11:30 كحقيبة قديمة أجلس قبالة الشاشة ، ينتفخ الوقت بمقاطع مدهشة ، أخشى أن أصحو يوماً فلا أجد شيئاً يستحق الدهشة ، استند على جدار ينسكب من الأعلى كعصير متجمد يلتصق بظهري ، النافذة تحتشم عن الضوء بستارة قاتمة ، وثُريا تتدلى من حنجرة السقف كلهاة ملتهبة ، الأرائك تبدو ذكريات أناس ماتوا من زمن أو قصص سخيفة من صفحة واحدة ، اللمبة مشنوقة على الحائط وأعجب كيف تتنفس بهذه القوة ، أخيراً نجحتُ في انتزاع نفسي من مشهد رائع ، شعرتُ بلذة النصر وكأني قطعة لحم فرت من يد آكلها .
1:00 التقطتُ كتاباً يستلقي بهدوء على الطاولة كحبة تمر شهية ، بعض القراءة انتحار ، تمشي بقدميك إلى قاتل يأخذ أنفاسك بحروفه ، وبعضها تناسخ أرواح ، تتلبسك روح كاتب جبار وكأنها ولدت معك ، عند القراءة يذوب المكان وتبتكر السطور أمكنتها وشخوصها ، فهناك تجلس فتاة قبالة حبيبها وغضبه يتناثر في الهواء كشظايا حارقة ، توقفتُ عن القراءة ... شعرتُ بحرير ناعم يخترق جسدي ، جفوني تداعبها كهرباء رقيقة ، الأثاث هلامي لا يستقر .. ليست هناك فكرة تكتمل في رأسي ، أذهب لنوم أكرهه لكنه مثل أشياء كثيرة في حياتنا .. نكرهها لكننا ننقاد إليها بضعف .
1:30 السقف الأبيض كذاكرة مصاب بالزهايمر .. يتمدد بلا تفاصيل ، الضوء الخافت يهمس لي بقصة الباب الموارب ، على حين غرة .. تُشرق سلمى .. يولد صباح بلا صلاة ، وجه سلمى كما هو .. لا يكبر .. يتجدد كأوراق الليمون في حديقة بيتي ، أظنه يوماً ما سيكون عنواناً لمحاضرة رائعة عن ( كيف تعيش سعيداً ) أو ( كيف تزرع الأمل ) ، وجه سلمى اسطورة له رائحة لا يعرف وصفها غير قلبي .
يغادرني النوم وأعود كأني استيقظت لتوي ، أفٍ لكِ يا سلمى ، تأتين في ذات الموعد ككذبة شهية ، كعنب أحمر يُقدم عند ارتفاع السُكري ، الصباح ينتظرني بالعمل ، لعلك تحسبيني أقف أمام مديري أعتذر .. أقول له : إن وبختني سأدعو عليك بلعنة الحب .
2:15 غادرتُ سريري كعدو مطرود ، هناك رسالة من سلمى لا أمل قراءتها ، كتبت لي فيها :ـ
فراقنا سيأتي فالربيع لا يدوم ، ستبقى لنا تفاصيل حبنا الصغيرة .. مكعب السكر الذي أُذيبه في كأسك ونشرب معاً حلاوة المكان ، جنونك وأنت تحسب نبرات صوتي على أصابعك وتقول سأعمل منها { نوتة موسيقية } ، الزهرة المرسومة على فستاني وتُجزم أنها طفلة تُضحكها الملائكة ، المرة الوحيدة التي أمسكت بيدي ووبختك بنظرة قاسية ، الرجل الذي ظن أننا زوجين ودعا لنا بالذرية الصالحة ، العطر الذي أهديتني إياه وقلت لي : لا تضعي منه حين لقاءنا .. أريد عطر أنفاسك وروحك ، تفاصيل حبنا ستعيش معك .. هي اللعنة التي أبعثها عليك إن حاولت نسياني .
أردت أن أكمل حتى الصباح وخشيت الإطالة