،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، نبذه مختصره عن الشاعر ،،،،،،،،،،،،،
ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شباط
عام 1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327هـ
وذلك في بلدة توزر في تونس .
أبو القاسم الشابي هو ابن محمد الشابي
الذي ولد عام 1296هـ ( 1879 )
وفي سنة 1319هـ ( 1901 ) ذهب إلى مصر وهو في الثانية والعشرين من عمره ليتلقى العلم في الجامع الأزهر في القاهرة. ومكث محمد الشابي في مصر سبع سنوات عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر.
ويبدو أن الشيخ محمد الشابي قد تزوج أثر عودته من مصر ثم رزق ابنه البكر
أبا القاسم الشابي ، قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بالآفاق ، ففي سنة 1328هـ 1910 م عين قاضيا في سليانه ثم في قفصه في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال تالة 1335هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ 1924م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348هـ – أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر ، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348هـ.
كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي أخوان هما محمد الأمين وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى
في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م.
وعرف عن الأمين أنه كان مثقفاً واسع الأفق سريع البديهة حاضر النكتة وذا اتجاه واقعي كثير التفاؤل مختلفاً في هذا عن أخيه أبي القاسم الشابي. والأخ الآخر عبد الحميد وهو لم تتوفر لدي معلومات عن حياته.
يبدو بوضوح أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج
فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك وذهب الشابي برفقة صديقة زين العابدين السنوسي لاستشارة الدكتور محمود الماطري وهو من نطس الأطباء ، ولم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور الماطري للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور الماطري حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور الماطري وامتثالاً لرغبة والده عزم الشاي على الزواج وعقد قرانه.
يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلاب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة. ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبتة الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد.لم يأتمر الشابي من نصيحة الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة ولعل الألم النفساني الذي كان يدخل عليه من الإضراب عن ذلك كان أشد عليه مما لو مارس بعض أنواع الرياضة باعتدال. يقول بإحدى يومياته الخميس 16-1-1930 وقد مر ببعض الضواحي : " ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".
وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: " إن صدقنا أطباؤه وخاصة الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً ( سبيله ) وضيق القلب هذا كثيرا ما يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في الأغلب عند الأطفال والشباب مابين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث على وشك البلوغ ". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ. قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من الألم ، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة
أو الحامه ( حامة توزر ) طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر الشابي توزر إلى العاصمة في 26-8-1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد فنادقها وزار حمام الأنف ، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له الأطباء بأن يذهب إلى أريانا وكان ذلك في أيلول واريانا ضاحية تقع على نحو خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء. ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا : أداء السل هو أم مرض القلب؟.
ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب.
توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353هـ.
نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها ، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جرى يوم الجمعة في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365هـ.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،
،،،،، نشيد الجبار ( هكذا عنى بروميثيوس ) ،،،،،
سَأعيـــــشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ //// كالنِّــــسْر فوقَ القِـــــــمَّة ِ الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِــيئّة ِ..،هازِئاً //// بالسُّحْبِ، والأمــطارِ، والأَنواءِ
لا أرمقُ الظلَّ الكـــئيبَ..، ولا أَرى //// ما في قرار الهَــــــوّة ِ السوداءِ
وأسيرُ في دُنيا المــشاعِر، حَالماَ، //// غرِداً- وتلكَ ســعادة ُ الشعراءِ
أُصغِي لموسيقى الحــــــياة ِ، وَوَحْيها////وأذيبُ روحَ الكـونِ في إنْشائي
وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهـــــــيِّ، الَّذي //// يُحيي بقلــــبي مَيِّتَ الأصْداءِ
وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثــــني ////عن حرب آمالي بـــــــكل بلاءِ:
-لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَــمي//// موجُ الأسى وعواصفُ الأرْزاءِ
«فاهدمْ فؤادي ما استــطعتَ، فإنَّهُ //// سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمـَّاءِ»
لا يعرفُ الشكْوى الذَّلـيلة َ والبُكا، //// وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّـعَفَاء
«ويعيشُ جبَّارا، يحــدِّق دائماً //// بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجمــيلِ، النَّائي
واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجــى ، //// وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْــباءِ
وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَـــوْقَهُ //// رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأسـاءِ»
«سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفـاً //// قيثارتي، مترنِّما بغــنائي»
«أمشي بروحٍ حالمٍ، متَــوَهِّجٍ //// في ظُــلمة ِ الآلامِ والأدواءِ»
النّور في قلبِــي وبينَ جوانحي//// فَعَلامَ أخشى الســَّيرَ في الظلماءِ»
«إنّي أنا النـّايُ الذي لا تنتهي //// أنغامُهُ، ما دامَ في الأحـــياءِ»
«وأنا الخِضَمُّ الرحْــبُ، ليس تزيدُهُ ///إلا حياة ً سَطــــْوة ُ الأنواءِ»
أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقـــَضَى //// عُمُري، وأخرسَتِ المنـــيَّة ُ نائي»
«وخبا لهيبُ الكون في قلـبي الذي //// قدْ عاشَ مثلَ الشّــعْلة ِ الحمْراءِ
فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَـحوِّلٌ //// عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضــــاءِ»
«لأذوبَ في فجر الجمال الــسرمديِّ //// وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضــــْواءِ"
وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشّــَموا //// هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بــــنائي
ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامــِداً ////فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمــائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهـــيبَ بكلِّ ما ////وجدوا..، ليـــشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، لــيأكُلوا //// لحمي، ويرتشفوا علــيه دِمائي
إنّي أقول لَهُمْ ووجهي مُشــــْرقٌ //// وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْــتِهزاءِ-:
"إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِــبي //// والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْــضائي
فارموا إلى النَّار الحـشائشَ//// والعبوا يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
«وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتـشى////بالهول قَلْبُ القبــّة ِ الزَّرقاءِ»
«ورأيتموني طائراً، مـترنِّماً //// فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي
«فارموا على ظلّي الحـجارة َ////واختفوا خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..»
وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا////عثَّ الحديثِ، وميِّـتَ الآراءِ»
«وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي //// وتجاهَرُوا ـ ما شـئتمُ ـ بِعدائي»
أما أنا فأجيبكم من فوقِكــــــــم //// والشمسُ والشفقُ الجـــــميلُ إزائي:
مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المـقدَّسِ قلبُه//// لم يحتفِلْ بحـجارَة ِ الفلتاء"
================================================== ==
،،،،أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي،،،،،
=========================
أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي ،،،، وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي
وَنُحُولِي وَأَدْمُعِي وَعَذَابي ،،،، وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي
أيها الحب أنت سرُّ وُجودي ،،،، وحياته ، وعِزَّتي، وإبائي
وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري ،،،، وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي
يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي ،،،، في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!
ألهيبٌ يثورٌ في روْضَة ِالنَّفَسِ فيـ ،،،، ـطغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟
أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ ،،،، نَ كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي
فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـ ،،،، ـبُّ حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ قُلْ لي ،،،، مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟
================================================
،، أنتِ كالزهرة ِ الجميلة ِ في الغاب ،،،
=============================
أنتِ كالزهرة ِ الجميلة ِ في الغاب
ولكنْ مَا بينَ شَوكٍ، ودودِ
والرياحينُ تَحْسَبُ الحسَكَ الشِّرِّيرَ
والدُّودَ من صُنوفِ الورودِ
فافهمي النَاسَ..، إنما النّاسُ خَلْقٌ
مُفْسِدٌ في الوجودِ، غيرُ رشيدِ
والسَّعيدُ السَّعيدُ من عاشَ كاللَّيل
غريباً في أهلِ هَذا الوجودِ
وَدَعِيهِمْ يَحْيَوْنَ في ظُلْمة ِ الإثْمِ
وعِيشيي في ظهرك المحمودِ
كالملاك البريءِ، كالوردة البيضاءَ،
كالموجِ، في الخضمَّ البعيدَ
كأغاني الطُّيور، كالشَّفَقِ السَّاحِرِ
كالكوكبِ البعيدِ السّعيدِ
كَثلوجِ الجبال، يغَمرها النورُ
وَتَسمو على غُبارِ الصّعيدِ
أنتِ تحتَ السماء رُوحٌ جميلٌ
صَاغَهُ اللَّهُ من عَبيرِ الوُرودِ
وبنو الأرض كالقرود،وما أضـ
أضْيَعَ عِطرَ الورودِ بين القرودِ!
أنتِ من ريشة الإله، فلا تُلْقِ
ي بفنِّ السّما لِجَهْلِ العبيدِ
أنت لم تُخْلَقي ليقْربَكِ النَّاسُ
ولكن لتُعبدي من بعيدِ...
=======================
،،،،، إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة ،،،،،
============================
إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة
فلا بدَّ أن يسجيبَ القدرْ
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
وفي ليلة ٍ من ليالي الخريفِ
ويدفنها السيّلُ، أنَّى عَبَرْ»
ومن لم يعانقه شوقُ الحياة
تبخَّرَ في جوِّها، واندثر
ْفويلٌ لمن لم تَشقُهُ الحياة ُ
منْ لعنة ِ العَدَمِ المنتصرْ!»
كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ
وحدَّثَنِي رُوحُهَا المُستَتِرْ
وَدَمْدَمَتِ الرِّيحُ بين الفِجاجِ
وفوقَ الجبالِ وَتَحْتَ الشَّجرْ:
«إذا ما طَمحْتُ إلى غَاية
ٍ ركبت المنى ، ونسيتُ الحذر
«وجاء الرَّبيعُ، بأنغامِهِ،
ولاكبة اللَّهَب المستعرْ
«وَمَنْ لا يحبُّ صُعُودَ الجبالِ
يَعِشْ أبَدَ الدَّهْرِ بينَ الحُفَرْ»
فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ
وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ..
«ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ، تألّقَ في مهجة ٍ واندَثَرْ»
«ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ، تألّقَ في مهجة ٍ واندَثَرْ»
=================================
،،،،، يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ ههُنا ،،،،،،،،،،
=================================
يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ ههُنا
ثَمِلاً بِغِبْطة ِ قَلْبِهِ المَسْرُورِ
مُتَنَقِّلاً بينَ الخَمائلِ، تَالِياً
وحْيَ الربيعِ السّاحرِ المسحورِ
غرّدْ، ففي تلك السهول زنابقٌ
تَرْنُو إليكَ بِنَاظرٍ مَنْظُورِ
غرِّدْ، ففي قلبي إليْك مودَّة ٌ
لكن مودَّة طائر مأسورِ
هَجَرَتْهُ أَسْرابُ الحمائمِ، وانْبَرَتْ
لِعَذَابِهِ جنِّية ُ الدَّيْجُورِ...
غرِّد، ولا ترهَبْ يميني، إنّني
مِثْلُ الطُّيورِ بمُهْجَتي وضَمِيري
لكنْ لقد هاضَ الترابُ ملامعي
فَلَبِثْتُ مِثْلَ البُلبلِ المَكْسُورِ
أشدُو برنّاتِ النِّياحَة ِ والأسى
مشبوبة بعواطفي وشعوري
غرِّدْ، ولا تحفَلْ بقلبي، إنّهُ
كالمعزَفِ، المتحطِّمِ، المهجورِ
رتِّل عَلى سَمْع الرَّبيعِ نشيدَهُ
واصدحْ بفيضِ فؤادك المسجورِ
وکنْشِدْ أناشيدَ الجَمال، فإنَّها
روحُ الوجود، وسلوة المقهورِ
أنا طَائرٌ، مُتَغرِّدٌ، مُتَرنِّمٌ
لكِنْ بصوتِ كآبتي وَزَفيري
يهتاجُني صوتُ الطّيور، لأنَّه
مُتَدَفِّقٌ بحرارة وطَهورِ
ما في وجود النَّاس مِنْ شيءٍ به
يَرضَى فؤادي أو يُسَرُّ ضميري
فإذا استمعتُ حديثَهم أَلْفَيْتُهُ
غَثّاً، يَفِيض بِركَّة ٍ وَفُتُورِ
وإذا حَضَرْتُ جُمُوعَهُمْ ألْفَيتَنِي
ما بينهم كالبلبل المأسورِ
متوحِّداً بعواطفي، ومشاعري،
وَخَوَاطِري، وَكَآبتي، وَسُروري
يَنْتَابُنِي حَرَجُ الحياة كأنّني
مِنْهمْ بِوَهْدَة جَنْدلٍ وَصُخورِ
فإذا سَكَتُّ تضجَّروا، وإذا نَطَقْتُ
تذمَّروا مِنْ فكْرَتي وَشُعوري
آهٍ مِنَ النَّاسِ الذين بَلَوْتُهُمْ
فَقَلَوْتُهُمْ في وحشتي وَحُبُوري!
ما منهم إلا خبيثٌ غادرٌ
متربِّصٌ بالنّاس شَرَّ مصيرِ
وَيَودُّ لو مَلَكَ الوُجودَ بأسره
ورمى الوَرى في جاحِمٍ مسجورِ
لِيُبلَّ غُلَّتَهُ التي لا ترتوي
ويكظّ نهمة قلبه المغفورِ
وإذا دخلتُ إلى البلاد فإنَّ أفكا
ـكاري تُرَفْرِفُ في سُفوح الطُّورِ
حيثُ الطبيعة ُ حلوة ٌ فتَّانَة
ٌ تختال بين تَبَرُّجِ وَسُفُورِ
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي غارقة
ٌ بموَّار الدَّم المهْدورِ
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي لا
ترثي للصوتِ تَفجُّع المَوْتُورِ؟
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي لا
تَعْنو لِغَير الظَّالمِ الشَّرِّيرِ؟
ماذا أودُّ من المدينة ، وهي مُرْتادٌ
لكل دعارة وفجورِ؟
يا أيُّها الشَّادي المغرِّدُ ههنا
ثَمِلاً بغبطة قَلْبهِ المسرورِ!
قبِّلْ أزاهيرَ الربيعِ، وغنِّه
ا رنَمَ الصّباحِ الضَاحكِ المحبورِ
واشربْ مِنَ النَّبع، الجميل، الملتوي
ما بين دَوْحِ صنوبر وغدير
وکتْرُكْ دموعَ الفَجْرِ في أوراقِها
حتَّى تُرشِّفَهَا عَرُوسُ النُّورِ
فَلَرُبَّما كانتْ أنيناً صاعداً
في اللَّيل مِنْ متوجِّعٍ، مَقْهورِ
ذرفته أجْفان الصباح مدامعاً
ألاّقة ، في دوحة وزهورِ...
======================
،،،،،، يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ ،،،،،،،،،،،
=====================================
يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ
والمُنَى بَيْنَ لَوْعة ٍ وَتَأَسِّ
هذه سُنَّة ُ الحياة ، ونفسي
لا تَوَدُّ الرَّحيقَ فِي كَأْسِ رِجْسِ
مُلِىء الدهر بالخداعِ، فكم قد
ضلَّلَ الناسَ من إمام وقَسِّ
كلَّما أَسْأَلُ الحياة َ عَنِ الحقِّ
تكُفُّ الحياة ُ عن كل هَمْسِ
لمْ أجِدْ في الحياة ِ لحناً بديعاً
يَسْتَبِيني سِوى سَكِينَة ِ نَفْسي
فَسَئِمْتُ الحياة َ، إلا غِرَاراً
تتلاشى بِهِ أَناشِيدُ يَأْسِي
ناولتني الحياة ُ كأساً دِهاقاً
بالأماني، فما تناولْتُ كأسِي
وسقتْني من التعاسَة أكواباً
تجرعْتُها، فيأشدّ تُعْسي
إنّ في روضة ِ الحياة ِ لأشواكاً
بها مُزِّقتْ زَنابِقُ نفسي
ضَاعَ أمسي! وأينَ مِنِّي أَمْسِي؟
وقضى الدهرُ أن أعيش بيأسي
وقضى الحبُّ في سكون مريعٍ
سَاعَة َ الموتِ بين سُخْط وَبُؤْسِ
لم تُخَلِّفْ ليَ الحياة من الأمس
سِوَى لَوْعَة ٍ، تَهُبُّ وَتُرسي
تتهادى ما بين غصّات قلبي
بِسُكونٍ وبين أوجاعِ نَفْسي
كخيال من عالم الموْت، ينْساب
بِصَمْتٍ ما بينَ رَمْسٍ وَرَمْسِ
تلك أوجاعُ مهجة ٍ، عذَّبتْها
في جحيم الحياة أطيافُ نحسِ