لم تتمهل وزارة التربية والتعليم بالسلطنة في أن تصدر قراراً وزارياً يفيد بالسماح لـ الطلاب باصطحاب هواتف نقالة إلى المدارس ، حيث اعتبروا هذا الجهاز أداة عادية من الأدوات المدرسية التي يمكن للطلاب حمله كما يحمل قلمه الرصاص ، فلا يمكن أن نغفل الضجة التي أثارها هذا القرار بالرغم من القوانين والاشتراطات التي غلفته ، محاولةً لجم أفواه المتذمرين من قرارات الوزارة ، فقد علق أحد المسئولين من وزارة التربية والتعليم في لقاء إذاعي يُناقش هذا القرار بأن الهاتف النقال حالياً أصبح أحد مصادر التعلم وهو أداة جيدة يمكن الاستفادة من تطبيقاتها كـ استخدام الإنترنت من خلاله على سبيل المثال ، فإن ما يُثير الدهشة أن هذا القرار طُبق على فئة حرجة من الطلاب ألا وهُم المراهقين ، والجميع يعلم جيداً بأننا نحتاج إلى سنوات ضوئية حتى يتعلم طالب في سن الثانية عشرا إيجابيات هذا الجهاز .
فمن المُفرح أن نواكب التطور ولكن ليس من أضيق أبوابه وأصعبها مقدرة على الفتح ، ومما لا شك فيه بأن هذا القرار باشتراطاته المُطولة أتى جرئياً نوعا ما ويضيف ثقلاً مهنيا لـ إدارات المدارس والمعلمين _فضلاً عن أولياء الأمور_ حيث اعتبروا ذلك بأنه فوق مقدرتهم على القيام بمهام مسؤوليتهم التربوية والتعليمية ، كـ أن يقومون بمتابعة طالب مُراهق لا يتقن توجهات هذا الجهاز الإيجابية ولا يعرف منه سوى كيف يجري إتصالاً هاتفياً ، وكيف يرسل رسالة قصيرة ، وكيف يرسل مقاطع ( بلوتوث) فقط ، إلا من رحم ربي .
فـ بعد إصرار الوزارة على قرارها ، ومحاولاتها اللامُنقطعة النظير في الإقناع ، على أنه قرار صائب سيوجه العملية التعليمة إلى الأمام ، وسيربي الطالب على مهارات استخدام الهاتف النقال الصحيحة ، وسيصبح طلابنا أكثر وعياً وانفتاحا ، وعندما أمسك البعض بخيط الموافقة والاقتناع بهذا القرار ورسموا أمالهم على طلابنا كانت المُفأجاه ، حيث أصدرت الوزارة تباعاً قرارا وزاريا يفيد بمنع الطلاب من اصطحاب الهواتف النقالة إلى المدارس .
فما الذي دفع الوزارة إلى هذا القرار؟ بالرغم من الإصرار الذي أبداه المسئولين على موقفهم واستنادهم إلى خطة عمل ودراسات إحصائية أتى قرار السماح كحل لها .. هل فشل الحل المُنتظر في التحقق ؟ أم أصيبت الوزارة بخيبة أمل في طلابها وتوجهاتهم ؟ أم أنها اكتشفت لأول مره بالاستعجال في إصدار القرارات قبل دراستها ميدانياً ؟؟ . .
لنعود قليلاً إلى ما خلفه القراران معاً ، حيث لم يكن أكثر من تشويش لثقافة الطالب بين السماح والمنع ، وتكلس العديد من القناعات في قرارة نفس الطالب عن تراجع الوزارة في قراراتها مما يقلل احترامه لـ مثل غيره من القرارات حتى لو كان القرار النهائي هو الأكثر صواباً ، إذ لم يتجاوز تأثير ذلك لـ المعلمين ، حيث أن تذمرهم في البداية أتى بنتيجة ألا وهي إلغاء القرار السابق مما سيعودهم في التذمر على القرارات القادمة .
فرغم كل ذلك إلا أننا على ثقة بما تحققه الوزارة من نجاحات ملحوظة في قراراتها وبرامجها التعليمية الجديدة وخطة سير عملها المتزامنة مع مفهوم التنمية والمعلوماتية ، ولا ننكر بأن الوزارة وضعت هَم تطوير الطالب بؤرة اهتماماتها ونحن على يقين تام بأن القرارين السابقين لم يخرجا عن نطاق ذلك .
كَـتبت _ عائشه المعمري