لم يعجبني شاعر في عمر خمس سنواتٍ أخيرة من زمن اطلاعي على الشعر كما يعجبني هذا المبهج فالح مشهور، ومبررات الإعجاب التي تتطاير أسرابها في داخلي وتتقافز أرانبها بين أحشائي هي مبررات كثيرة.
أما في هذا النص فأنا أتابع العضوي اللا مرئي كما يتابع طفل بدوي غمامة شتائه التي كادت أن تعود إلى واحته المؤقتة. وما أن أمسكت ببعض تلك الأشياء: شكـ / يقين/ حلم/ معاذير/ صوت/ نبض/ شيمة.. حتى أيقنت بأن نافذة فالح مشهور لا تطل على البحر، ولا هي التي تستشرف من الصحراء بارقة البحر، ولا حتى هي التي كما في سواحل مارسليا الحجرية، يوم أن زرع البحارة ورد الرواية العذراء فوق صلادتها الجلفاء. إن شرفة هذا الفنان معلقة على قلب، وهذا القلب لا يؤمن بسياج وجدران وحديد الأقفاص الصدرية، ولكنه قلب يتوزع كل مساء لغانية لها من الطهر ما لا يتقنه حجاب المنزل.
"
أما القفزة الكبرى في هذا النص فهي كامنة على وجه التحديد هنا:
[poem="font="simplified arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=1 align=center use=ex num="0,black""] لو للعطش شيمه بصدر السحابه=ما للشجر حاجه بدمع العصافير[/poem]
أي أنه قال لي ذات مساء عاصف:
ما احتلت الأشجار دمع العصافير!!
لماذا؟ لأن فالح مشهور يعيش في بيته الطين نعم، ولكن مقتنياته الموسيقية والفنية لا يمكن أن يحصل عليها قصر الأمراء، فهيا غني له يا فاتنة، واتركي مشابك الليل في خصلة النسيم، ولا تنسي أن ترهقي النواوير بخطيئة مشيك المستقيم. كوني مع فالح مشهور حتى تتدلى القصيدة عن أرجوحة قديمة تعلقت بأغصان النجم.
:
ملحوظة هامة:
العنوان (أطفال كنا)..! فأين الطفل من كل هذه الأعاصير الشفيفة العظيمة؟ أما قلت لكم بأن مقتنيات فالح مشهور باهضة وأكثر؟ هكذا يحوّل العظماء أعمارنا الكبيرة إلى طفولة ناعمة.. مهما اشرأبت ملامحنا وتآكلت رغم آلة التبريد العالية!