عبد الباري عطوان
أن يتّهم المتحدّث باسم الخارجيّة الصينيّة الجيش الأمريكي باحتمال إدخال فيروس الكورونا إلى مدينة ووهان التي كانت الأكثر تضرّرًا بتفشّي المرض في تغريدةٍ له على حسابه على “التويتر”، وباللّغة الإنكليزيّة، فهذا اتّهامٌ على درجةٍ كبيرةٍ من الخُطورة، واتّهامٌ مُبطّنٌ لأمريكا، والرئيس ترامب شخصيًّا، بارتِكاب جرائم ضِد الإنسانيّة، لأنّ الكارثة لحقت بمُعظم شُعوب العالم وبورصاته وأسواقه الماليّة، وزاد عدد القتلى عن 3000 شخص حتى الآن، ونحنُ ما زِلنا في البداية.
الأسئلة التي وجّهها المتحدّث الصيني إلى الولايات المتحدة تبدو مشروعةً وتحتاج إلى الكثير من التأمّل، خاصّةً الأسئلة التي تقول “متى ظهر هذا المرض في الولايات المتحدة؟ وكم عدد الناس الذين أُصيبوا؟ وما هي أسماء المُستشفيات التي يتعالج فيها المُصابون؟
العالم كلّه ينتظر إجابات عن هذه الأسئلة، فالولايات المتحدة التي يزيد تِعداد سكّانها عن 300 مليون هي الأقل تضرّرًا، والرئيس ترامب يرى في الصين عدوًّا رئيسيًّا، وأعلن حربًا تجاريّةً ضدّها لتدمير اقتصادها، وأجداده نشروا مرض الطاعون بالطّريقة نفسها، وأبادوا عشَرات الملايين من الهُنود الحُمر.
الاقتصاد الصيني سيحتل المرتبة الأولى عالميًّا ويُطيح بالولايات المتحدة عن عَرشِها الذي تربّعت عليه مُنذ الحرب العالميّة الثانية، وتُخطِّط القيادة الصينيّة حاليًّا لخنق الولايات المتحدة بطريقِ الحرير، وإقامة نظام مالي بديل يُنهِي هيمنة الدولار في غُضون خمسة أعوام، وهذه كلّها عوامل قد تدفع رئيسًا مُتهوِّرًا مِثل ترامب للإقدام على جريمة الحرب هذه إذا صحّت الاتّهامات الصينيّة.
الصين أثبتت أنّها قوّةٌ عالميّةٌ عُظمى فِعلًا، فقد استطاعت أن تتغلّب على هذا الفيروس المُؤامرة في غُضون أسابيع قليلة، وتُقَلِّص الخسائر إلى حواليّ 3169 حالة وفاة، وعالجت بنجاحٍ 80 ألف حالة شُفِيَت تمامًا، وأعلنت مدينة ووهان خاليةً كُلِّيًّا من المَرض.
هذا النّجاح اللّافت في التّعاطي مع هذا الوباء ومُحاصرته بصمتٍ ودون أيّ ادّعاءات يُؤكِّد أنّ الصين تملك أسراره ولا يُمكِن أن تُطلق هذه الاتّهامات دون أدلّة.
نُطالب بتحقيقٍ دوليٍّ سريع وتشكيل لجنة تقصّي الحقائق لفحص هذه الاتّهامات الصينيّة، وإعلان النّتائج بكُل شفافيّة أمام العالم بأسرِه، ويجب على أوروبا وروسيا أن تُؤيِّد هذا التوجّه وتدعمه بكُل الطّرق والوسائل.
أمريكا هي الوحيدة في تاريخ البشريّة التي استخدمت القنابل النوويّة في اليابان، ومن غير المُستَبعد أن تكون الأولى عالميًّا التي تستخدم قُنبلة كورونا، والأسلحة البيولوجيّة، فهي تَقِف خلف جميع الحُروب.
نعم.. نحن نؤمن بالنظريّة التآمريّة لأنّنا كُنّا وما زِلنا أبرز ضحاياها كعرب ومُسلمين، ودليلنا الأبرز أُكذوبة أسلحة الدّمار الشّامل في العِراق.
لم يكذب ويجانب الحقيقة شاعرنا الكبير المرحوم محمود درويش عندما قال أمريكا هي الطّاعون، والطّاعون هو أمريكا، ولن نُفاجأ أن يأتي اليوم الذي تظهر فيه الحقائق حول اختراع أمريكا لفيروس الكورونا، ونشره في الصين وإيران لتدمير البَلدين واقتِصادهما.. والأيّام بيننا.