عرائس السكر

[عبيد خلف العنزي]

(1)

اندفاع في فوضى لا تهدأ على ارتعاش عفريت من هواجس الصنم البعيد
في هذا اليم ..
الغرق فلسفة كبرى تبدأ من نظراتك الصنوبرية .. وتعود في لفافة أقحوان
عندما تبتسمين ..
مغدق هذا المحراب بين أهدابك والخد
ودخان ينبعث من أحداق صوابي
جنون ماله حد
ترتسمين كإله إغريقي
وتنبعثين كنسائم الصباح بعد ليلةٍ مجوسية
منسكبة على بساط قرمزي .. حرفه معقوف
يجر أترابكِ كفلول النازية .. تحت قوس النصر
عربيد هو مبسمكِ الباذخ في شقاوته ..
دمشقي يغتال عرائس السكر
مهندم .. إيقاعكِ مهندم
مثل الرمح .. يندفع .. لا يندم
مثل الرصاصة .. تخرج لا تدري من أين .. وإلى أين .. لا تعلم ؟
بجعتي البيضاء .. فلسفتي الصفراء ..
كتابي الأحمر .. منديلي المعطر ..
دمشق في قصيدة .. والأنوثة في هدية .. والأبجدية في قدح قهوة
تفتقدين .. تشرين ؟
منذ متى وتشرين لا ينمو في شفتيكِ ؟
تشتاقين للأندلس .. ؟
وأنا للأندلسِ . أن تبارح عينيكِ ؟
لو تعلمين .. فقط لو تعلمين ..
أنني أتلصص عليك .. أينما تذهبين
في ثوبي .. في عطري
في جنوني .. في رصيف المقهى
وطابور البؤساء .. وبيعةِ المسلمين
أبايعكِ .. سَمعَاً .. وطاعة ..
على الحرف .. وتشرين .. وقهوتي .. ونيسابور .. وفلسطين
أبايعكِ .. على فلسفة المتفلسفين .. وأكاذيب الليبراليين
وتلمود الديموقراطين .. وإنجيل الشيوعيين
وما أتى به زعبر .. وما أُرسِلَ به عزرائيل
أبايعكِ على اليقين .. لو تعلمين ..


(( بهذه البيعة .. أسجل أولى خطواتي .. عند شرفتكِ ))
البارون

 

[عبيد خلف العنزي]

(2)


قدميكِ الحافيه
كغمامةٍ غافيه
نهد هارب من لثمه ..
وشفتين .. مختبئتان من قُبله ..
ومَن قَبلَه .. ؟؟؟
لا أحد قبله .. ولم يكن بعده ..
لعبة الفردوس .. على كف بجعه ..
وأغنية الليل .. في كبد صحوه ..
محترمة هذه الغفوه ..
تماماً .. كقداسةِ فنجان القهوة ..

 

[عبيد خلف العنزي]

(3)

القصر تحت المطر .. تجربة من خطر ..
يلوح بإمتداد البصر .. مثل قيثارة في دمعة أسطورة
أعلنتُ الحرب على هذا القيد منذ عمورية
وحملتُ على أساطيل المشرق من بابل
وما إنفكت جحافلي تدك باشوات الجنون ..
حتى أصبحوا نسياً منسياً ..
أبجديتي .. جناح بجعةٍ بيضاء
وحرفي كتاب مقدس لا يمسه إلا الشرفاء
ورسائلي محمومة بالعطر منذ الفجر الأول للبكاء
أكتبُ .. كي تهتز السماء .. ببساطه .. كي تبايعني الأهواء
مزاجي .. أقحوانة من صفاء
وعيوني .. نيسان وما فيه من نساء
وقلمي .. صلةُ الوَصلِ .. بين الأرض والسماء ..
محترم أيها الهِجَاء ..

 

[عبيد خلف العنزي]

(4)


كيلوبترا .. ترتمي في رماد العنقاء
وحريق روما في عيونٍ بلهاء
وسيجارة فرنسا تشتعل من هذيان
سطرٌ من إماء .. وقافلة حرية
ميدان ياسمين .. ودمشق عروس نيسان
ناقة صالح .. صارت مع الفراعنة .. في باقة أقحوان
هدية الأمس .. كرسي اليوم ..
ومحطة الانتظار .. ترتكن إلى ذات الرصيف
رسالة في إبريق زعتر .. وأكثر ..
مثل القميرية .. وأجمل
قمبرة ترعى في سواد مبسمكِ
وتلهج الغيمات .. بذات الدعاء
ملايين النجمات .. دمعة .. حواء ..
كون آخر .. تنهيدة هذا المساء
فاجرة تِلك الرقصات الكهنوتية ..

 

[عبيد خلف العنزي]

(5)

هجير من قلب السعير وقصة أخرى تولد في فم الفقير
ازدحام من قلق في آخر الورق .. رجفة النار في المدفأة دمعة الشفق
شمالية ترتمي في ضلوع هلوسة وبوح مصلوب في أنامل صعلكه
يعجبنا الذئب .. ما أروع الشجاعة .. ويروق لنا النمر ما ألذ الشراسة
ويبقى الأسد .. ملك الغابة ..
ضلال في سؤال . وسؤال من خيال .. وخيال أنجبته الفضيحة ..
والرقص على الحبال .. جبال .. جبال .. تزيحين الجبال ..
حلمكِ متبعثر .. في غاية الجمال ..
حريق .. خيط دقيق .. خفق عميق .. وجَع سحيق ..
هروب من فراشه .. واختباء من قميرية .. واختلاس جائع ..
وألف قبر على تلك الشراشف البيضاء .. أصبحت زهوراً ورمال ..
عيطبون في رمح التقشف .. وحد السيف الماوردي زمهرير في فنجانٍ طائش
أعلنتُ عليكم الحرب .. وبالضلوعِ ألفُ ضربٍ وضرب ..
أعلنت عليكم الحرب .. يا الله .. أرفع راياتي .. وأخسر الحرب

 

[عبيد خلف العنزي]

(6)

من يعاتب بحةً تجرجرها الرياح ؟
كوكباً فاتن الجمال .. لا يملك أن يغادر مداره ..
وفي كل ليلة .. أنفض أنفاس النهار خارج شرفتي البعيدة في فكرة
والغارقة في بالٍ لا يهدأ ..
الحب مشروع قصيدة .. إنما التحليق .. مشروع جروحنا البعيدة في السفر
داخل غمامة تمتطينا ونمتطيها على عجل في عجل إلى أجل ..
أيكون للذكرى انسكاب على شظايا ما تبقى من الوهن ؟
كيف لي أن يكون الأهل دمعاً .. والأصدقاء نزيفاً .. وكيف للنزيف أن يحدد تضاريسنا بما يلفنا فيه من جنونٍ عاصف وممطر دون مرفأ ..
سأشق طموحي بخنجر الذكريات دون أن ترتعش أهدابي ..
وأكثر من ذلك ..
بكل عنف وبقلب من جليد .. سأنزعكِ عن هذا الصمت .. دون خشوع
أيها الحلم .. متى يكبر جناحاك .. كي أعانق بهما مجرى دمي ولمعة بصري
التي تتوق كي أحلقَ معك ..

 

[عبيد خلف العنزي]

(7)

أتحرر من طقوسي في محراب هذيانكِ .. وأقف على أعتاب هذا القلق
تمثال إيطاليٍ فاحش الإطلالة .. يغلف حضوركِ وسط المدعوين
دغدغة بصركِ تجعل الأثاث نفسه يبتسم في غرور ..
والنبيذ الأحمر .. يشيع بعينيه في سخط .. بعد أن لسعته نيران فستانك
المقصب بالحرير والقرنفل ..
أناملكِ لا تهدأ .. نظارتكِ .. خصلات شعركِ .. خدكِ .. حتى أساورك
ضاقت بذلك الخشوع الراكد على محراب شفتيكِ ..
يرسمكِ حلم وفنجان قهوة .. ويشطبك جنون وبضعة وريقاتٍ من تنهيدةٍ
مسافرةٍ بين الشفتين .. والسماء السابعة ..
إمرأة جديدة في ذات الجلد .. وللموت رغبة مؤجله ..
كم في سكون عينيكِ من صخب .. بحار لا تهدأ عواصفها .. وتعب
كم للصمت في عينيكِ من صحب .. مجرم هارب من كل القيود ..
لا عجب .. من يقوى على حبس جناحٍ في قطرةِ غضب ؟
من أين تأتين .. بكل هذا الياسمين .. عجب ..
كيف تطلقين أسراب ابتسامتي بمجرد حضورك في قائمة البال
كم أعشق اسمي .. عندما أتحسسه في صوتك القادم من أقصى العرب
كيف أكون بكل مشاغباتي .. وإرهاصاتي اللامعقولة في وادي العِنَب
مجرد سنابل تهتز .. عندما تنادينني باسمي ..
عمري الذي طال دون ملامسة وجهك .. كأنه يولد من جديد
وما أحلى الولادة معكِ .. وعمري يتمدد كجناحٍ سماوي بتمدد حضورك المخملي في بحةِ صوتي .. يا خصوصيتي الأولى .. وشرعيتي الأولى
وقضيتي الأولى .. وأنثاي الأولى .. والأولى .. والأولى ..
أيتها الزهرة في كبد عالمي .. والسماء السابعة في مخيلتي ..

 

[عبيد خلف العنزي]

(8)

لو كنت شاعرا .. لسرقتُ عينيكِ .. وجردتكِ من نظراتٍ لا تحمل بصمات أبجديتي
لو كنت شاعرا .. لعلمتكِ كيف تصبرين علي.. وتتوسدين رمشي .. أثناء سفري في أعماقكِ
لو كنت شاعرا .. لكتبتك قصيدتي العصماء التي لا تبلى .. مهما رددها القفر وانشدها الشعر
لو كنت شاعرا .. لكنت إكتفيتُ بكِ لغةً وأبجديةً على متن سحابة لا تحط ولا ترسو
لو كنت شاعرا .. لوهبتك هذا الوجه الملائكي الذي تروضه الازهار وترسمه الاطيار .. وتغسله الاشعار ..
لو كنت شاعرا .. لإختطفتكِ ..وزورت دقاتِ قلبكِ .. وغيرت مسار نبضكِ .. وعلمتكِ حروف الهجاء .. على هواي ومزاجي ..