الزمن : في شتاء عام 1810 للميلاد ..
المكان : لندن .. عاصمة بريطانيا العظمى
الوقت : الثانية عشرة والنصف ظهراً ..
توقفت عربة فاخرة تجرها اربعة خيول أمام منزل ذو طابع مهيب وعريق في قلب عاصمة الضباب .. وهبط منها شاب طويل القامة وسيم الملامح ابيض البشرة .. تشق الارستقراطية الانجليزية من عينيه السوداوان اللتان يطل منهما برود عريق صار يجري في دماء أغلب الإنجليز في تلك الحقبة ..
عدل الشاب هندام معطفه الرمادي ثم أجال بصره في الشارع قليلا ليتجه بعد ذلك نحو باب المنزل الذي كان مفتواحاً وعليه وقف خادم أنيق الملبس كان فيما يبدو بإنتظار السيد الشاب الذي نزع قبعته وهو يدخل عابراً الباب الكبير الى ردهة الاستقبال قائلا في هدوء :
صباح الخير يا بيترو .. ما الأمر ؟؟؟
أجاب الخادم وهو يتناول القبعة ويساعد الشاب في نزع معطفه :
صدقني لست أدري يا سيدي .. لقد طلبت مني الآنسه ان ارسل في طلبك على عجل وهي بإنتظارك في غرفة المكتب ..
ضبط الشاب وضع سترته السوداء قائلاً :
لا بأس .. أحضر لي قدحاً من القهوة وأدركني به إلى هناك .. قال ذلك واخذ يصعد السلالم متجها الى الطابق العلوي .. حتى وصل الى غرفة المكتبة فطرق الباب مستأذنا فلم يسمع أي جواي ..
فإندفعت اصابعه نحو مقبض الباب ليديره وهو يتقدم الى الداخل ..
ولم يكد يفعل ..
حتى إتسعت عيناه في دهشة حقيقية ..
** ** **
كانت قاعة المكتبة المنزلية مقلوبة رأساً على عقب .. والكتب زالخرائط والمخطوطات مبعثرة في ارجاء المكان بلا تنظيم ..
ووسط كل هذه المعمعة كانت هناك فتاة شقراء جميلة الملامح رشيقة القوام ترتدي فستاناً من قماش ابيض أنيق ولكنه متسخ ..
بدت الفتاة مستغرقة فيما هي فيه من بحث ونبش بين اكوام الاوراق والكتب حتى انها لم تحس بالشاب حتى ردد في دهشة :
كيت .. يا إلهي .. ما اللذي تفعلينه بحق السماء .. ما كل هذه الفوضى ؟؟؟ ..
رفعت كيت بصرها إليه وهي تقول مبتسمة :
أوه .. توماس .. لقد جئت في الوقت المناسب ..
تأمل الغرفة في عجب قائلاً :
مناسب ... ؟؟
مناسب لماذا ؟؟
ما اللذي دهاك لتقلبي المكان هكذا ..
إلتقطت كيت ورقة صغيره صفراء يلوح عليها القدم .. ثم قانت من وسط كومة الكتب لتتجه إليه وتمد كفها الناعمه بالورقة إلى توماس الذي التقط منديلاً ووضعه على انفه وفمه وهو يقول في ضيق واضح :
إنك ممتلئة بالغبار ..
ردت كيت وهي تناوله الورقة :
دعنا من هذا .. وإقرأ هذه الورقة ..
تناول توماس الورقه وعبر ببصره على كلماتها ..
عندما يموت الجراد .
وتسقط نجوم درب الخفاش الازرق
ويغادر سيث وكره المعتم ..
لتتحرر الارض المحرمة من لعنة الرب
ويحترق الصليب في عيون الشيطان
ليعتلي امير الظلمات عرشه
من جديد
لقد عاد الملك ..
كانت كلمات عجيبه ذات وقع غريب ومخيف .. ولكن ما شد توماس انها ممهورة بتوقيع والده الراحل إدوارد برايتون .. ومؤرخة بتاريخ عام 1790 م
شعر توماس برعده في نفسه بعد ان اتم قراءة الكلمات ورفع عينية لشقيقته قائلا :
ماذا .. ماذا تريدين من كل هذا يا كيت ؟؟
عقدت كيت كفيها وخذت تذرع الغرفة وهي تقول في حزم :
اريد ان اقول انك ورثت الارستقراطيه الجوفاء من والدتنا ..
المعنى يا كيت ؟؟؟
قالها توماس بضيق ..
المعنى ..
قالت كيت ذلك بتمعن ثم واصلت :
المعنى أنني متأكده بأن والدي لم يكتب هذه الكلمات عبثاً .. وأن وراء هذه الطلاسم سراً ما ..
وسر كبير يجعل والدي يحفظ هذه الورقة في محفظتة اوراقه الخاصة طوال تلك السنين .. لذلك انا انبش كل كتبه ومؤلفاته وسجلات رحلاته .. وخصوصا رحلته الى رومانيا التي كتب فيها هذه الورقة ..
لذلك اريد منك ان تساعدني في كشف هذا اللغز .
إزدادت حيرة توماس وهو يسألها :
وكيف ذلك .. ؟؟؟!
أشارت الى الكتب الغزيره المتراكمة وهي تقول في حماس :
هنا وسط هذه الكتب
اتسعت عيناه في إستياء مردداً :
وسط هذه الاكوام من الغبار والاتربه ... لابد أنك فقدت عقلك كما تقول امي دوما ...
تجاهلته وهي تدفع به نحو الكتب بينما واصل قائلاً : لماذا يا إلهي ... ؟؟؟
ولم تكون هناك فائده ..
فهي لن تتوقف .. إنه يعرفها جيداً ..