من المفروض أن تحقّق دول العالم الثّالث اكتفاءاً ذاتيّاً بالاستعاضة عن الاستيراد بالإنتاج المحلّي , ممّا يوفّر الكثير من النّاتج القومي و الّذي يعود على الدّول بقوائد اقتصاديّة و تطويريّة جمّة .
هذا ما تسعى إليه تلكَ الدّول باعتبار أنّ الصّناعة الحديثة و التّكنولوجيا الاقتصاديّة أصبحت حكراً على الدّول المتقدّمة بحكم تطوير البحث العلمي المستمرّ و زيادة رؤوس الأموال .
و تُعتبر اسرائيل من أكثر الدّول تقدّماً في آسيا و الشّرق الأوسط اقتصاديًّ و علميّاً و تجاريّاً , و وجودها في المنطقة يُشكّل هالة بيضاء بالنّسبة للعالم في سواد الشّرق الأوسط الحالك .
ذاكَ الأثر الإيجابيّ لاسرائيل في المنطقة كانَ للدّول العربيّة نصيبٌ منه سواءاً بالتّطبيع أو بالاستيراد المباشر و غير المباشر الّذي كشفَ لنا
-حسبَ تقرير أعدّتهُ جمعية "إعمار" للتنمية والتطوير الاقتصادي في أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 و المستند على معلومات دائرة الاحصاء و التصدير في اسرائيل -
أن التبادل التجاري قائم بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية، وتصل قيمة مبادلاته حسب أرقام دوائر الإحصاء الإسرائيلية إلى عدة مليارات من الدولارات.
ويؤكد التقرير أن العام 2008 كان بمثابة رافعة للتبادل الاقتصادي، وشهد حركة تجارية نشطة ومبطنة من استيراد وتصدير.
وأشار إلى أن البضائع الإسرائيلية موجودة في جميع أنحاء العالم الإسلامي والعربي دون استثناء.
وتصدر إسرائيل التقنية المتطورة والصناعات الزراعية والمحاصيل الزراعية (خضراوات وفواكه وحمضيات) التي تغزو الأسواق العربية.
بالمقابل تستورد إسرائيل من العرب الغاز والنفط ومشتقاته كسلع رئيسية.
و في سياق الخبر يؤكّد على أنَّ البضائع في الغالب يتمّ تصديرها عن طريق وسيط ثالث كما أنّها قد لا تحمل في معظم الأحيان علامة " صنع في اسرائيل " !
المُفارقة الجديرة بالذّكر هنا هي حملات مقاطعة البضائع الأمريكيّة و الدّانماركيّة و الهولندية و السويسريّة على التّوالي و بفوارق زمنيّة متناسقة و الغضب العربي المؤقّت ,
فيما تستهلكُ الدّول العربيّة المنتجات الاسرائيليّة بضميرٍ هانئ .
المُفارقة الأخرى هي مقاطعة غالبيّة المغتربين و المسلمين في أوروبّا و أمريكا و كندا للبضائع الاسرائيليّة المميزة بعلامة الجودة من خضراوات و فاكهة و منتجات صناعيّة
و حثّهم بعضهم البعض على التّمسّكِ بذلكَ إيماناً بالدّمِ الفلسطينيّ الّذي لم يجفّ منذ أكثر من ستّين عاماً و بالأطفال الّذين يتضوّرونَ جوعاً و برداً و ظلماً في غزّة !
و السؤال الّذي يطرحُ نفسهُ هنا :
هل يشتري المواطنُ العربيُّ و المسلمُ هذهِ المنتجات بضميرٍ راضٍ أم أنّهُ لا يأبهُ بمصدرها ؟
و هل تقومُ الحكومات بتسهيل الاستيراد للتّجار من اسرائيل و ربّما تسهيل إخفاء علامة المصدر من على المنتج ؟
هل سألتَ نفسكَ يوماً من أينَ أتت ثمرة الجوّافة هذهِ أو تلكَ التّفاحة أو ثمرة المانجو و الأفوكادو تلك , أو ربّما ما هو مصدر ذلك القميص أو تلكَ الآلة ؟
و هل لازالت حقيقة الدّولة الفلسطينيّة قائمة في الضّمير العربيّ الإسلامي ؟
أسئلة ستبقى بلا إجابة حتّى إشعارٍ آخر !
* الاحصائيّة عن موقع الجزيرة نت