* "شبّاكنا ستايره حرير"
"وجدار من طين وحصير"
كثيرا مايقولون أن الرواية هي نتاج الذاكرة وكإبداع أدبيّ طبيعيّ أن تكون للذاكرة نصيب من الشعر ومالفت الإنتباه في مقطع أغنية شادية هو قول البدر في أحد لقاءاته بأنّه كان معجبا بأغانيها وسواءً سمع البدر المقطع قبل أو بعد أن كتب المقطع الثاني فإن البساطة في وصف المكان كانت متشابهة تلك البساطة التي ألفناها في أغاني شادية وغيرها ,وان كان البدر يكتب الشعر النابع من الخيال وان لم يكن واقعيّ فإنّه سواءً بقصد أو من غير قصد ملأ مقاطعه من ذاكرته كما يفعل الراوي بروايته قد نجد البدرفي موقف حصل فعلا يتذكّره في أحد المقاطع كما أنّنا قد نجد فيكتور هوغو موجودا في روايته البؤسا ولو من دون قصده فقد رأينا كثيرا في شخصيّة الشاب "ماريوس" كان يتخيّل نفسه هو هوغو الذي كان يحمل افكارا ثوريّة ولم يشارك بها بل شارك ماريوس بها نيابة عنه كذلك كان البيت الذي ربّما تخيّل البدر وجوده فيه وهو يسمع لشاديه شادية التي كانت كلمات أغانيها بسيطة وقريبة في ألفاظها وبعيدة وعميقة في أحلامها
*
"بردان أنا تكفى أبحترق بادفى"
وإن رحل البدر بعيدا بخياله فإنّه لن يبتعد عن ذاكرته كذلك سنجد الذاكرة تفوح وإن لم نعرف في أيّ مقطع إلا أنّها قد تكون في في المقاطع المتكرّره في النصّ التفعيليّ الواحد وكأنّ التكرار تكرار لأغنية ما وكأن البدر يغنّي وهو يكتب الشعر كما في أغلب الكلمات التي غنّتها شادية أو وجدت بالأغاني القديمة المصريّة حيث كانت هنالك كلمة تتدلّى في الكثير من المقاطع كان البدر يكتب النصّ التفعيلي وفيه بعض المقاطع التي تتكرّر وبشكلٍ تلقائيّ\غنائيّ إلحاح بالشعور شبيه بإلحاح المغنّي على الكلمات,ومن الطبيعي أن نعتقد بأن الذاكرة مليئة في نصوص أشبه بالقصّة والتي تحمل سيناريو معدّل من الخيال بتصرّف من بعد اذن الذاكرة نفسها
*
"حب يملالى فراغى ليل نهار
وساعتها هقول انت حبيبى انت حبيبى
فارس احلامى حبيب قلبى وحبيب ايامى
انا عايزه الناس يتكلموا عنك
ويشاوروا عليك ويخافوا منك
واسمع عنك الف مغامره والف حكايه
كل مغامره يكتبوا عنها الف روايه"
...
"ياللي اغلى من سنيني .. ناظريني .. ناظريني لين تحسدني العيون
وان حكوا حسادي فيني.. وقالوا انك تعشقيني .. آآآآآآه يا محلى السوالف والظنون.. ليتهم ما يسكتون"
قليلا مانتجرّد من ذاكرتنا وخاصة من تلك الأغاني التي سمعناها أو من بعض الكلمات والتي تشبه في أجناسها العديد من الكلمات الأخرى وتأتي من جديد في كتابتنا وفي حلّة جديدة تشبهنا أكثر,الشعر وان تجرّد من الوافع لن يفقد بريقه إلا إذا جرّدناه من ذاكرتنا وقد تكون تلك الذاكرة عبارة عن نغمات أغاني سابقة وربّما أثناء سماعنا انتابنا شعورٌ معيّن يشبه كثيرا في _بصمته الداخليّة_ ماكتب وسيكتب في أوراقنا اللاحقة,برأيي من الظلم أن يجرّد الشعر من الذاكرة وأن يكون الشعر مقيّدا بذاكرة اللغة في سبيل الصور والوصف على حساب الذاكرة والتي هي نحنُ ومعنا غيرنا ومن أجلنا وأجلهم نكتب شعرنا
*
البدر وصف من قبل محبّيه بأنّه مهندس الكلمة, إذا لكلّ محبّيه هل لكن أن تغنّوا كما غنّت شادية في أغنيتها (يامهندس هندس لي بيت ..)
"بدي منك بيت صغير
قد العمر وأيامه
بيت صغير وقلبه كبير
يسع للحب وأحلامه
وقدامه في ورد كتير
ونبعة ميه وعصافير
على نغمتهم بكير
اوعى آنه وحبيبي
وصبح وفجر وظهر وعصر
اليوم وبكرة وطول العمر
قوله بحبك ياحبيبي"
*
بالطبع لم تكن شادية ذاكرة البدر ولم أكتب عنها لاتحدّث مثلا عن تأثيرها بل بشكلٍ عام أتحدّث عن تأثير الأغاني التي سمعناها قديما ولاقت استحسان قلوبنا يقال بأنّ الإنسان قادر على تذكّر كلّ الأشياء بعمليّة ذهنيّة معيّنة إذ أنّ النسيان مؤقّت ولايدوم لكنّه قد يطول كثيرا ولذلك قد نجد حروفنا وكأنّها تترنّم بماقد أبهج قلوبنا في الماضي ولو من غير شعورنا باختصار هي الذاكرة أو الشعر الذي لم يخلو من الذاكر وبواسطة شادية ربّما استطعنا لمس شيءٍ من ذاكرة البدر وقد تتوافق بصماتها مع بصمات ذاكرتنا فنحسّ وكأنّنا كتبناها أو كتبت من أجلنا فعلا الشعر المليء بالذاكرة هو من يستحقّ البقاء في ذاكرتنا أكثر
_وهكذا نلتقي يوما في قصائد البدر_