يعتبر الفنان الراحل عبدالله فضالة أحد أضلاع مثلث المدرسة الغنائية الثانية الى جانب عبداللطيف الكويتي ومحمود الكويتي، واذا كان عبداللطيف الكويتي اشتهر بأنه مطرب الملوك، ومحمود الكويتي المطرب والملحن صاحب ريشة النسر، فان عبدالله فضالة اشتهر بأنه صاحب مدرسة فنية خاصة وجمع بين الغناء والتلحين والتأليف.
وتتفق معظم المصادر على ان الراحل عبدالله فضالة من مواليد الكويت في عام 1900 على وجه التقريب، ويشير الكاتب فرحان عبدالله الفرحان في مقال «القبائل والأنساب التي سكنت شرق الجزيرة العربية في العصر الحديث» المنشور في الوطن بتاريخ 26/10/2003 عن آل الفضالة: عبدالله فضالة بن رحمة السليطي مدرب وملحن وشاعر كويتي ولد سنة 1901.
وتشير المصادر الى ان عبدالله فضالة عاش منذ صغره حياة الحزن والآلام، حيث توفي والده وعمره لم يتجاوز الأربع سنوات، فكفله وقام على تربيته عمه، ولم يعش عبدالله فضالة عيشة طبيعية كغيره من الأطفال، وليست وفاة والده هي مصدر حزنه وكربه الوحيدين، بل ان هذا الطفل فقد بصره وهو صغير.
وقد أحسن عمه تربيته وأحضر له عالما معروفا بدينه وتقواه ليلقنه دروس الدين وعلوم القرآن الكريم. لكن هذا الطفل الصغير كان يشغله أمر آخر. كان يعشق الغناء والموسيقى، ولا يحب اللهو مع الأطفال في مثل سنه، خاصة ان ظروف اصابته بالعمى لم تكن تساعده على مجاراة الأطفال.
وساهم في تعلقه بالغناء ان صوته جميل جدا، وهذا ما شجعه على ان يتجه اليه، لعله يجد فيه ضالته.
كان عبدالله فضالة يهرب من استاذه في المدرسة، ويراوغ معلمه ويذهب الى بعض أصدقائه حيث العود والنغم.
وعندما علم عمه بأمره حاول ابعاده عن هذه الأجواء، خاصة ان نظرة المجتمع إلى الغناء آنذاك لم تكن مشجعة لكون ان عائلته من العائلات المحافظة المتمسكة بالعادات والتقاليد، فوقف عمه أمام رغبته في تعلم الغناء، ونصحه بالابتعاد عن هذا المجال.
لكن هذا الطفل الذي عشق الغناء كان **** الوقت لكي يذهب الى المقاهي ليستمع الى أغاني المطربين واسطوانات المشاهير آنذاك، حيث تشير المصادر الى انه كان يستمع في صغره الى عدد من هذه الأصوات، كما انه تأثر ببعض الفنانين، لا سيما عبدالله الفرج على انه لم يلتق به، كما تأثر بمطرب يدعى محمد شريدة ومحمد بن سمحان.
وكان لالتقائه بالشيخ ابراهيم الفاضل دور في تشجيعه على الاتجاه الى عالم الغناء، فقد أعجب الفاضل بصوت عبدالله فضالة، وتأكد ان لديه موهبة الغناء والعزف فأهداه «عودا» وأصبح العود شغله الشاغل بعد ذلك، وعندما علم عمه بذلك ثار عليه وغضب أشد الغضب.
وتشير المصادر الى ان عبدالله فضالة قد اثر الاختفاء بعد ذلك خوفا من عمه، وقد نصحه بعض الأصدقاء ان يذهب الى الهند بصحبة احدى السفن.
وهكذا بدأت رحلة شاقة لهذا الطفل الصغير الكفيف، كل ذلك من أجل حبه وهيامه بالغناء، ذهب مع احدى السفن نهاما، وكان ذلك في عام 1913، على وجه التحديد، وقد اطلع على ألحان مطربين بارزين مثل عبدالله الفرج ومحمد بن فارس وضاحي بن وليد الذي انتشرت اسطواناتهم آنذاك، وهكذا هام هذا الفتى بالغناء.
يقول المطرب عبدالله فضالة في لقاء اذاعي أشار اليه د.فهد الفرس في «القبس» 14/10/1997، «انه كان ينام والعود على صدره»، وتشير المصادر ان الراحل كان من أوائل المطربين الذين سجلوا أغانيهم في الخارج، ويقول د.يوسف الرشيد «ان عبدالله فضالة مدرسة متكاملة في الموسيقى الحديثة، وهو حلقة وصل بين جيل عبدالله الفرج وابن لعبون، وخالد البكر وجيل المرحلة الثالثة من الغناء، «ويضيف الرشيد في ندوة حول الراحل عبدالله فضالة عقدتها أكاديمية الفنون الموسيقية يوم 25/10/1997 بمناسبة مرور ثلاثين عاما على وفاة الفضالة: عبدالله فضالة مدرسة موسيقية قائمة بذاتها، فنانا خلاقا وموهبة اتصفت بالابداع، وهو من اوائل الفنانين الكويتيين الذين سافروا خارج الكويت في رحلات بعيدة من أجل تسجيل أغانيهم، وكان يطارد سفينة بريطانية من ميناء الى ميناء، وكان يزامل عبداللطيف الكويتي ومحمود الكويتي حيث شكلوا ثلاثيا فنيا، ووضعوا أسس وقواعد موسيقية وفنية شكلت مدرسة مستقلة، وان ارتكزت في بعض جوانبها على مدرسة عبدالله الفرج وابراهيم اليعقوب وخالد ويوسف البكر بشكل غير مباشر، وكانت قاعدة لانطلاق جيل جديد