رواية: (جت..)

[عبدالعزيز رشيد]

_10_

"آه كم هو قاسي الحظّ عندما يكون أسوأ عيوبنا ):"
سبق وأن حدّثتكِ ذات مرّة عن حزنٍ مألوف شاهدته أكثر من مرّة, ففي عام 2001 شاهدت الحزن يخيّم على الكثير من لاعبين نادي بايرن ليفركوزن اثر خسارتهم كأس الأبطال الاوروبيّة ولم يثر انتبهاي اي وجهٍ بالتحديد لكن تعجّت وأن رأيت بعد عام واحد وتحديدا2002 شخصٌ حزين وليس بـ غريب فقد كان نفسه مايكل بالاك! لكنّه الآن حزين على فقدان كأس العالم في المباراة النهائيّة, قلت في نفسي هو الحظّ لاأكثر ولكن بعد أعوام وتحديدا 2006 شاهدت بالاك الحزين يبكي! بعد خروجه من كأس العالم بربع النهائي نعم كان يبكي وهذه المرة عرفته جيّدا بات مألوفا فقد كانت ملامحه صارخة بالحزن والتعب والإعياء من سوء الحظّ رأفت لـ حاله كثيرا, وفي عام 2008 لم يلفت انتباهي من ضمن الباكين إلا بالاك نفسه وهو يبكي على البطولة نفسها والتي حُرم منها عام 2001 أي قبل سبعة أعوام! ):- آه كم أنت حزينٌ فعلا بالاك, وكم يذكّرني بحلظات حزينة لديّ ومن حينها وضعت صورته صورة رمزيّة لي فبتّ احدّثكِ عنه ولم تمضي الأشهر إلا وقال الحظّ كلمتة أثناء حديثي لكِ عنهُ فقبل أيّام خسر بالاك كأس اوروبا وهذه المرّة بقميص منتخبه الذي يحبّه! , سكتُ.. فلم يكن بمقدوري أن اكمل الحديث عنه):, وزاد من عمق صمتي عنوان قرأته عنهُ يقول فيه كاتبه (واللي يرحم أمّك ياحظّ .. ركّز معي شوي!) , فعلاً لم ينصفك الحظّ يابالاك

 

[عبدالعزيز رشيد]

_ "أفكار في جيب الحكي مزرورة بأسرار"
_ لازلنا نزور الأوقات على مرّ الأمكنة!
_ على حافة القلم لاتزال رغبة الحديث تداعبني,وأسراب الأفكار تناديني من سماء التحليق ولازال ولازال الحديث نفسه مشتاقٌ إليكِ

 

[عبدالعزيز رشيد]

_11_

صرخة المنتحرين غالبا ماتكون القطعة الأخيرة من حياتهم ليلقوها على وجه الحياة بكل استياء ودونما خوف - من أيّ شيء يخافون وقد أتلفوا كلّ آمالهم وأحرقوها قبل مغادرتهم وكانت لتلك النار أصوات كـ أصوات صرخاتهم الأخيرة,كثيرا ماأتوق لمعرفة أسباب فعلاتهم وكثيرا ماأتعجّب من التباين العجيب لـ غاياتهم فهنالك (البؤساء,التعساء,الطائشون,المجانين,اليائسون,المندف عون) , لكن قلّة من تلامسنا صرختهم الأخيرة وكأنّ كلّ حياتهم اختزلت في تلك الصرخة البائسة,أتذكّر الرسّام: فان غوخ و كلمته "الأحزان لن تنتهي أبدا" كان قد قالها بعد محاولة انقاذه بعد أن حاول الانتحار!, فان غوخ صرخ في وجه الحياة ومضى بعيدا عنها إلى الأبد, وفي الحرب العالميّة الثانية وبعد أن صارت القنابل تسقط على المدن الألمانيّة أكثر من الأمطار وبعد أن أصبحت سماؤهم لعبة لمحترفي القتل والدمار انتحر جيشونيك قائد أسراب المقاتلات الألمانيّة بعد أن كتب في رسالته "نحتاج الى المقاتلات الآلاف من المقاتلات وإلا فالويل لنا من الهزيمة",جيشونيك وصرخة عتاب أبديّة مليئة بالوفاء في أبشع صورة!

 

[عبدالعزيز رشيد]

_ وأخيرا صغّرت الصورة بنفسي (:
_ قرأت للتوّ موضوعا شدّني إلى المكان الذي يتحدّث عنه فتمتم روحي "خِذ منّي معك" ):

 

[عبدالعزيز رشيد]

_ كتبتُ وكتبتُ كلّها عن أشياء كنت أخبّؤها كانت مختبئة في داخلي,أمامك أحببتُ أن أكون بكلّ مافيني, تحدّثت عن ساحات واناس في داخلي يلعبون وعن سِيَر تكمّل مسيرتها في داخلي وعن ومضات رأيتها بالكاد احدّثها لأحدٍ خشية تكذيبي إلا أنّني تحدّثت عنها لكِ,أشياء كثيرة حولي تحدّثني,من كلّ لون اكتب إليكِ بلون حبر السهر ولون حبر الصباح لحظة الإشراق ولون الـ لاوقت والـ لامكان,أكوّن عالماً لـ يليق بكِ وبغيمة بروحك
"إنتي كما غيمة
وروحي لك سما"

 

[عبدالعزيز رشيد]

_ وصلت لك(:
_ في زحمة الهمّ ووهن التعب ووجوم الأيّام أخترق صفوف الظروف رفيقا لـ عدم الاكتراث لاحزن لديّ أعبّره بل شيء أكثر حزنا منه
_ "سافرت لعيونك وانا حلمي نظر عينك"
_ ضجيج التعب وازدحام الأرق وكانّني في مدينة لاإحساس لها ليس هنالك سكون ينتظرها , واقفٌ أنتظر أرى المارة يمرّون وكأنّهم لايروني كنت وحدي والكلّ من حولي!
_ " سما وغيمة نكون تاخذ الدنيا علينا"

 

[عبدالعزيز رشيد]

أحد أجمل المسلسلات الكرتونيّة المدبلجة والتي تحتوي على احدى أجمل الشخصيّات المحبّبة لنا كم أحبّ أن أحدّثكِ عنها وعن جون سيلفر (الرجل ذو الساق الخشبيّة) كانت تلك الشخصيّة كفيلة بمنح المسلسل كلّ ذلك الضوء فمابالنا بقصّتها وبكلمات أغنيتها حين نسمعهم يغنّونها "نسير معا وآمالنا تسير قبلنا" لم تكن تلك الدبلجة للأطفال بل كانت لطفولتنا!, إذ انّها أُعدّت على أساس أن نكبر لـ نتذكّرها ونعتبرها جزءا من طفولتنا الراحلة وكيف أنّ ماكنّا نشاهده لم تكن حكاية خرافيّة تكذب على عقولنا وتماشي حال طيشنا بل كانت الجديّة تخاطب الكبير فينا أثناء طفولتنا وبعد أن كبرنا أصبحت تخاطب الطفولة الموجودة في كبرنا!, بعدٌ غريب يحويه هذا المسلسل كانوا في رحلة وكنّا معهم في رحلتهم ,جون سيلفر كان مثالا جميلا للشرّ! شخصيّة انتزعت الحبّ من قلوبنا رغم كومة الشرّ التي تملأها قرصان وهب نفسه للمال والاطماع على حساب الأرواح وكلّ شيء لكن لم يكن كذلك فحسب بل كان حتّى في شرّه وجشعه إنسان!,نعم كان يمثّل صورة الانسان العفويّ في شرّه انسان (الردّة فعل) لـ ماحوله من ظروف أكثر من كونه المعتدي البادي الغارق بالفظول الكريه, كثيرا ماأتذكّر كلماته وكيف أنّه كان مليئا بقيمه هُو والتي بناها لـ نفسه وجعل منها دستورا تقيّد تصرّفاته لـ هذا احترمه رغم شرّه! كان مخلصالـ مبادئه ورؤيته حتّى على حساب نفسه\طيبته لـ نتذكّر عندما قبل العلامة السوداء -والتي كانت اشارة موتٍ لأي قرصان فقد قبلها دون تردّد أتذكّر قوله حينها "جيم أتذكّر أنّني قلتّ: لك بالسابق أن هنالك أشياء كثيرة في هذا العالم لاأحبّها ومن بين تلك الأشياء قوانين البشر لاأحبّها .. لاأحبّها ياجيم" , سيلفر المليء بالغموض كان يرسم لنفسه صورة الخائن الأمين والعطوف ذو القسوة الساعي إلى مايريده كيفما يكون, حُبِس في سفينة العودة وبعد أن ساله جيم في محبسه ماهو أهم شيء لك في الحياة فقال له دون سخرية "ف الوقت الحالي هذا الكوب من القهوة!" كثيرا ماكانت ملامح السخرية والتعجّب تطوّق ابتسامتنا حينها! كيف يقول ذلك ماهذا الاستهتار؟! كنّا اطفالا وبعد أن كبرنا علمنا بأنّه فعلا لم يكن يملك شيء إلا ذلك الكوب من القهوة ! - فعلا كان المسلسل يخاطب طفولتنا أثناء كبرنا يخاطب كبرنا أثناء طفولتنا, كذلك أتذكّر قول زوجته له بعد لقاء طال انتظاره"أيّ امرأة بحّار عندما ترى سفينة في الأفق تعرف أن هذه السفينة ستقف بالمرفأ لكن .. أنت لست من الرجال الذين يعودون حتّى لو انتظرتك ياعزيزي" وبعد أن تذكّرت أدركت بأن المسلسل كان مليئا بالخطابات الشاعريّة من اوّله إلى آآآخر كلمة قالها سيلفر "كلٍّ منّا يحتاج إلى الإرادة حتّى يقوم بعمله"
فهذا هو سيلفر.. الذي أعرفه .. واللذي أحبّه .. صديقي سيلفر*

*كلام:جيم هوكنز

 

[عبدالعزيز رشيد]

_13_

لو عدت إلى عام 1994 لعرفتِ عشقي للبرشا قد لانحتاج لسرد الحكاية لكن قد يكفي بأن أقول بأن هنالك أسماء مرّت على مسيرة عشقي للبرشا أتذكّرها وأتذكّر لحظات الفرح التي عشناها معاً فقد كنّا فعلا معا!,ورغم انّني لم ادرك الفرحة العظمى للبرشا بعد فوزهم بالتشامبيونزليج عام92 إلا أنّني لم أنسى لحظات الفرح الكبيرة مع روماريو وستويشكوف ومن بعدهم الظاهرة رونالدو ,كم هو العشق متعب في كلّ حالاته أثناء افراحنا نجد احزاننا تختبئ خلف باب المستقبل فقد كنّا نخشى رحيلهم وفعلا تحوّل الفرح إلى حزن بسبب رحيلهم وأتى ريفالدو وصنع ماصنع ولازال كلّ عاشق للبرشا يعرف ثلاثيّته التاريخيّة التي تصدّرت لقطات نشرات الأخبار ولكنّه رحل بعيدا عنّا ليُدفن في دكّة البدلاء مع الميلان , كنّا نقتات من الأفراح قليلا مقارنة مع خصومنا الذين كانوا يغرفون منه إلى أن أتى رونالدينهو رونالدينهو الساحر صاحب الابتسامة الفوضويّة بطفولتها معشوق الكاتالونيين وجعلنا نعيش 3 سنوات كلّها كانت كالحلم الذي أتى ليعيد أمجاد 1992 وماقبلها نعم كنّا نحلم وكنّا نحاول الاستغراق بالحلم قدر الإمكان لم نكن راغبين بالصحيان وعيش صدمة الاحباط من كلّ شيء لكنّنا أدركنا بعد صفعة الزمان بانّنا لم نكن نحلم! بل إن حواسنا لم تستطع أن تستدرك تلك الحقيقة رغم أنّها مسحت أعينها مرارا وتكرارا لكنّها لم تستدرك للأسف إلا لحظة قرّر رونالدينهو الرحيل دون عودة !!, وفي بريق دمعها سؤال يسيل ,هل رحلت فعلا يارونالدينهو؟!!