خواطر من حرِّ نارِ الهوى تغلو
*
(4- لماذا تخلَّيتِ عنِّي )
-
ولمَّا تمشَّيتُ بصحراءِ حياتي ، لابساً نعلين ؛ نفسي والهوى ؛
وهائماً على وجهِ أحلامي ، ورافعاً كفَّ ودِّي وانشغالي ؛
إذ شاهدتُ من جانبِ العشق نارا ....
فأوجستُ في صدري خيفةً ،
وحاصرَ فِكْرىَّ الفضول ،
فتركتُ ركْبي ،
وذهبتُ إليهِا علَّني أجدُ هُدايَّ ،
وما إن وصلتُ حتَّى ناداني مُنادي أن اخلع نعليك وتقرَّب ،
وقرَّبني وأدناني ،
وألهمني وعلَّقني وناجاني ،
وما تلك بيمينك قل لي ؛
فصحتٌ بأنَّها عصي حُبِّي ؛ أتوكأ عليها ،
وأهشُّ بها على شغفي ،
ولىَّ فيها أمانىَّ أخري،
فكوني بالقربِ ولا تقنطي من روحِ الهوى .
-
لا أدري ما الذي يفترضُ أن أقوله على التحقيق ؟
ولا أدري هل يُمكنُني إغلاقُ عيني عليكِ والتفرُّدِ بك بمدينةِ أحلامي ؟
ولا أدرى هل سيكونُ لي فيكِ نصيبٌ أم أنَّني دوما ًوأبداً خارج حدودِ الخير ،
وما لي لدنياكِ من طريق؟
-
لماذا بكِ تعلَّقت ، صدِّقيني ،" لا أعرف" .
لماذا بكِ انشغلت ، أرجوكِ أن تُصدِّقيني إن قلتُ لكِ "لا أعرف" .
لماذا ابحثُ عنكِ وأنتِ بالذات وأُشغل عقلي وبالي ؛
أرجوك ألاَّ تُكذِّبيني إن قلتُ لكِ " لا أعرف".
ولكنِّي لستُ هكذاً مُغيَّباً عن حسِّي ،
ولا جاهلاً بتأويل أفعالي وبديع قبسي ،
وإنَّما أعرفُ شيئاً واحدا ؛
هو أنَّني بحثتُ طويلاً عن أشياء ،
وفتشتُ طويلاً عن أشياء ،
ورهنتُ أثاث بيت شِعري ،
وخلعتُ عِذارى وأذعتُ سرِّي ،
ما هي هذه الأشياء ؟ " لا أعرف "
ما طبيعتها ؟ كذلك " لا أعرف" ،
لكنِّك حين هبطتِ علىَّ من حيثُ لا أدري ،
نسيتُ نفسي أنا ونسيتُ الأشياء .
فلا تشعري بالذنبِ إن وجدتني بحياتك ،
فلا الخيانةُ من طبعكِ ،
ولستُ أنا بيوسفِ الصدِّيق .
لكنِّني رُغم هذا ،
لا زلتُ ....
أفرشُ لكِ خدِّي ،
وأجهِّزُ لكِ ورد أشعاري وترانيمُ وجدي ،
وأنحني لديكِ وأرمى بيديكِ جميعَ ما عندي ،
ولستُ أدري لماذا ؟.
أعلمُ أنَّهُ ليس لي فيكِ حق ،
ولكنِّني لستُ قانطاً ،
ولن أعبث بوجهِ القدر ،
فيكفيني أن تمنحيني أشياء أكبر منِّي ،
وتُهذِّبي أخلاقي ،
وتنمِّي مشاعري ،
وتملئي أوراقي ،
وتُرتِّبي دفاتري،
ويكفيني أن تمُنِّي على بنظرةِ عطفٍ كانت أو حنان ،
أو غيرةٍ أو نظرة راحةٍ واطمئنان ،
فيكفيني أن تظلَّ عينيكِ تحرساني طول الوقت ،
ونبضُ روحك يُقبِّل أنفاسي دونِ كللٍ دون مللٍ دون كبت ،
كبيرةٌ أنت في عينِ نفسي ،
مثيرةٌ أنتِ في عينِ روحي ،
لكن سألتُكِ ألاَّ تنسي بأنَّك أنتِ عينُ قلبي .
*
عمُّوري
2010