الرحبانية ، والأخوين الرحباني ...!

[حنان العصيمي]

هناك مقولة تقول : الموسيقى غذاء الروح ... فهي ليست لغة مشاعر فحسب ، بل لغة فكر أيضاً ...
أي أنها لغة كاملة للإنسان تتعدى حدود المكان والزمان ... ، لغة عالمية ، يتواصل من خلالها العالم أجمع .
لغة تتناول العواطف والحالات النفسية على أنواعها والأصوات على اختلافها ، سواء كانت بالأساليب الشرقية أو الأساليب الغربية ...
ومن هنا نقول أن الفنان المبدع الراحل "عاصي الرحباني" ظاهرة متميزة ؛ حيث أسس المدرسة الرحبانية ،
التي لم تشغل العالم العربي فحسب ، بل شغلت العالم أجمع وعلى مدار عقود من الزمن ،
فهي تستحق الدراسة والتحليل لما أفرزته خلال مسيرتها الطويلة من إبداعات فنية على صعيد الموسيقى ،
الغناء ، التمثيل ، الرقص ، الدبكة الشعبية والشعر أيضاً .
لقد ملأ الرحابنة و"فيروز" فضاءنا كلّه من خلال مسيرة فنية متميزة وعلى امتداد عقود عديدة من الزمن ،
حيث عمدوا إلى تطويع الأساليب الموسيقية الغربية بطريقة تناسبنا ، لا سيّما السيمفونيات الخالدة
والمقطوعات الموسيقية العالمية ،فابدعوا و ابتكروا ما أدهشنا فعلا،وقد استوحوا من الموشحات الدينية
والتراتيل الكنسية الشيء الكثير،وكذلك من نصوص الأساطير القديمة ، بالإضافة إلى إعادة إحياء التراث الأندلسي ،
بموشحاته الرائعة،وتراث بلادنا من العتابا والميجانا،والقدود والمواويل.

والظاهرة الرحبانية تنقسم إلى مدرستين مهمتين:
- مدرسة الآباء ،وهي الأساس وتضم عاصي وفيروز ومنصور والياس .
- مدرسة الأبناء، وتضم زياد ومروان وغدي وغسان .

مدرسة الآباء والتي تتلمذ على يديها عشرات الفنانين المتميزين ،
فعدا فيروز كل من : نصري شمس الدين، وديع الصافي ، هدى حداد ، أنطوان كرباج ، رجا بدر ،
وليم حسواني ، جوزيف عازار ، هيام شماس ، ملحم بركات، إيلي شويري،.....الخ.

لقد آمن الرحابنة بأن للفن رسالة مقدسة في المجتمع ، لذلك لم يكونوا مرآة تعكس الواقع المظلم في مجتمعنا فحسب ،
بل شكلوا منارة تشع قيما وأخلاقا ومحبة لإنقاذ مجتمعهم من تخبطاته ، فركزوا في أعمالهم على نبذ الهجرة و الإرتباط بالوطن ومحاربة الطائفية ،
والتأكيد على وحدة الجوهر في القرآن و الإنجيل ، وهذا واضح في نتاجهم كلّه، وخصوصاً في المسرح الرحباني .
فمن المسرحيات مثل : " ميس الريم"،"لولو"، " جبال الصوان " ، "يعيش يعيش"،"بياع الخواتم"، والكثير من الإسكتشات
والأفلام مثل:"بنت الحارس" ، كلها تشهد لما سبق ذكره .
أما صوت لبنان الشامخ " فيروز " ، تُعدُّ واجهة المدرسة الرحبانية ، حيث تتمتع بصوت رائع ، وحضور ملفت على الخشبة .
ويرجع نجاحهما إلى صوت فيروز ، واستخدامهما أصول الفنون الشعبية مع الحفاظ على جودة المحتوى النصي ،
والدقّة في صياغة الألحان باستخدام الأوركسترا الحديث

أحدث الأخوين رحباني ثورة في عالم الموسيقى ، حيث خرجت موسيقى الرحبانية عن الإطار الذي وضعت فيه الموسيقى في هذا العصر،
وجاء انضمام الفنانة المتألقة نهاد حداد أو ( فيروز ) ، التي تزوجت من عاصي الرحباني عام 1955- بصوتها القوي الدافئ ليكتمل المثلث الفني ،
وجاءت انطلاقة قوية للثلاثة بموسيقى مختلفة خرجت عن النمطية التي خضعت لها الموسيقى الشرقية، وجاءت اللغة الشعرية للأغاني قوية
على الرغم من بساطتها تنفذ إلى أذن المستمع ومنها إلى قلبه مباشرة ، في انسجام مع الموسيقى والألحان ،
مما كان لها الأثر الكبير في انطلاقهم للعالمية .
وقد استوحى الاخوين رحباني موسيقاهما من التراث العربي الإسلامي والبيزنطي، والفولكلور اللبناني،
وقد ألف الأخوين العديد من المسرحيات الغنائية للوطن والأرض والتاريخ والمستقبل والفقراء.
وبالنظر إلي إبداع الأخوين رحباني نجد أن هناك تكامل وتوافق بين منصور وعاصي فكل منهما شاعر وموسيقي،
ولكن كانت مساحة الشعر أكبر عند منصور وتقابلها مساحة أكبر للتلحين عند عاصي،
وفي النهاية يذوب الاثنان معاً فلا نفرق بين أعمال منصور وعاصي لشدة التشابه .

البدايـــات :
ولد عاصى ومنصور رحبانى فى قرية صغيرة بالقرب من بيروت لأب من هواة الموسيقى كان يعزف على آلة البزق التركية الأصل
موسيقى سيد درويش ومحمد القصبجى ومحمد عبد الوهاب وغيرهم من فنانى الشرق الذين ذاعت ألحانهم فى عشرينات وثلاثينات القرن العشرين .
التحق عاصى ومنصور وهم فى سن المدرسة بفرقة موسيقية كنائسية ، وفى مقتبل العمر حاول الأخوان السير فى طريق الفن
لكنهما اضطرا للعمل فى شرطة العاصمة كشرطيين ... ثم بعد سنوات وفقا للالتحاق بأكاديمية الفنون اللبنانية فدرسا الموسيقى الغربية ،
وفى نفس الوقت قاما بالتدرب على فنون الموسيقى الشرقية .
بعد تخرجهما قام الأخوان بالاشتراك فى إعداد برنامج إذاعى قدما من خلاله حلقات من الاسكتشات المغناة لفتت الانتباه إليهما ،
وهو البرنامج الذى شهد لقاءهما بفيروز للمرة الأولى عندما قدمها إليهما الفنان حليم الرومى مدير الإذاعة اللبنانية كصوت واعد.

أعمال الرحبانية :
للرحبانية أعمال كثيرة تعد بالمئات والغالبية العظمى منها من غناء فيروز ، وقد اهتم الأخوان بتقديم تلك الأعمال مباشرة على المسرح فى قالب من نوع المسرحيات الغنائية ،
ولهما أيضا بعض الأعمال التى أعادت تقديم التراث الموسيقى العربى مثل الموشحات الأندلسية والقصائد القديمة وبعض أعمال سيد درويش ومحمد عبد الوهاب .

مسرحيات الرحبانى الغنائية :
كان هناك إتجاهات لتلك المدرسة والتي منها الاهتمام بجذور الموسيقى الشرقية ، والتأثر بالأساليب الموسيقية الغربية ، الاهتمام بالعرض المسرحى ... الخ
وليس كل كامل مكتمل ، فقد كان هناك نقداً للرحبانية أولها الاقتصار على صوت فيروز في أغلب الأعمال ،
ومحاولة تغيير التراث الشعبي اللبناني ، والاقتباس لبعض الأعمال الغربية والتي لا تتناسب مع البيئة العربية ...

إننا عندما نتكلم عن الموسيقى اللبنانية يتسارع إلى الذهن اثنان من أهم أعمدتها وهما منصور وعاصي أو "الأخوين رحباني" اللذين تجاوزت شهرتهما الأفاق ،
وأصبحا مدرسة مستقلة في الشعر والموسيقى ، وقد أمتزجت موهبتهما معاً ،
وقد ساعد هذا الانسجام الفني والروحي في علو فنهما وانفراده عن غيره ، وسنختصر سيرتهم في موجزٍ لهم :

من هم الرحابنة :


1) عاصي الرحباني (1986 - 1923):

الشقيق الأكبر ، ولد في بلدة أنطلياس بلبنان ، ووالدهما هو حنا إلياس رحباني .
قدم مع أخيه منصور عدد كبير من الأعمال الغنائية والمسرحية تحت اسم الأخوين رحباني .
تزوج عاصي من الفنانة فيروز حيث تم اكليلهما في عام 1954 ومن أشهر أولادهم المؤلف و الملحن المبدع زياد الرحباني .
أصيب في عام 1982 بنزيف حاد في الدماغ وأجريت له عملية ناجحة و كانت مسرحية المحطة أول عمل مسرحي له بعد الشفاء .
في عام 1979 انفصل عن زوجته فيروز . وفي عام 1986 عن عمر 63 عاماً.





2) منصور الرحباني ( 2009 - 1925 ) :



وُلد في بلدة أنطلياس بلبنان ، عاش مع شقيقه عاصي طفولة بائسة ،
حيث قال منصور : ""تشرّدنا في منازل البؤس كثيراً . وسكنا بيوتا ليست ببيوت هكذا كانت طفولتنا" .
تلقى منصور وشقيقه دراستهما في عدد من المدارس ، إلا أنهما اضطرا للخروج للعمل عقب وفاة الوالد،
وفي سن السابعة عشر عين منصور شرطياً عدلياً في بيروت.
قدم منصور الرحباني العديد من المسرحيات الغنائية التي تجلت فيها موهبته الشعرية والموسيقية عقب وفاة شقيقه عاصي،
فقدم صيف 840، الوصية، أخر أيام سقراط، المتنبي، ملوك الطوائف، حكم الرعيان، جبران والنبي، وزنوبيا وعودة الفينيق.

.منصور الشاعر :

قدم منصور الرحباني أربعة دواوين شعرية هي "أسافر وحدي ملكاً ، وأنا الغريب الأخر، والقصور المائية، وبحار الشتى ،
ويتضح من خلال القصائد الشعرية لمنصور تأثره بالمدرسة الرمزية ، والتي تعد امتداداً لتراث الرمزية الفرنسية والتي رفع لواءها الشاعر سعيد عقيل ،
كما جاءت قصائده حاملة بنية درامية وجدل فكري وفلسفة تذوب في نسيج غنائي محكم.
توفى منصور رحباني بعد حياة فنية حافلة في يناير 2009 ، عن عمر يناهز الرابعة والثمانين عاماً،
وقد دخل منصور المستشفي بعد إصابته بأنفلونزا حادة أثرت بشدة على رئتيه، ليلحق منصور بشقيقه الذي توفى قبله بـ22 عاماً في الثمانينات ،
وعلى الرغم من وفاة عمودي الرحبانية عاصي ومنصور إلا أن موسيقاهم مازالت تنبض بالحياة.



3) إلياس الرحباني :



ولد في منطقة أنطلياس بلبنان وذلك في عام 1938
درس الموسيقى في الأكاديمية اللبنانية والمعهد الوطني للموسيقى ،
بالإضافة إلى تلقيه لدروس خاصة لمدة عشر سنوات تحت إشراف أساتذة فرنسيين في الموسيقى .
تزوج وأنجب ولدان هما غسان وجاد رحباني .
أحب الموسيقى بعد أن تعرّف عليها من خلال أخويه عاصي ومنصور الرحباني اللذان يكبرانه في السن.
اشتغل كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان وأيضاً كمنتج موسيقي لدى شركات منتجة للإسطوانات .
ألّف إلياس الرحباني موسيقى تصويرية لخمس وعشرين فيلماً بما في ذلك بعض الأفلام المصرية ، وأيضا لمسلسلات، ومقطوعات كلاسيكية للبيانو.
نال الدكتوراة الفخرية من جامعة بارنغتون الأمريكية والجامعة الأمريكية في اسبانيا 2001 .
أمّا اليوم فهو أحد أهم أعضاء لجنة تحكيم برنامج المواهب العربية سوبر ستار .
حصل على العديد من الجوائز من مهرجانات عالمية .

أترككم مع بعض الموسيقى والمقاطع المسرحية الرحبانية












وأجمل أغاني نصري شمس الدين

 

[سعد المغري]

..



هذه العائلة الـ رحبانية تأريخ ..

سؤال هل سيف الـ رحبي ..!! له علاقة .

وجميلة يا أريانا بـ هذه النبذة
شكراً لكِ.

 

[حنان العصيمي]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعد المغري

..



هذه العائلة الـ رحبانية تأريخ ..

سؤال هل سيف الـ رحبي ..!! له علاقة .

وجميلة يا أريانا بـ هذه النبذة
شكراً لكِ.

سيف الرحبي شاعرٌ عُماني ..
لا لُبناني ..

تلكَ العائلة ، تاريخٌ لا يندثر ..
والشكر لإطلالتك
التي أضافت جمالاً على الطرح
أيُّها السعد ..

 

[عائشه المعمري]

أريانا ..

حقاً ، أن هذه العائلة أعطت لـ تاريخ الموسيقى
ما لم يعطه غيرها ..

نحتاج إلى عائلة أدبية من هذا النوع



شُكراً لك يا أريانا
بحق موضوع ثري ومكتمل

 

[حنان العصيمي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشه المعمري

أريانا ..

حقاً ، أن هذه العائلة أعطت لـ تاريخ الموسيقى
ما لم يعطه غيرها ..

نحتاج إلى عائلة أدبية من هذا النوع



شُكراً لك يا أريانا
بحق موضوع ثري ومكتمل

ولا تزال تعطي الموسيقى وتاريخها يا عائشة ..
والشكر لهذا الحضور الأنيق ..