" حين يعطش الماء "
من ديوان آخر الورثة من سلالة النخيل كتبت عام 1999 حزيران حائزة على جائزة ربيعة الرقي الدولية
[COLOR="DarkOrange"]أرتدُّ نحوي..
حين يلمسُني بنفسجهَا..
وتدعوني إلى شاي
الصباحْ ..
لاشيءَ..إلاَّ أنَّها أمِّي..
تقلِّد أمَّها ..
قالت :
أتحلمُ كلَّ يومٍ
بالبعيدْ ..؟
قلت: الوسادة شارعٌ
قد باع صندوق
البريدْ..
ولأنَّه أنت المدينة والغريبةُ
هاهُنا سمَّرت أحلامي
على رملٍ ..
وأعلنت النشيدْ
***
وإذا تمرُّ بي السواحلُ
أستدير لموجها جبلاً ..
وأرسو هارباً منِّي ..
فأمِّي " أرضعتني
من فرات حليبها "
شمسٌ تسلِّي ظلَّها..
في نبض صحراء
الوريدْ ..
لكنَّ يا أمِّي..
البلاد تفتَّحت جمراً ..
على شجري تنزُّ
شتاءها ..
وأنا كبرت على السريرْ ..
ولقد أضعتُ عقيق
مَهدي حين شاءت
من أريدُ.. أنامِلي
وتراً لرغبتها.. وقالت :
حانَ وقتك ..
دافئٌ نَهدي لثغرك
يا صغيرْ ...
وأخاف حين أردتُ
قبَّعة الضياء أخيطُها
شغف السنابل والدروبْ ..
فسموتُ عن تعب
المكان مردِّداً..
ها إنَّ من أعطت
رمالي ما أريدُ من النخيلِ
تجاوزتني للغروبْ ..
فتسلَّل الزيتون نحوي
خلسةً ..
لأكون قافلةً لعطرك
أدمنتْ طربَ الحداة
إلى الجنوبْ ..
ويداي قد عرفت مفارقها
على أبواب محرابي..
وأرضي ..
لا أخاف الآن ..
قلتُ لسنديان جهاته..ِ
ثمَّ استدرتُ إلى الهروبْ ..
***
حتَّى تكلَّم سيدي
لم أعترفْ ..
يامنهكين...
بقطرةٍ أو ملحها ..
لدمي أراها
بصمةًً..
إمضاءةً...
لهياكلِ ألآس الغريبةِ
من شواهد حربنا
ضدَّ القصيدةِ ..
نحو جبهتها أطرِّز
رايةً لذراعها..
أو رايةً وذراعها ..
وأعلِّم الشهداء أنواع
الجنائز ..
والحقيقة أنَّهم عرفوا
على صدع الشوارع
لافتاتٍ أو معاطف
للخريفْ ...
وبأنَّهم " قد قلت قبلاً "
لن أخاف ..
وكلَّما شاءوا أراك
ترتلين حزينةً وِرْدَ
السلامةِ ..
إنَّني آمنتُ..
لن أُنسى..
وقد خلَّفتُ مرآتي
وأوراقي ..ورائحتي..
على منديلِ بسمتك
النظيفْ ..
وخرجتُ طائرةً لأوراق
تخاف الريحُ وجهتها..
ستلفظها السماءُ ..
تقول توجعني إذا مرَّتْ
بتنورٍ على حطب السوادِ ..
بقبَّةٍ يخشى المريد
بخورها المصريَّ ..
بالثلج المحاصرفي مواقدهم
على نغمِ الدفوفِ ..
بشامةٍ في خدِّ دجلة..
أجهضت موَّالها أنثى..
لحاويها يدندن فقرٌها
جوع المقام الخزعليِّ
على الرصيفْ ..
وهدأت حين النار شاءت
سجدةً أخرى ..
وقلت سأنتهي قبل
البدايةِ..
ثمَّ أغسل زنبق الدار القديمِ
عن الغبارِ..
وأسأل القرميد عن كلِّ
المواسمِ ..
هل أتى تمُّوز قبلي ..!
هل سأهدي حنطتي فزَّاعةً
تخشى عصافيرَ الحصاد ..
وهل رأى للنمل خارطة
ببيتي ..؟
هل رآكِ تغزلين
حكايةً لربيع أختيَ
في الشتاء..
قال اشتياقك حامضٌ ..!
قلتُ الطبيعة..
أطعمت أوراقها
قلبي ..
فـأجهش بالبكاءْ ..
ونَهضت حين الماء يعطش
قطرةً أخرى..
وقلت سأنتهي قبل النهايةِ ..
ثمَّ أفضح في السواقي
لهجة المرآة ..ِ
كيف تزاحمت قصص
الوجوه عن الهوى ..
عذريّةٌ كانت لقاءات
السواقي ..
قلت أفضح لهجة المرآة
حين تزورها ليلى
السهادْ ..
"حقلي يخاف الدفء " قالت
لاتخافي..
" إنَّ للشفةِ احتراقٌ "
قالها قبل الرماد..
مرثيّةٌ كانت لقاءات
السواقي..
قلت أفضح لهجة المرآة
فيها.. حين جاؤوها
حفاةً ..
نسمةً حمراءَ..
ترهقهم كلاب
الصيد ..
قالوا: أخبريهم ..
للمدى زنزانة عمياءُ
تتكئ الجماجمَ..
في الطريق إلى العروشْ ..
ولنا رغيف الخبز
يكسرنا..
ويأكل قوتنا ..
ويدقُّ أختام الملوك
على النعوشْ ..
ولك الأمانة ..أخبريهمْ
إنَّ للسرو اخضرارٌ
لايموت
وأعودُ ياأمِّي إليَّ
أتذكرينْ..
أعطيتِ جارتنا سريري..
قُلتُ مهلاً ..
طوق طفلتها سيكبر
من يديَّ ..
وإنَّه سيغار يوماً أقحوان
وسادتي منها.. عليَّ ..
وإنَّه ..
لم أستطع ..
فرأيتها يوماً على شباك
غرفتها الوحيد ..
كتَبتْ على غبش الزجاج
عبارةً ..
قد باع صندوق
البريدْ ..
***
قالت بنيَّ
كأنَّ ظلَّك
ناضج ٌ..؟
قلت: .. استرحتُ
إلى الضفافِ
فلم أجدْ حجراً لأر سُمَني
عليهِ
وأنـتـهي.. [/COLOR
]