من الصعب أن نقتنع بسهولة..لماذا.؟!!!
ينقسم المجتمع بمن يقطن به من البشر إلى فئات متعددة فمنها الفئات المتعلمة ومنها الفئات الغير متعلمة ومنهم المثقفون ذوي المستويات العالية , وحينما تصدر نظرية ما وتكتشف من عالم لابد أن يبرهن تلك النظرية ببراهين توضّح للعالم صِدْق حصولها وثباتها ,كإثبات دوران الأرض والجاذبية الأرضية وغيرها من تلك النظريات التي صعبت على الناس تصديقها في أول اكتشافها, والسبب أنها نظريات تحتاج إلى وسائل معقدة ووقت أطول كي يستوعبها الناس في ذلك الوقت.
ولكن دعنا من النظريات المعقدة, ولندخل إلى أبسط الأمور التي نعيشها في حياتنا اليومية والخبرات الحياتية التي تمر علينا, ومن تلك الأمور التي نعيشها وعاشها من قبلنا الأجداد والحكماء حيث قال النبي المصطفى:
(لا حكيم إلاّ ذو تجربة ) والحكيم بحياتنا هو الإنسان الذي مرّ بتجارب الحياة وليس ذوي العشرين من العمر.
حينما تُطرح فِكْرة ما على مجموعة معيّنة فمن الصعب أن يقتنع الجميع, والجميع هنا هم " تلك الفئات التي ذكرناها سابقاً", ودعنا نطرح ذلك التساؤل لما يرفض البعض والبعض الآخر محايد والقليل قبِلَ بالفكرة ؟؟ أيضاً حينما نعطي لشخص معيّن حلاًّ لـمشكلة معيّنة فإنه قد يرفضها أو بطريقة ما سيرفضها من كان بقربه أو حوله.
ما أتحدث عنه هو القرار السريع والمستعجل في صدوره, وهو الذي يوقعنا في تلك الحُفر المعقّدة, دون النظر أساساً لذلك الحل وتلك الفكرة , يقول فرنسيس بايكون (الاختبار أفضل برهان ) فلما لا نتأنّى ففي العجلة الندامة ولما لا نأخذ بآراء الحكماء وآراء ذوي الحكمة , فأصحاب الحكمة والعقل هم ذو خبرات حياتية واسعة يقول المنتصر (وأن كمال العقل طول التجارب ) .
لابد أن نأخذ الفكرة ونعمل بها ونختبرها برأيي عن قناعة " أولى " وجزئية كما يقال (من عمل بالرأي غنم ومن نظر في العواقب سلم ) ثم ننتظر حصادها المزروع والذي عملنا به ,شريطة أن نعمل بها عن تقانة فالبئر التي تشرب منها من الكِبر أن ترمي بها حجرا فالإتقان أساس الحصاد الناجح , بعد ذلك ننتظر سريان مفعولها إلى أن تبشر وتنتج ثمارها , و هنا لابد أن نحكم أيضا على النتيجة بأنواعها السلبي والإيجابي حسب الأسباب فقد تكون سلبية والأسباب هو نقص في إنجاز مهمة معينة وقد تكون إيجابية ولكن ليست كما خطط لها .
يقول كورناي (قم بواجباتك ودع الأقدار تعمل عملها) حقا علينا أن نصنع الأسباب دون الاعتراض للأقدار , وهنا نداء لجيل الشباب الباحثين عن العمل فالعمل مسالة أرزاق ومن لم يسعى له فلن تمطر السماء له رِزْقا , فَمَنْ جَدّ وَجَدْ , وحينما تعطي وتبني فكره لشاب كمشروع ومؤسسة فأنه قد يرفضه دون أسباب ودون أن يقتنع, وسنصنف أنواع معينه وأمثلة لكي نوضح مسألة صعوبة الاقتناع فهناك أصناف " متعلمة ’ ومثقفة " لا تقبل أحيانا أراء الأدنى منها حسب ما يعتقدون ولن يغيروا رأيهم وهم كما صنفهم العرب سابقا في مقوله مشهورة (الأحمق لا يغير رأيه أبداً ) وقد يكون الغرور أعمى بصيرتهم فأصبحوا لا يرون سوى فِكْرهم وهو نوع من الكبرياء فيقول هيرودوتس (الكبرياء هي حصّة الحمقى ) حقا قد نستعجب من تلك الحكم ولكن أصبحت أؤمن بها بسبب خبرة هذه الأسماء في الحياة ولابد قبل أن تؤمن في فكرة معينه أن نقتنع بما أتى بها من قول يقبله الفكر.
وإذا صنفنا ذلك الشاب الذي رفض ذلك الطبق الجاهز من فكرة قد تكون سبباً لتغير حياته للأفضل أو تعينه أو تعلمه فهو لا شك أنه قد وضع الفشل نصب عيناه قبل كل شي, فالفشل وحده تجربه ويقول ارنست همنغواي (إذا عرفنا كيف فشلنا نفهم كيف ننجح) وحقا أن ثمار النجاح لا تأتي إلا بالتخطيط السليم , وذلك الشاب نسى أن الأرزاق هي لله وحده فما علينا الإ أن نعمل كما قال كورناي (قم بواجباتك ودع الأقدار تعمل عملها) فالفشل والتجربة ليست من العيوب ولكن العيب أن نبقى على جهلنا وعلى نقص خبرتنا وفي مقولة مشهورة لـ وليم بيدجوت (من الخير ألا يكون لنا عيوب ومن الشر ألا يكون لنا تجارب) فالتجربة ستقطع المسافة على خطاك وقد تبين لك ما لم تضع له في الحسبان.
خير وسيلة البرهان والبرهان قد نقول قسمان إما أن يكون بالحجج والأمثلة أو أن يكون الشخص على قدر البرهان ذاته فتجربته الحياتية قد تكون واسعة وحينما يحكي ويقرر لابد أنه قد حسب لما قاله , ولا بد أن نستمع وأن نتيح للآخرين المجال وفي النهاية أنت قد كسبت فكره ورأي فأنت حر إن اقتنعت مع ذاتك أن تعمل بذلك الرأي فأنت الكاسب فالتجربة درس والفكرة كما ذكرنا سابقا لابد أن نقتنع بصلاحيتها مع نفسك وتدرسها من كل النواحي بتخطيط دون أن تهملها وتهمل صاحبها .
وأخيراً لابد أن نعلم أن الإنسان مهما حاول في أن يصنع فكرة قد تعرضك للفشل لن ينجح لأن الله وعد الإنسان وكان مع المخلصين, فإن أخلصت النية نجحت وإن أفسدتها فسدت.
للكاتب : رضوان الهاشمي
م2008\08\22