اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال الشقصي
\
الـ ع ـظيمة.. منال، القريبة بغربة الحلم..
أن نتوجس الداخل، يعني أننا الهاربون الآن عن صقيع الأبدان، ومزاولة البحث والدأب في كهوف الذات هي محاولة جديدة لجذب البرد الخارجي جهة حرائق الشريان.
(سعادتنا تكمُن في فاجعة اكتشافنا).. هكذا تقول مستغانمي، فلم لا نجرب تجريد الألم من مسماه الطبيعي، لنوجد لنا طبيعة جديدة محورها لذة الفجيعة؟.. لم نرهن الألم بالنهايات والتراجيديا المأساوية، فيما أن الحقيقة تشير إلى أن أغلب الوجع هو انطلاق التعبير الإبداعي.. بدءاً من هوميروس ودانتي، ووصولاً إلى قومية الماغوط الموسومة بذعر الفجيعة!
:
أستاذتي الجليلة.. أعلم أنك الآن مثلي، تسترقين النظر إلى الشريط الأحمر، ومقص ضخم يقطع أوصاله من المنتصف تقريبا، لتدخل الجموع إلى قاعة الأفراح بعد أن أعلنوا الموت والفجيعة مسبقاً.. عند مدخل الابتسام.
في هذا الركن يسعدني البحث والبوح، وفي منتصف المسافة بين الحلم والنكسة المعلنة.. أركض بدفتر ملخصات الروح، فأنا الذي مايزال يعرف خبايا البيوت في هذه المدينة، كما كان يركض ماركيز في حكاية موت معلن!
/
ثمة حنجرة أولى لم استخدمها منذ زمن، واستعضت بأخرى في كل مراودات ثلاثيني القاحلة، جئتِ أنتِ لتستثيري نبضها الموؤود هنا، فحاول أن يخرج إنسان الصوت كما أراد، ولكنه عاد إلى وكر صمته، مفضلاً تسريح الغبار على جديلة نطقه المحظور!
لا عدمتك.. قد أفضفض لك من الحقيبة يا منال.
/
|
نعم تقول أحلام مستغانمي : من الجرح وحدهُ يولدُ الأدب !
و إذا خُلقَ كلُّ إبداعٍ من رحمِ الألمِ , ماذا سنتركُ للفرحِ من حَكايا اللُّغة , و بأيّ أبجديّةٍ قد نستطيعُ تلمّسَ قوسَ قزحٍ إذا ما انشقّت عتمةُ صدورنا عنه ؟
هي ذي الأصابعُ تمسكُ اللغةَ كأنها طفلةٌ معصوبةُ العينين , و تشكّلُ بعبثها الطّفولي بها قيداً للفرح , و الكثير من قضبانِ الألم , ثمّ تجري راكضةً نحوَ حناجرنا , لتسمعَ وقعها هناك .
/
أتعلمُ يا جمال , أمسكتُ بذاكَ المقصِّ أمامَ شريطٍ أحمر , كانَ معي الكثيرون من مفجوعي الحلم , و موجوعي الفرح , هُناكَ أدركتُ كيفَ يكونُ طعمُ الانتحارِ المسبوق بالفجيعة , المُباركِ الخُطى من جميعِ حبّاتِ المَطَر .
في منتصفِ المسافةِ بينَ الحلمِ و النّكسةِ المُعلنة ؟ هُناكَ حيثُ يصبحُ الرّكضُ محصوراً على مسافاتِ الموتِ مسبوقةِ الخُطى بأمانٍ مبتورة , ماركيز توقّف عن الرّكضِ يا جمال , قرّر أن الموتَ يجبُ أن يكونَ سريّا , خفيّا تماماً كما أحلام ايرنديرا البريئة .
دوماً هُناكَ حنجرة تختبأ في غياهبِ أصواتنا , لا يسمعها إلّانا , هي تصرخُ بصوتٍ عالٍ , و لكننا نكتمها تماماً كـ أحلامنا ..
عدتُ هُنا , لأنّي شعرتُ بأنّ هذا المساءَ يحتاجُ لهذا النّص , و لأنّ الردّ أعلاهُ كان أشبهَ بغمامةٍ حطّت على غصن شجرة , و ما غادرتهُ إلّا بعد أن استنطقت الرّبيعَ في أزهاره و أذابت الصّقيع ..
الأستاذ جمال الشّقصي ..
شُكراً لهذا النّبضِ الهادرِ / الهادئ ,
سأتركني هنا حتّى مطرٍ آخر .