أسلافنا لا تعارض النص الديني. حتى داخل هذا النص نجد إشارات بأن الحقيقة هي حقيقة لغوية فمثلاً " وعلم آدم الأسماء كلها/ فالعلم " بما هو إدراك للحقيقة" هو في إدراك المسمى
أن تعرف شيء هو أن تعرف وجوده اللغوي وهذا ليس مقتصر على ما توحي به الآية
بل أن أرسطو يقول مالا يوجد في اللغة ليس له وجود
|
المثقف ـ لا الكاتب العادي أعني المثقف المؤهل ـ هو الذي عندما يكتب يروّض كل الإستفهامات و يتبعها بإجابات تنتهي بأسئلة لا إجابات جامدة ! إذ أنَّ الكاتب الذي يورد الأسئلة المنتهية باجابات يغتال قدرته على الإستنباط و تسأم يقظات القارئ من جموده
و السبب يعود لـ"ديمومة" الحاجة في نفس القارئ للإستنباط و التحليل ..عندما يلتحف الكاتب الجمود و يكتفي بظاهرية النصوص التي تتكون من ثمانية و عشرين حرفاً فقط ـ إن تطرق لها ظاهر نصوصه كلها ـ فبالكاد أنه يغتال التحليل و حب الإستنباط ذاك ، التفسير مطلوب و التأويل لابد منه و القرآن الكريم ساق لنا آيات كثيرة أتت بظاهر قول بينما تفاجأ عندما تُدرك أن تفسير الآية كما فسرّه الرسول صلى الله عليه و سلم ـ لا العلماء المجتهدون ـ يحوي من الحقائق و الخفايا مالا قد يخطر على بال بشر .. لذا نقول أن علاقة الأديب أو الكاتب أو المثقف بنسيج النص علاقة طردية تكبر كلما أتقن الكاتب حياكة النسيج من كل النواحي .. و قول أرسطو هنا أيضاً لا يُلتقط كقول سطحي ظاهري بل له من الخفايا مائة معنى أو يزيدون ..مالا يوجد في اللغه هو مالم يبتكره المرء حتى الآن ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الذيبان
أي أن اللغة تتضمن كل شيء أي أن اللغة تتضمن الوجود/ بل أن الإنسان القديم آمن بقوة اللغة فالاسم له تأثير على حاملة وهنا يتضح دور السحر في العالم القديم
و ما أن يجد الإنسان القديم نبته لها ثمرة تشبه عضو بشري حتى سماها باسم العضو و آمن بأنها تشفي الأمراض التي تصيب ذلك العضو
أن الكون يستعير بناءة من اللغة/ و حتى لا نطيل نرجع و نؤكد على دور النص في ثقافتنا فنحن بكل معنى الكلمة حضارة نص إذاً المثقف محكوم بأن ينتمي إلى النص أو يخضع له
من هنا نستطيع أن نعرف لما مثلاً الخطاب الثقافي السعودي لا يختلف عن الخطاب الديني؟ لأن المثقف السعودي لا يستطيع أن يبني خطاب مستقل
فهو لكي يكسب شرعيته كمثقف علية أن يستمدها من النص و تبعاً للنص. يقد يقول قائل بأن جعل جذر واحد للثقافة و الحضارة وهو النص ينفي الجدل الهيغلي أو حتى الماركسي و يجعل الثقافة نتيجة ميكانيكية للنص
|
أتعلم يا ماجد تذكرت دعوات الشكليون الروس و جماعات المدارس الشكلية التي ظهرت بروسيا في وقت محاولة الربط بين نسيج النص و تشكيله المُساق .. علاقة تفكير المرء باللغة أيضاً قد تندرج ضمن النص الذي يكتبه
و لنظريات نعوم تشومسكي التوليدية و اللسانية مداخل كثيرة في هذا الإطار ..اللغة هي أساس العلم و الفكر و التحليل و السؤال الذي يبقى قال ديكارت " أنا أفكر إذن أنا موجود " يعني التفكير سابق للغة هُنا ...
؟
التفكير يسبق ماهية اللغة لأننا بالتفكير وصلنا للغة وَ رسم حروفها و إختراع البنوية و التفكيكية و النحوية و و و ..
عندما نتحدث عن المثقف السعودي فالوعاء يتسع و قد يشمل العديد و العديد و لكن الأولوية لدينا لحملة ألوية العلم الشرعي و لا تنصدم عندما تجد من يحصر العلم فقط و الثقافة فقط بالعلم الشرعي دون غيره حتى ليطلق وصف طالب العلم على الطالب بالشريعة و السائل لتبيلغ الدعوة فقط بينما لا يوصف به طالب الرياضيات أو الفيزياء أو الأدب .. لأنه القادر على التفسير و التأويل و الإفتاء و إدراك ماهية اللغة تماماً بدء من الاغريق و مرورا بالبابليين الآشوريين و السومرييين و الفراعنة و الرومان و و و ..
أعجبني حصرك للمثقف السعودي بأنه مطالب بشرعنة مرجعية علاقته بالنص بمدى شريعته التي يطالب بأن يستنبطها من النص الكانس لكل الصراعات و التناقضات التي تكفلها الجدلية الهيجلية أو الإشتراكية الآخرى ..
يبدو يا ماجد أن لدينا خصوصية من نوع آخر حتى هنا
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الذيبان
نخلص من هذا أن ميدان المثقف هو اللغة و النص و هل هناك دليل مبدأي على صحة هذا القول من أن كلمة "مثقف" دائماً تحرك فينا صورة الشاعر أو الروائي أو الخطيب أو الأديب أو كل هؤلاء جميعاً
أي أن كلمة مثقف اصبحت توحي لنا بأننا نتحدث عن شخص يشتغل في اللغة و يبدع فيها أو يبني عليها دوره
|
تعني من يشتغل بأناقة اللغة و يضمن صحتها النحوية و الهجائية ، بيننا العديد ممن يتقنون هذا الفن و لكن محتوى فكرهم خاوي جداً أو ربما مكرر و مستهلك بصورة تنفر منه القراءة ..
لا نختلف على أن المثقف لابد و أن يكون ملماً بقوانين اللغة التي يكتب بها أياً كانت ، و لكن في المقابل فهذا ليس كافياً إذ أن النضج المعرفي و التحليلي الفلسفي لابد و أن يحضر أيضاً ، يقول احد الزملاء أنَّ النحو و التشبيه و الهجاء ليس شرطاً لإيصال فكرة معينة بقدر ما يهم وضوح الفكرة و سلاستها ، نعم تهمنا الفكرة و القدرة على إلتقاطها و لكن في المقابل فإن النسيج اللغوي إذا ما كان رشيقاً صحيحاً فأنه يعكس خلفية صاحبه الثقافية .. فلابد من التوزان بين الأناقة بنسيج اللغة و الأناقة بالفكر و العقلانية ..
و لا لأن نقول أن المثقف من ينحصر بأناقة اللغة مع خواء فكره ، أو من يشتغل على تميز الفكرى مع خواء نسيج نصه من صحيح النحو و الهجاء ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد الذيبان
الواجب متضمن في النص. هل هذا يعني أن المجتمع الإسلامي كان طيلة مراحله التاريخية نتيجة لهذه الفرضية؟ طبعاً لا ولكن هذا التصور يلعب دور موهم في فهمنا لحقيقة وجودنا كمجتمع.
( كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) إلا نجد هنا ربط بين خروجنا كأمة و دور منوط بنا؟ أي أن واجباً هو ما يدعونا للتجمع لا أن تجمعنا هو نتيجة إرادة حرة كما تقول النظرة الطبيعية في فرنسا مثلاً؟ [/color]
|