عدت للبيت وأنا أجمع حلوياتي بكيس صغير
اشتريت شيبس عمان، بفك عمان، جيلي كولا، مصاص أبو ربع، علك أبو ربع، معصار
ومجلة ماجد، عندما كان سعرها ثلاثة دراهم فقط...
ثم اندفنت في سريري رغم أن الساعة لم تتجاوز السادسة والنصف مساء
عندما عاد أبو بكر للدكان رآني وأنا أقف أمام درج النقود
سألني إن كنت اشتريت ما أريد أجبته بالإيجاب
أخبرني بأنه خبأ لي العدد الجديد من مجلة ماجد،
كنت الوحيدة في الحي التي أقرؤها وكان يحضر نسخة واحدة كل أربعاء لي خصيصاً
شكرته واشتريت المجلة وهممت بالخروج
بعد قليل وأنا فالخارج ناداني بصوت عال
وقفت...
نظرت للخلف ببطء
أشار لي بأن أعود إليه
كان الطريق إليه طويلاً، طويلاً أكثر مما تخيلت
عندما وصلت مد يده يعطيني حلاوة جيلي كولا، حلاوتي المفضلة إلى اليوم
قال: سمعت بأنك ستذهبين إلى حلبة التزلج غداً، خذي هذه، وقولي لأمك أن الحساب وصل 148 درهم
اتفقت أمي مع أبو بكر ألا يزيد حساب الدين مع الدكان عن مئتي درهم
وأنه يجب أن ينبهها عندما يتعدى الحساب مئة وخمسين حتى تحتاط
تشتري أمي من الدكان المياه المعدنية والخضراوات والفواكه، وبعض اللوازم المنزلية
ورغم أن أبو بكر أخبرها ألف مرة بأن مياه الحنفية نظيفة وقابلة للاستعمال
كانت أمي ترفض أن نشربها
في اليوم التالي، يوم الرحلة
تجهزت للخروج بسرعة، ارتديت مريولي ولبست تحته بنطلون جينز وقميص أبيض
وحملت معي جاكيت قصير آسود مطرز بنمر كبير من الظهر
وبالطبع لم أرتد الحجاب...
حملت معي حقيبة الرحلات وركضت إلى موقف الباصات
في الحافلة، اعتصرت المئة درهم التي أخذتها من درج أبو بكر بين يدي
شعرت بالعرق يتجمع حول الورقة،
كانت مشاعري مختلطة، أقنعت نفسي بأني فقط سأريها للبنات
ثم سأخبئها في جيبي وسأستخدم الخمسة وعشرين درهماً التي أعطتني إياها أمي
وسأعيد المئة درهم لأبو بكر آخر النهار فور عودتي من المدرسة
كانت خطة محكمة وغير قابلة للخسارة، وكنت متأكدة بأن أبو بكر لن يخبر أمي
كانت الرحلة ممتعة، وحسب الخطة شاهدتني البنات وأنا أخرج للعاملة 100 درهم من جيبي
ثم أستبدلها بخمسة وعشرين درهماً لأنها لا تمتلك فكة كافية
وجلست على الطاولة لوحدي آكل وجبة الغداء وأنا سعيدة جداً، سعيدة من الداخل
أبدى الجميع إعجابهن بجاكيتي
في ذلك الوقت لم أكن أعرف أي شيء عن الماركات العالميةا
سألتني إحداهن إن كان قميصي من صنع إحدى الماركات
قلت: ربما، أنا لا أهتم بنوع الماركة طالما أن القطعة أعجبتني
أبدت الفتيات إعجابهن بكلامي
تزلجنا لفترة طويلة ذلك اليوم، ثم حان موعد خروجنا من المكان
عدت للمنزل وأنا أشعر بأني أكّدت على مكانتي بين الطالبات أخيراً
وعندما وصلت، جلست مع أمي وإخوتي نشاهد أفلام الكرتون
ثم خرجت للعب في الخارج، وعدت الساعة السابعة مساء, ونمت... بعمق
في اليوم التالي عندما استيقظت قالت أمي:
- وجدت مئة درهم في جيبك البارحة، من وين جت؟
كنت قد نسيت موضوعها تماماً، رفعت رأسي من صحن الكورن فليكس ومخي يعمل بطريقة سريعة جداً
- أوه، نسيت أن أعطيها للمعلمة، البارحة طلبت مني شراء بعض الأشياء ولم أفعل
- رجعيها اليوم
- أوكي ماما…
لم أنسى هذه الحادثة أبداً منذ حدوثها
كانت نقطة فصل في حياتي، لأنها سهلت عليّ أشياء كثيرة في المستقبل
سمحت لي بتجاوزات أخلاقية بسبب أغراض تافهة مثل أخذ النقود من جيب أبي،
أو… من حقيبة أمي
أو بعد ذلك عندما كبرت وصار عندي صديق أكلمه عبر الهاتف،
صرت آخذ النقود من حقائب زميلاتي لكي أشتري بطاقات الموبايل
ثم صرت أسرق من المحلات التجارية الكبرى والصغرى
لم تعد المسألة مجرد حاجة نفسية لتغطية متطلبات طفولية
صارت مثل التحدي
مثل دفعة أدرينالين قوية تتدفق إلى جسدي عندما لا يكتشف أمري أي شخص
ولم يكتشفني أي أحد أبداً
لم أعد المئة درهم إلى أبو بكر
ولم أصرفها
دفنتها في مكان خفي بعيد عن الجميع خلف بيتنا
وأقسمت ألا أخبر أحداً عن السر
وأقسمت ألا أكرر هذه الفعلة نهائياً بعد الآن
اكتشفت لاحقاً
أني لا أجيد الاحتفاظ بالأسرار
ولا أوفي بالوعود
نهائياً