عقولنا لايمكن أن تحيط بحكمة الله من الاختبارات الإلهية القوية ولتترك فائدة وأثرًا ودرسًا لايُنسى يجب أن تكون قوية ، وربما مفاجئة ، وكذلك ماحدث في القصص الثلاثة في سورة الكهف بين موسى عليه السلام والرجل الصالح >
فالدرس الأول: قام الرجل الصالح بخرق السفينة بعدما ركب هو ونبي الله موسى عليه السلام ، فاستنكر موسى ماحدث إذ كيف يكون جزاء أصحاب السفينة الذي قبلوا بهما أن يخرق سفينتهما .
والدرس الثاني : أن وجدا غلامًا يافعًا فقتله الرجل الصالح أمام النبي موسى ، فاشتط عليه موسى أن كيف لك أن تقتل نفسًا بريئة .
الدرس الثالث : أنهم وصلوا إلى قرية وطلبوا منهم الطعام فرفض أهل القرية ذلك ولم يستضيفوهما ، وبعد أن مشيا من عندهم رأى الرجل الصالح جدار قارب على الإنهيار فأصلحه وأرجعه قويًا ، وهنا لم يستطع موسى عليه السلام الصبر واستغرب أنه كان يستطيع أن يطلب مقابلًا تجاه ذلك مادام أهل القرية لم يطعموهما ولم يقوموا باستضافتهما! واستنكار نبي الله موسى لأنه لم يعرف حكمة الله في وقتذاك ، بينما كان تصرف الرجل الصالح لحكمة علّماها الله إياه ، واشترط على موسى أن يصبر حتى ينتهي من الدروس التي سيراها بعينيه ، وبيّن الرجل الصالح للنبي موسى عليه السلام أسباب كل ماقام به ، وحكمة الله في كل ماحدث.
لذا ففي كثير من الأحيان نجد اختبارات الله لنا دون أن نعي الحكمة من حدوث تلك الاختبارات القوية معنا على الرغم من أننا لم نؤذ أحدًا ، ولم نقترف ذنبًا عظيمًا ، ولكن في لحظة ما ستجد الله سبحانه العدل المطلق يظهر لك الحكمة الجلية التي كلها خيرٌ لك في دينك أولًا، ثم في دنياك .
فاحمدالله الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ، والله سبحانه وتعالى لايبتليك إلا أنه بسابق علمه يعلم قدرتك على تحمّل الابتلاء ، وسيقوي لك قلبك لتتحمله ، وسيجعل لك جلادة تعيدك لله سبحانه ، ولأنه يحبك يريد منك توثيق علاقتك به أكثر، والرجوع للقرآن الكريم ، وليكون سبحانه لك أحب من ولدك ووالديك والناس أجمعين. بل ليفرغ قلبك من التعلق بكل شيء إلا التعلق الخالص المحض به القوي العزيز سبحانه وتعالى ، والذي نجاك من محن سابقة ، ومن اختبارات قديمة ،ومن ابتلاءات أنستك هي الغفلة ؛ وليرجعك لمحراب دعائه ، والتمسك بحباله ، والاحتياج الشديد اللازم اللازب به وإسرار ذلك وإظهاره الله سبحانه يريدك عبدًا مسلمًا خالصًا له ، وهذا ماحدث أيضًا لنبي الله يعقوب مع ابنه يوسف عليهما السلام عندما حكى القرآن على لسانه بقوله تعالى:
﴿ وأفوض أمري لله ﴾ فرجع له يوسف عليه السلام في أفضل حال ، وندم أخوته وأجلس أبويه على العرش.
هو الله سبحانه قال عن نفسه : ﴿وماقدروا الله حق قدره﴾
هوالله سبحانه الذي نجا إبراهيم عليه السلام من نيران تتأجج .
هو الله سبحانه الذي نجا نبيه موسى عليه السلام من فرعون الطاغية وخيله ورجله .
هو الله سبحانه الذي نجا عيسى عليه السلام من الصلب والقتل ورفعه إليه .
هو الله الذي نجا محمدًا ﷺ وصاحبه أبابكر في الغار والكفار في أعلاه ، وقال الله سبحانه عن نبيه : ﴿ ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ قال لصاحبه : لاتحزن إن الله معنا ﴾
الجأ لله سبحانه في كل محنة واختبار وابتلاء تكن في مأمن ، وتذكر أن الله معك ولاتحزن لأنه الله العظيم ذو القوة المتين رب الخلائق ، وتذكر إنما أمره إذا اراد شيئًا أن يقول له كن فيكون .
فلا تقنط من رحمة الله ، ولاتستعجل حكمة الله التي هي كلها للمؤمن خير .