اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعد الصبحي
قلتها في نفسي بصوتٍ يشبه تردد الصدى بين أضلعي حين رأيتها ,
وُلد في مثل هذا اليوم : عطْرٌ وجنّة
بصوتٍ يهمس في اتجاه الريح كي تصل الصرخة إلى ابعد مدىً في الفرح,
بصوتٍ يُشبه الحماسةَ في الأناشيد الوطنية
بصوتٍ لا يُشبه الماضي كثيراً ,
الماضي الذي اذكره جيّداً في الأصدقاء الراحلين والأماني التي تجفل من قلبي كل عامٍ ارتّب فيه ايامي علّها تليق بغدي,
الذي اتنبأ به مُبكراً قبل الحصاد قبل أن تبدأ الأمّهات في الوِتر قبل أن تصحو العصافير
قبل أن ينتشر الرزق وقبل ( يافتّاح ياعليم ),
اراه قادماً من بعيد رغم ضبابية الطريق والفراش الذي يحجب ضوء الفوانيس رغم الشوك في قدمي الحافية,
رغم عيني المُتعبة
وظهري الذي تسحبه الجاذبية إلى الأرض
أكثر من أي شخص آخر,
قلتهاوhttp://www.6rb.com/songs/2759.html اراها كمشهد احفظه في قلبي ,
تتقافز سعيدةً في الطين تتحاشى الاسفلت تضحكُ بملء حُلمها ,
وانا البائس الذي يدخّن خيبته و يُرتّب العمر امام عتبة بابهم الجانبية ,
بهيئةٍ اعتادت رؤيته فيها هناك بنفس الملامح بنفس البسمة بنفس ( الجاكيت )
الذي تعرفه كل مواسم السنّة كي يدس الحًلم في جيبه العميق عن العابرين ,
بنفس الظهر المُنحني كمالكٍ حزين , بنفس العينين الرحيمتين التي يرقبها بها
ونفس الحُلم المُتدلّي من جبين القمر
,
قلتها بصوتٍ كالآميـن المُتصاعدة بعد الوِتر تماماً ,
أنتِ من ابتهل لأجله كي يجعل الْقدرعُمره القادم دعوةً مستجابة وطمأنينةً كسجدةٍ في التهجّد ,
أنتِ من تستحق أن يفتح العُمرالقادم لها ذراعيه يحضنها بحنيّة الأمهات والأمنيات القريبة من القلب
بعد أن يتوقف المطر يُخفي خلفه هديّة من السماء ,
ويدسّ في جيبها المقطوع
عمراً أجمل ...
|
26 / 5 الْيَوم أيضا ً :
وُلِدت ُ يا سَعد .
مَضَت ذَاكِرة ٌ عَن مِيعادك , عَنْ الْمِيلاد ِ الَّذي شَوّب الْشَمع فِيه وَجْهِي , عَن ِ الْفَرحة الْمَعزولة الْتِي لَم تَفتح شُباكها منذ ذَلك الْوَقت .
- أجْلتُك حَتى تَنضج عَيني , خَلْف الْمِيلاد .
وَ قَد كبُرَت يَاسعد .. وشَمُرَ عليها جِفني , إنّها حافِية ٌ فِي نَظْرَتها وَ تْمِشي كُل ليل ٍ عَلى الْماء , إنّها لا تُفرّق الْحُب عَن الْصَباح , وَ لا رَحِيل أُمِي عَن الْمُفاجَأة ِ !
كَبُرَت .. وَترى أشياء ً غَير مُعُتادة , تَرى الْطُفولة .. تَرى الْقِيامة , تَرى الْقِطار الْمُسافر عَلى سِكة ٍ غَيْمية .. تَرى الْضَوء الْخَافت خَلف الأرض , ترى ذِراعا ً مُضَفْرا ً بِذْراعِي , تَرى أثَراً رَطبا ً يَنْتَهِي عَند طَرف ثَوْبِي , لا أملكه .
لَكنها لَم تَعد تَرى ظِلّي , وَلم تَعد تَرى أصَابِعي , وَلم تَعد تَتذكر أي أمر ٍ مِن الْحُزن .. يُغيّبها عَن تذكر ِ الحُزن ذاته !
وَلِذلك أنا أبْدو فِي حالة ٍ جَيدة ٍ من الْحُزن , فِي مَوقف ٍ يَستدعِي الْبَرد , وَ صَوت ٍ نَهبته الرّيح ..
لَكنني لَست ُ كَذلك , أنا مُطْمَئنة ٌ فِعلا ً , وَثّمة مُوْسِيقى دَاخِلي , أنا فَقط : هَادِئة بِطَبيعة ِ الْتَعب و أعيش ُ بِمُتعة ٍ جَميلة , هذه ِ الْحَياة ُ بَعْثِي يَا سَعد .. كُنْت ُ فِي الْمَوت .. كُنْت ُ وَحِيدة .
- وعَلى ذِكر ِ ذلك : أُريد أن أرى ظِلّي وأصَابِعي لمرة ٍ وحيدة ٍ أيضا ً .. لِمَرة ٍ تُشْبهني فِيما يَتعلق ُ بِالْزِحام .
الْآمِين ُ الْمُتصاعِدة تُسَاند عَيني فِي لحظة ٍ كَهذه , يَقْفِزان مَعا ً عَلى الْوَتر , وَيختفيان مَع الدْمعة .
حَتى الْفَرحة الْمَعْزولة تُحدّث فَرْقا ً الآن , أسمع ُ فِي فمها الْشّمس .. لَكنها مَازَالت لا تَمد ُ يَدها إلى الْشُباك , الْشَجرة ُ , شَجرة ُ الْذَاكرة ..خَلفه تُصلّي .. وَ هِي كَما رَبينا .. تَحْتَرم ُ الْطُرق إلى الْسَماء .
الْفَرحة الْمَعزولة يَاسَعد , تُحِبها عَزلتها .. تَبْنِي مَعها حَدِيث الشمع , وَعلى ذَلك تَجْتمع ُ الأمْنيات .
وأنا أجْمع ُ الْأمْنيات الآن .
أُشوّب الْشَمع , أمْشِي عَلى الْمَاء , ألْتقِط ُ الْمَرّة مِن الْزِحام .. أتذكر ُ أمرا ً فِي الْحُزن ..
وأفرح فرحة ً غَير مَعزْولة .