ينظرون إليَّ ويطيلون النظرة ... يعجبون من أمري ، كيف أني رجعت !
أعود بعدما أذهب للموت عبر رحلة لا أدرك نهايتها
يجهزون كفني ويحضرون قنينات ماء زمزم الصغيرة يضعونها على الطاولة ،
ينسـِّـقونها كي يظهر عزائي مرتب ومهندم ولائق للمقام!
ويتركون اللاصق الخاص باسم المتوفى فارغا ً كي يتأكدوا من ظنونهم ،
وتلك الكتيبات الصغيرة والتي نراها في بيوت العزاء !
يحضـِّرون ملابس قاتمة تليق والمناسبة المنتظرة منذ سنييين !
رأيتهم بأم بصيرتي والتي لا تخطئهم !
تخيل يقطعوا حبل الوصال بيني وبينهم مخافة أن تكون آخر مكالمة مني بهذه الدنيا لهم !
بالرغم من ادراكهم بأنها لن تكون لهم مهما تألمتُ
وعندما أهمُّ للعودة إلى أرضي الجرداء
يعيدون كل شيء مكانه وكأن شيئا لم يكن !!!!!
هههههه ... مع أنني عندما عدت لاحظت بأن رائحة الموت مازالت طازجة !!
منبعثة من صمت الجدران
/ من ملل الأسرَّة
/ من ضيق الاوكسجين في سمائهم
/ ومن ظلام نوافذنا الجرداء من بقعة مطر تغذي أرواحنا العطشى
/ ومن حقيقة قصتنا العارية من السعادة
/ البهجة / الأمل ، والعارية من الحقيقة !
*
أمممممم لا تلمهم عزيزي فـــربما نسوا أن يشعلوا البخور قبل حضوري
لعل حضوري كان مباغتا ً
/ مفاجئا
ً / غير متوقع
/ خيبة أمل جديدة لهمـ
~
~
~
أأخبرك بسر ؟!
على ألا تخبرهم ؟!
بت الآن أعرف أين يخبئوا عدة الموت
إنهم يلفونها في صرة حمراء ويخفونها تحت سريري
كي يسهل عليهم تناولها من جديد في رحلتي القادمة والغير سعيدة
مازالوا ينتظرون تفسيرا ً لما حدث
كيف أني رجعت هكذا أمشي على قدمي
وكيف أني مازلت أحتفظ بتلك البسمة التي يحاولون محوها
وروحي التي احتضرت مرات ومرات بسبب لامبالاتهم
كيف أني لازلت أتنفس !!!
~
~
~
~
أششش أخفض صوتك ............... !!!
هم لم يدركوا سركَ !!
لم يعرفوا بأمرك !!
* بحثت عن تفسير لكلمة الحقيقة لم أجد !
بحثت عنها في نفوس الناس الضالة
ومعاجم انحدار المبادىء
وفي كتاب تفاسير موت التضحيات
وموسوعة أسباب هزيمة المعارك
ورواية عري النوايا
ومعلقة سفاهة القضايا
بحثت عنها في وجوه الأقنعة
وفي أقنعة الوجوه
حتى أنني نظرت للمرآة
علني أجدها بانعكاس شحوب أيامي على ملامحي
التي يحاولون محو تفاصيله
وتحويله إلى صدوع ورتوش وشظايا
حتى بت أخاف من ملامحي
وكسرت كل سطح عاكس في حجرتي كي لا أراهم
لا يوجد وجه للحقيقة الآن
ولا سطح عاكس لها !!!