نظرة دونية سحيقة ..
لاتجعلنا على حق حين نلوم الغير على الحقد ..!
[
الموقف ] :
مطعم ممتليء .. الطابع يمني .. الداخل والخارج .. على عجَل ..
الأطباق حين توضع على الطاولات .. فوّاحة .. شهية ..
والصراخ عالي .. من الأشقاء اليمنيين .. وإستنفار نشط ..
جُمَل تُدار من حولي وأنا جالس أنتظر إفطاري :
( عندك واحد شكشوكة سفرررري ) ..!
( اثنين ملوّح سينقل وبدون سمسم ) ..!
( طلبك ياعمنا ) ..!
( هلا بـ الشباب .. وش تطلبوا اليوم ) ..؟
( بالعافيه )
وإبتسامة جميلة لاتفارقهم .. رغم الإزدحام المتزايد .. من بعد صلاة الفجر ..!
المطعم هذا تحديدا ً .. كان في بدايته .. مجرد مطعم صغير ..
يحتوي على أربع طاولات .. فقط ..!
فكان خيار الطلب الـ (
سفري ) معتاد الحضور ..
أما اليوم ..
فقد إختلف الوضع بعد أن أقفل المطعم لفترة .. تمت فيها عملية التوسعة ..
الآن مساحته كبيرة .. و به قسم خاص للعصائر الطازجة ..
مساحة كافيه لإحتواء الأكثر .. بالتأكيد
أصبح الطلب .. محليا ً .. الآن
قبل أسبوع تقريبا ً .. قام اليمنييون بإستغلال الطابق العلوي ..
لـ إدخال وجبة الغداء .. بعد أن كان المطعم يقدم الفطور .. والعشاء فقط ..!
حيث أن المطعم يقفل بعد صلاة الظهر .. ويواصل العمل .. بعد صلاة المغرب ..
ويسعون لإستخراج تصريح .. بـ إمكانية تقديم وجبة الغداء ..
وممارسة الإبداع .. في تقديم أشهى المأكولات التي يختص بها اليمن السعيد ..
كل ذلك ذكرته فقط .. لـ تستشعروا معي قيمة العمل ..
وكمية الجهد المبذول .. من هؤلئك الرجال .. الـ ثمانية ..!
وأنا كـ عادتي أدعو لـ كل من أجتهد .. وتعب .. وشقى .. ونال آخيرا ً ..
أدعوا لهم دوما ً .. بالخير .. والتوفيق ..
فـ المنطقة التي أنا فيها حاليا ً .. شبه منعزلة ..!
وبدأت في النهوض .. لـ قيام مشاريع بترولية .. كبرى ..
ويبدو أنهم (
أي الأخوة اليمنييون ) يعرفون كيف يصلون آخيرا ً ..
فـ السوق الحالي .. لم تدخله المطاعم الكبرى ..
في المنطقة الغربية .. لـ تسحب المستهلكين منهم ..
وهم يستغلون الفرصة حسب إمكانياتهم البسيطة .. عفوا ً .. التي كانت بسيطة ..!
وأقتربوا من التوسّع الأخير .. وبداية حصد التعب .. بـ إقتدار
[
المشهد ]
اليوم كالعادة .. ذهبت إليه لـ أتناول فطوري ..
بدون أن أستعجل الطلب .. هم يستعجلون العمل ..!
ويرددون المفردات الجميلة .. والغير متكلفة ..
بروح ودودة .. رغم الإزعاج والطلبات المتكررة والمتزايدة من حولهم ..!
جلس أمامي شابان .. قضوا دقائق معدودة في التشاور .. حول الطلب ..
ثم حددوا الإختيار .. وحين أرادو تقديم الطلب .. وجدوا الشاب النحيل ..
بجوارهم مبتسما ً .. ينتظر معرفة مايريدون لـ يلبّي ..!
إنصرف بعد ذلك ..
وحضرت وجبتي .. وبدأت بإسم ربي .. وأكلت ..
الشابان .. نظراتهم كثيرة لمن حولهم ..
وضحكاتهم .. خاملة ..!
وصلت وجبة إفطارهم .. ولم تسكتهم ..!
فـ أستذكرت قول جدّتي أطال الله في عمرها .. ونحن أطفال لاتسكتنا الوجبة
[
الزاد يسكّت الـ ...... ] ..!!
قاموا بطلب (
ثنين حليب عدني ) .. ولم يسكتوا ..!
بعد أقل من دقيقة .. توقف أحدهم عن مواصلة الأكل ..
وبدأ يحدق طويلا ً .. وبعيون شاخصة .. وحاجبين مقطبين .. تجاه أحد العاملين ..
فـ أستغربت ذلك .. وساورني الشك أنه وجد بالأكل .. مايعيب .. الجودة
فـ توقفت مؤقتا ً .. وأستكملت إرتشاف الشاي ..
حتى أتيقن ..
فجأه صرخ : (
أقول ياابو يمن والله لو إنك تصنّع الحليب أمداك تخلص ) ..!
الرد من ذلك النحيل .. بـ تجاهل جميل .. (
واصل ياعمي واصل الحليب )
صاحبه لم يتوقف عن الأكل .. وهو لم يتوقف عن التحديق ..
والإزدحام يتزايد .. والطلبات تُسّلم ..
نهض الشاب .. كأن الموقف وصل حد الخطورة وماعاد لـ السكوت والصبر أي مجال ..
(
أقول فطورنا خلص .. والحليب ماجا للحين ) .. اليمني بإبتسامة .. يستقبله
ويلتفت من خلال الشباك لـ العاملين .. الذي لايتوقفون ..
ويكرر الطلب بإستسلام .. ومحاولة إرضاء ..
ويتم إعطاءه الطلب ..
وبـ نظرة إستغراب فيها من الخجل القليل .. عبرت بعيني على طاولتهم ..
لأجد أن الطعام مازال كما هو .. وليس كما أدعى ..
بل أقسم .. أن الحليب لم يأخذ أكثر من 3 دقائق .. إن تأخر كثيرا ً ..
وعلى غير العادة .. بالطبع
حين عاد للطاولة .. ذلك الشاب .. وجلس أمام صديقه ..
قام بترديد عبارات .. مشينة .. وبصوت ٍ عالي .. يذكر فيها أهل اليمن ..
وللأسف أن هناك عدد بسيط من العمالة اليمنية .. يتناولون الفطور ..
وقد وصلهم ماقاله بالتأكيد ..
كما وصل لمن قام بتوصيل الحليب إلى طاولته ..!
هذا البذيء الذي آتى للمطعم بـ بدلته الرياضية .. وأغلب الظن أنه لم ينم أصلا ً
هو وصاحبه الذي يلبس ثوب النوم .. وقام بما قام به ..
جعلني أحتار طويلا ً في التدخل .. ولو بالنصح .. إن لم يكن الإزدراء ..!
وأفسد علي اليوم كاملا ً .. من خلال هذا الصُبح المستفز ..!
أكملت إفطاري .. ونهضت ..
أتيت لـ أحاسب صاحب الوجه البشوش .. وأبادله إبتسامة خجل .. صادقة
قابلني فيها بإبتسامة .. إمتنان .. بيضاء
جعلتني أخرج وأنا أفكر .. في هذا الشخص ..
الذي ماكان ليستطيع العمل كما يعمل واحد ُ منهم ..
فضلا ً عن الغربة ..
والتعب ..
والكفاح ..
وفوق ذلك التحلي بالأخلاق الجميلة .. والإبتسامة النقيّة ..
كيف سيتعلم ..
أو يشعر ..
بأن الإزدراء .. لـ رجال يعملون .. ويتعبون .. وينجحون ..
هو إزدراء له .. وإساءة لـ موطنه .. وشعبه ..
وأعتقد جازما ً أنه ليس وحيدا ً ..
بل هناك عدد ليس بالقليل .. ربما (
موده ) في الصباح يجعله شبيها ً به ..
وبطريقة إستهتاره وغروره .. المخجلين ..
كيف الحل في التعامل مع هذه العقليات .. وهذه السلوكيات ..
كيف نريد أن نعلّمهم الإحترام .. ونحن نعلم أن هناك من يطلق النكتة منهم ..
على جاليات آخرى .. كـ اليمني والسوداني .. والمصري .. والهندي ..
وغيرهم .. من الرجال الذين كافحوا في الدنيا .. وأمتهنوا التعب ..
حتى وفروا لقمة العيش .. ونحن نأكل .. ونحاسب على الغير ..
ونزدري ..!!
والغريب ..
الغريب جدا ً ..
أن النكتة .. تضحكنا ..!!!
لذا ..
هل نستغرب أيضا ً أنهم يضحكون علينا .. بعد إزدرائنا ..
وبدون إلقاء نكتة ..!!
هذه الأمثلة هي السبب .. بالتأكيد
إذن ماهو الحل ..؟
عذرا ً هي كتابة .. أو فضفضة .. بلا إسلوب أو تنسيق .. لـ الحوار ..
أو طرح نقاط .. هو موقف حدث هذا الصباح .. ونرفزني ..
كتبت هذا الموضوع بعده بساعات .. حين وجدتني أمام المتصفح ..
الحدث صباح يوم ..
25 / 1 / 2009
وماأكثر التواريخ التي تحتوي أحداثا ً ..
مختلفة .. كلها تجعلنا .. في موقف محرج .. ومؤلم في ذات الوقت ..
كـ شعب .. يرفض العمل المتعب ..
ولايقدّر الرجال التي تعمل .. في سبيل لقمة عيش شريفة ..
دمتم بخير ,,
.