إهداء:
إلى العزيز دائما:الذي تستهويه هذه النوعية من الأقاصيص الساخرة
الكاتب المغربي:عبد الله البقالي..
وإلى كل الجبناء العر ب
حكاية الزاهي المرعوب!!
أقصوصة ساخرة
الطيب الجوادي
لا حول ولا قوة بالله ..صرخت ،وأنا أضرب كفا بكف عندما رأيتُ "الزاهي التومي"من نافذتي
وهو يجري في الشارع كالمجنون حاملا بين ذراعيه إحدى كريماته التي لم يتجاوز سنها الثلاث سنوات:وهو يصيح :
إلى الملاجيء ،إلى الملاجيء:الإسرائيليون قادمون!!
*
فمنذ بداية الحرب في الجنوب البناني:لم يعد "الزاهي التومي"الرجل الذي نعرفه!!
فبعد أن تسمر طيلة اليوم الأول للحرب أمام قناة "الجزيرة"،جمع فجأة كل أفراد عائلته المتكونة من زوجته "هنية"
وابنه "حسن"وابنتيه "مريم "و "خديجة"وأعلمهم بأنه قرر الهروب من حي الغلابة إلى مكان آمن خوفا من القصف الإسرائيلي!!
ولما جادلته الخالة "هنية"زوجته بأنهم في شمال إقريقيا،وهم بعيدون جدا عن مرمى نيران العدو،قهقه بطريقة هستيرية ورد عليها بكل حزم:
-يا ولية إسرائيل ذراعها طويلة وقادرة أن تصل إلى الجميع في أي مكان!!وأنا مسؤول عنكم ويجب أن أقيكم من الخطر الداهم !!"
ولم يضع "الزاهي"الوقت
اشترى كميات كبيرة من الحليب والخضروات واللحوم المجمدة..
وقام بطلي كل المصابيح الكهربائية باللون الأزرق لتضليل الطائرات كما ادعى..
بل إنه عبث بلافتة البلدية التي تشير إلى حي الغلابة وكتب مكان اسم حي الغلابة "مرحبا بكم في "الكنغو"حتى يغالط الطائرات أيضا..
وتقدم بقضية استعجالية أمام المحكة لتغيير إسم ابنه "حسن" ب"جورج"حتى لا يظن الإسرائيليون أنه من أنصار حسن نصر الله!!وحتى لا يصيبونه بأذىوهو ابنه الوحيد..
وبعث برقية عاجلة لوسائل الإعلام يعلن فيها أنه وكل سكان حي الغلابة ضد "مغامرة"المدعو حسن نصر الله،وأنه يؤيد الحلول السلمية حتى لو استولت إسرائيل على كل الأراضي العربية ،فالإسرائيليون يهود وهم أبناء عمنا ،كتب في برقيته، وأن يحكمنا أبناء عمنا خير من أن يحكمنا الشيوعيون الملاحدة او الإيرانيون المبتدعون!!
وباستعار رحى الحرب ،تطورت حالة "الزاهي التومي"نحو الأسوأ
أصبح صاحبنا يتبول في الفراش..
وتحاصره الكوابيس المزعجة التي تحرمه من النوم :فبخرج إلى الشارع حافيا ،أشعث الشعر وهو يشير إلى السماء:طائرات ،طائرات!!
وألزم كلر أفراد عائلته بعدم الخروج إلى الشارع أوالإقتراب من مواقع حزب الله!!ولما انفجر أبنه حسن في وجهه صارخا:هل ترى هنا مواقع لحزب الله يا أبي،وضع يده الغليظة على قمه وأخذه إلى ركن قصي من المنزل وهمس له:
"ومن أدراك أنه لا توجد مواقع لهذا الحزب في حينا ،؟يجب أن نكون حذرين يا بني!!""
ويوم قررت الحكومة الحداد وتأجيل كل مظاهر الفرح والإحتفالات،أصر صاحبنا أن يقيم حفلا صاخبا فوق سطح منزله
"حتى يقتنع أولمرت انني لستُ ضد إسرائيل"أجابني عندما استنكرتُ ما فعله ،قبل أن يضيف"إسرائيل تعرف عنا كل شيء ،عندها أقمار صناعية متطورة،وجواسيس محترفون،ويجب أن نكون فطنين.."
وبعد أن أخذ نفسا مضطربا من سيجارته الرخيصة وهو لا يكف عن النظر إلى السماء،واصل:
"إسرائيل قوية يا صاحبي،إسرائيل خطيرة ،إنها قادرة أن تحيل حياتنا جحيما وأن تيتم أطفالنا وأن ترمل نساءنا
وان تدمر كل ما بنيناه ،ولذلك نحن مجبرون على مهادنتها وتجنب إغضابها!!""
قال ذلك قبل أن يجري بعيدا وهو يصرخ في المارة:إلى بيوتكم ،إلى بيوتكم،طائرات،طائرات!!"
اليوم صادف أن حلقت طائرة هيلوكبتر صغيرة لرش المبيدات الحشرية ،فوق الحي الغلابة ،وبعد أن أدت مهمتها وعادت من حيث اتت،وجدوا "الزاهي التومي" محشورا في إحدى حاويات الفواضل التي وضعتها البلدية وقد فعلها في سراويله!!ولم يقتنع أنه ما يزال على قيد الحياة إلا ما رأى زوجته "التي كان يقول عنها دائما إن الله أرحم من أن يجمع بينه وبينها دنيا وآخرة