كنت في طريقي إليك وكان الخيال ينسج لي بساط محبة تعودت أن أجلس وإياك فوق وروده التي كانت تنعشني و تبعث روح الأمل وقوة العزيمة في أوردتي عندما وصلت إلى هذا الشارع الذي كان يضمنا ذات يوم ففيه بيتنا وذكريات أيامنا الجميلة التي لاتنسى والتي حفرت في قلبي أجمل تمثال لأحلى وجه .. وجهك ياأمي
كعادتي كنت أصل إلى مطار العاصمة ومنه إلى القطار الذي يصل بنا إلى مدينتنا مع تباشير الفجر وكانت أجمل اللحظات تلك التي نقف فيها ونشاهد جمال هذه الشوارع وروعتها بل ونظافتها وكنت أهرول مسرعة عند توقف القطار وأصر على أن أمشي فالمسافة لاتحتاج سيارة أجرة وقلبي لايحتمل أي انتظار .. كنت أبدأ بالنقر على النافذة فأراك تسرعين إلى الباب وتعاتبين .. نفس الشريط ونفس العتاب .. لماذا لم تخبريني بموعد قدومك ؟؟
هذه المرة
.. أحسست لوهلة أني ضيعت العنوان وتهت عن المكان لكن لا .. إنه هو.. نفس الشارع .. على بعد أمتار مني شاهدت نافذتي المفضلة وحاولت أن أندفع إليها لولا أني فوجئت بأنها وعلى غير عادتها علاها التراب وسكنها هدوء غريب ..
تسمرت مكاني وكدت أتهاوى أرضا لولا أني تماسكت ودخلت المبنى ويدي تبحث عن المفتاح الذي كنت أحتفظ به و الذي لم أستعمله في حياتي .. دون جدوى
خارت قواي وجلست على السلالم .. صورتك عادت إلى ذاكرتي وكلماتك في مسمعي تتردد ..لطالما عاتبتك على غربتي ولطالما كنت تبتسمين وأنت تقولين ماهي الغربة وهل تعرفينها
اليوم أقولها وبأعلى صوتي.. نعم لقد عرفتها .. وأنا أقف على أرضها .. هاهي الغربة حيث أقف الآن أمام هذا الباب حزينة باكية وحدي
الغربة ياأمي ..بيت موصد أمامي خلا من أم كانت هي أنت .. كانت وطنا وعالما في مملكتنا الصغيرة التي كتب عليها كما أرى ((بيت للبيع ))
مضى على رحيلك عام كامل .. ومضى على وصولي ساعة كانت غربة دهر بحاله
ياليت الزمان يعود ..
رحمة الله عليك
نورا