مسودة: مدونة شخصية : " مساحات "

[بعد الليل]

البَعْض يَجعَل عَالمَنا أجْمَل
والبَعْض غِيَابه مَوتْ وحُضورَه حَيَاه
والبَعْض يُتَرجِم الصَمتْ يَسْكُنُنا باحْتِواء
والبَعْض .. كُل هَذَا وأكْثَر
والبَعْض يُغَادْر كالمَاء يَنْسَاب من بَين أصَابِعِنا .. ونَعْجَز
كُلُهُم
يَأتُون .. يُغَادِرون
يَجْعَلون مِسَاحَاتِنا بِنَا / لنَا / مِنْهُم



هُنا سَأضعُ بَعضَ مِسَاحَاتٍ .. مِني
لتَكونَ .. لَهُم

 

[بعد الليل]

*

بَعْثَرة


وَقَفتْ هُنَاك تَسْتَجْدي حُرُوفِي
للحُضُور
الاسْتِجْداء فعِلٌ رَاقِي
عِنْدمَا يَقُومْ بِهِ الكِرَام ليَحْتَوُوا بَعْضَهُم المُتَناثِر منْهُم
وَقْتَ بَعثَرة

قَالتْ لِي:
اعْتَني بِكِ
لَم تَكُنْ تَدرِي أنَهُ لَمْ يَبقَى مِنِــ .. ـي شَئ
يَسْتَحقْ الاعْتِناء

الاعْتِنَاء
فِي احْتِضَانِ الشَمسْ لابْتسَامَة صَبَاح طُفُولَتي
وفي احْتِواء البَحِر لهُمُومْ غُربَتي
وُدٌ عَرفْتُهُ في ابْتسَامَة أُمِي
رَغْمَ التَعَبْ / الهَمْ / الألَم
بَقِيتْ تُهدِينَا هَذهِ الابْتِسَامة
اعْتِناءً بأرْواحِنا
لنَكْبر حُبًا

اخْبِرينِي
دُونَ اعْتِناء .. وبِلا اسْتِجْدَاء
وفِي غِيَابْ الاحْتِواء
كَيفَ يَكُونْ الغِيَاب أو الاسْتِغْبَاء
كَيفَ نَتَظاهَر بِغَيرِنا عِنْدَما نَكُونْ نَحْنُ
كَيفَ نَرسُمُنا بِلا مَلامِح وصُورُنا هِيّ الأجْمَل
كَيفَ نُهدِي النَوى عِنْدَما تَكُونْ النَخِيلُ عَامِرةً بالرُطَب
وكَيفَ أصْبحُ غَبيَةً واسْتَغبِي الأغْبِياء



15 ديسمبر 2006

* No Clue : Julie Carter

 

[بعد الليل]

فَقدْ

الرَمَد .. بَياضُ حُزْن
لـِـ .. غَائبٍ لَنْ يَمُر مِنْ هُنا

تَكَورَتْ كَـ .. جَنِينْ لَمْ يَرى النُورْ بَعْد
أغْلقَتْ عَيْنَاهَا مُرَدِدَةً:
تَتَرمَدْ العُيُونْ .. بِلا إيَاكَ
تَمُدُهَا خَالِيَةً .. يَدَها
لتُمْسِكْ بِالفَرَاغ
تَتَكَورْ أكْثَر كَأنَها قَوسٌ يَحْتَضنُ سَهْمَــ .. ـه
تَتنَفسُها زَفْرَةً
تَقُول لِلــ .. فََقْد:
بَخِيلَةٌ هِيّ الأحْزَانْ
بِلا مَطَر
تَسْمَعُــ ..ـهُ يُرَدِد:
لِقَاؤُنا مَطَر
تَتَكَورْ تَتَكورْ تَتَكَورْ
فَلا يُرىَ مِنْها إلا دَائِرةً فَقَدَتْ كُلَ بِدَايَاتِها والنِهَايَاتْ
وتَنْسَابُ .. دَمْعَةٌ يَتِيمَة
تَشْبَهُـ ..ـهَا

مُوقَعَــ .. ــةٌ
كـ .. أَثَرِ مَطَرْ
يَبْقَى

 

[بعد الليل]

هَيَا نَكْذِبْ


عِنْوانُ الصَفحَةِ سَجِلْهُ..
" هَيا نَكْذبْ "
لا يُوجَدْ حَدٌ عُلويٌ
الأمْنُ كَبْردٍ يَنسَابْ
يَتَلاحَمُ بَينّ الأقْدَام
يَتَسَامَى ولا يَسْمُو أبَداً
سَجِلْ أيْضاً

هَيَا نَكْذبْ

اجْلِسْ عَلى الكُرْسِي الأَوَل
سَجِلْ حَرفًا
حَرْفُ الألِفْ حَرْفٌ أجْوَف
والمِيِمُ دَوَائرُ عَرْضٍ لا تَتَوحَد
والتَاءُ ألْوانَ قُزَح .. تَتَبدَد
واليَاءُ يَكْسُرَ حُدُودَ المَاءَ ولا يَتَمَدَد
والخَاءُ خَوفْ لا يَتَوحَد

هَيَا نَكْذبْ

البَعْضْ يُسَمِيهِ أبْيضْ
وآخَرُونَ يَمْنَحُونَهُ التَلْوينْ
فيُصْبحْ
أحْمَراً كَـ .. الحُبْ / والحَربْ
شَفَافاً كَـ .. الصِدْق / والأُخُوَة
أزْرَقاً كَـ .. أُفُقْ / وبَحْر
أخْضَراً كَـ .. نَخِيلُ صَحْرَاءَ أَبِي / وقَلْبِ أُمِي
أسْوَداً كَـ .. زَنْبَق المَسَاء / وآَخِر لَيالِي القَمَر
مُتَلَوناً كَـ .. قُلُوبهُم / والجُلْود

هَيَا نَكْذبْ

فالإنْسَانْ مِنِ النِسْيَان
وكَلِمةٌ قِيلَت تَمْسَحُها الأزْمَان
والأمَاكِنْ والحُرُوفْ .. كُلُها صِدقٌ وكَذْب
تَتَبَدلْ.. تَتَغَير .. تَتَجَدَد
هَيَا نَكذِبْ
ونُرَدَدْ:
لَقَد نَسِيْتُ
أسْم ذَلِكَ الصَبِي
صَاحَبَني طِفْلَةً .. وغَادَر
ولَونْ عُصْفُورَتي
مَاتَتْ .. تَتْبعُ رَفِيقَها
وابْتسَامَةُ جَدَتِي
تَحْكِي لِي حِكَايَةَ النَومْ .. تُدَاعُبُ شَعْرِي
غَافَلتْني وغَادَرَتْ حِينَ غِيابْ
وأولَ كَلِمَاتِنا وأخرَها ولَوْنَ عَينَيكْ وصَوتَ ضحْكَتكْ وقَامَتكْ بِجَانِبي
نَسِيتُها

هَيا نَكْذبْ

أُكْتُب فِي أَولِ صَفَحَاتْ العُمر أن القَلبَ مُخَيَر
اخْتِيارَاتٌ كَثِيرَة .. وانْتِكَاسَاتٌ سَتَأتِي
فتَدَبَر .. وتَخَيَر
ومَسَرَاتٌ تَطْرُقُ البَابَ .. وَتَمْضِي
فَلا تَتَحَيَر
هَكَذَا القَلبُ تَخَيَر

وَقِعْ فِي الصَفْحَةْ الأخِيرَة
دَوّن:
النِهَايَاتُ .. خَوَاتِمْ
والبِدَايَاتُ عَواصِم
واكْذِبْ ورَدِدِ:
أنّ العَقْلَ مُسَيَرْ
و
هَيَا نَكْذبْ !!

 

[بعد الليل]

*

المَوْتْ / 1


للمَوتِ
طعمٌ ورائحةٌ ووجود
تشعرُ بِه وهو يَقتربْ
لا يختار إلا إياك
وأنتَ وكَأنكَ تنْتظُره
تبذلُ كلَ أشياءك
قوتُك ..تنتهي
روحُك تُقهر
ونفسُك تتشتت
وجسدُك لا يقوى على أنْ يتحمل ثقلِ قلبك المثقوب مراراً
تفردُ ذراعيك له
تقول له:
كنتُ أنتظرك .. تأخرت !!
وكأنه يريدُ أن يجعل التقاؤكما مميز
يحتضنُك لزمنٍ
طويلْ .. طويلْ
يسكنُ كلَ أشياءك
يصاحبُك لعمرٍ قادم
وكُلما رأى الحياةُ تصافِحُك
قطعَ أحدَ أصابعك .. لتختفي
ويُخجلك منها/ يدِك
ويهمسُ لك:
كان إصبعٌ زائد
ويأخذك لمساحاتٍ أضيق
تختنقُ فيها
وتَبحثُ عن أحدٍ تتمسكُ به
ولا تجدْ إلا غيره
مازال القريبَ مِنك
يحتضنُك هذه المرة بقوةٍ أكبر
يعتصرُ جسدَك / قلبَك
ويَلمسَ روحَك كصقيع الشتاء
لتشعرَ أنكَ تموت لمراتٍ أخرى تتجدد / تتكاثر /تكبر
لتنزوي أنتَ في حضنِه
وتقولُ لَه بهدوءِ من فقدَ كلَ قوةٍ كانت لديه:
كم أنتَ وفي
لا تُغادر أبداً
وتبقى رغم كلِ شئ
ومازلت قادراً على منحي الاحتضان
هكذا وبهدوءْ تستسلمُ له
ليكون رفيقَك / أصابعَك / فرحَك / وحضورَك
وأنت تنزوي داخلَه



* The Kiss of Death / Edvard Munch

 

[بعد الليل]

منذُ فتره يمارس القدر علي بعض امتحاناته
أشعر أنني أُغادر
ربما هُو الموت الذي سيأتينا يوما ونذهب معه جميعا طائعين

عندما عُدتُ هذه المرة
أخبرت شيخه عنه
كــ..عادتها تجعلني أنصتُ إليها صامتة ولو كانت مؤنبة لي
ليس لأنها على حق
ولكن لأنني أعرف أنها تهتم

كيف يجعلنا الأهتمام أشخاص نمارس العدو لأميال بلا تعب أو ملل أو تذمر!
كيف يمنحنا الاحتواء القدرة على المضي بقلوب دافئة وروؤس مرفوعة وأيدي متماسكة حتى إلى الموت!
كيف يدثرنا الحضور بــ..دفء قلوبهم وتتدثر الأرواح بحروفهم وهم في البعد
كيف تستطال أذرعنا ونلامس النجوم ويبتسموا لنا ويصفقوا لأنهم اعتقدوا بنا مثلنا تماما!!
كيف لي أن أشكر من يجعل عالمي أجمل لأنه يسكنه معي!

لم أشكرك بعد يا شيخه

 

[بعد الليل]

الإنْكسَارات
تأتي دَائما من الرُوح
تلكَ التي نفرشُ لها العَينَ سَكناً والقُلبَ وطنا
ونَصْمت

الإنْكسَارات
تَتقدمُ مِنا ونُحن نَهربُ عنها
تَغافلُنا ونَتجَاهلُها
تُمهدُ المِساحةَ تلو المِساحة
ونوأدُ الجِرحَ بعدَ الجُروحِ

الإنْكسَارات
جُل حُضورها مَوت
وكُلها .. نِهاية

الإنْكسَارات
أن تُشرعَ القلبَ مِيناءٌ لــ..يَردموا بهِ حُزنَهم
ويُشرعُوا الأبوابَ لـــ..تُغادرَ بلا وَداع

الإنْكسَارات
حُلمٌ غَفلَ عن صَاحبهُ
فـــ..مَات

الإنْكسَارات
يَتعمَمُ بــ..كُلكُم
ويَتأستدُ بــ..أنتَ

الإنْكسَارات
أن تَبكي لأن الصَمتَ لم يَكن كَافيا
لـــ..يَتوقفَ الجُرح

الإنْكسَارات
تَبكيهُ السَماء
وتَتلقفهُ الأرضُ
ويُدفنُ في العَراء
بلا كَفن

الإنْكسَارات
طفلٌ أخَذوا أباه فــ..تَيتم
ودَفنوا أمهُ فــ..ماتَ قبل مَولده

الإنْكسَارات
لا تَأتي من بَعيد
بل من قَريبٍ .. قَريبٍ جَدا
قُرب الرُوح
فــ..يكونُ .. مَقتل

الإنْكسَارات
أن تَمدُ يدُك .. فتُكسر
وتصْمت .. فيُقطعُ لِسانك

الإنْكسَارات
دَفنَ صَاحبَه
ونَبشَ قَبرَه
فأهداهُ دِثارهُ لــ..أنهُ لن يَحتاجَه بعد الآن
فقد مَاتَ

الإنْكسَارات
أن تُحبَهم
وهُم لكَ كَارهُون

إنكساراتــ..ي
تقولَ لهُ
لكَ الدُنيا حُلمٌ
والسَماءُ حُضنٌ
والمَطرُ رِزقٌ
وقلبَ أمكَ دِفء

عِمتَ مساءً

 

[بعد الليل]

" رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ "