منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - " القـرية " ذكرياتٌ وحكايات . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-28-2008, 09:16 PM   #5
سعـد الوهابي
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية سعـد الوهابي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

سعـد الوهابي غير متواجد حاليا

افتراضي


.

( بداية شقية )
.
.
في العام الأول لانتقالنا لـ القرية . .

كان كل شيء منفر بالنسبة لـ صغر سني وتغير أسلوب الحياة . .

وبناء علاقات جديدة . .

كنت على وشك إتمام السادسة من عمري . .

كنت على موعد للالتحاق بالمدرسة في بداية العام الدراسي القادم . .

كنت أتمنى ذلك كل صباح . . حين أسمع صوت القارئ الشيخ

" عبد الباسط عبدالصمد " و " محمد أيوب " كل صباح في مكبرات الصوت في المدرسة

القريبة . .

كل شيء في القرية حين أتذكره الآن كان جميلاً ، بسيطاً ، قريباً من النفس . .

حارس المدرسة كان يأتي يفتح أبواب المدرسة مبكراً ويضع المسجل الصغير بالقرب من

ميكروفون المدرسة وفيه أحد أشرطة المقرئين . .

فـ تخشع القرية ، وتشعر بالروحانية مع شروق الشمس ، وتحس بقرب الجميع من الله

وتعلقهم به بعيداً عن الماديات والمصالح . .

الكل يصحو مبكراً حتى صغار السن . .

كان الجميع لاينام بعد الفجر فالكل يستعد الطالب لـ مدرسته ، والموظف لوظيفته ،

والمزارع لمزرعته والراعي لـ غنمه . .

أيامٌ كنت أستمتع بـ الجلسة في ركن بيتنا الشرقي . . مع أبي كل صباح

لـ نتشمس ونستمتع بـ أشعة الشمس في الصباحات الباردة . .

كنت أحاول أن افهم كل شيء مبكراً ، أن اتعلم كل شيء مبكراً . .

كنتُ أتعمد الخربشة في كتب ودفاتر إخوتي المدرسية غيرةً وحسداً من عند نفسي . . نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لأن أبي قال لي : لازلت صغيراً على الذهاب للمدرسة في العام القادم ستذهب معهم . .

وكثيراً ماضربني أبي من أجل هذا . .

لازلت أنفر ممن هم في عمري من أبناء القرية بعد موقفهم اللئيم كما كنت أراه . .

لاأحب أن اجتمع بهم أو ألعب معهم . .

كنت أنفر منهم فـ تجدني في غالب الوقت مع أبي . .

نرعى الغنم أو في المزرعة ، أو نبحث عن إحدى الأبل المفقودة . .

كنت أزعجه بالأسئلة والاستفسارات . .

وكانت إجابته المعهودة والمكروهة في نفس الوقت

( إذا كبرت بتعرف ) نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كان أبي يأخذني معه مراعياً لصغر سني ، وعالماً بموقف ابناء القرية مني وموقفي

منهم ، ودرءً للمشاكل . .




- أول . . الغيث . .

أتذكر أن أبي رفض أن يأخذني معه ذات يوم . . وزعلت وغضبت

وارتكبت الكثير من الحماقات في البيت مما توجب على والدتي تأديبي بـ عصى الرمان . .

ومع ذلك لم أتوقف . .

خرجت من البيت . . إلى ساحة القرية ( البسطة ) أمام المسجد هناك كان اجتماع صغار

السن ومكان لعبهم . .

قررت أن اكسر الحاجز بيني وبينهم حتى أجد مكاناً أذهب إليه في أي وقت يرفض والدي

أن يأخذني معه . .

كان من بينهم . . ابن جارنا وقريبنا

عبدالعزيز كان يقوم بدور الموجه والمدير والقائد

أتيت إليهم وسألت عبدالعزيز أن أشارك معهم في اللعب . .

طبعاً . . مطاردة ، وغميمة ، وبناء قرى ( ترافيان ) ولكن بطريقة بدائية . .

رفض ولاأعلم السبب ولكن أذكر أنه تهجم علي ودفعني بقوة فسقطت على ظهري

وكان خلفي علبة لاأذكر علبة ماذا ولكن كانت في شكل علبة حليب وادي فاطمة وكانت

مدفونة في التراب ولايظهر منها سوى طرفها العلوي الحاد . .

وقع رأسي على الطرف الحاد وانفلقت نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طبعاً . .

ففي الخمس السنوات الأولى كانت الانزلاقات والفلقات والجروح أكثر من عدد أيام عمري

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

منظر الدم في أعينهم كان مخيفاً جداً . . أرى الخوف في أعينهم . . والكل يصرخ

دم ، دم ، دم

وأنا افرك فروة رأسي ومحل الجرح وعيني تبحث عن عبدالعزيز !

وماأن رأيته وتأكدت أنه لم يزل قريباً حتى تناولت حجراً بحجم كفي الصغيرة

وأرسلته عليه وهو يركض نحو بيتهم . . حتى ارتد من بين قرنيه بطريقة عجيبة لازلت

أذكرها جيداً . .

لم أكترث لصراخه وسقوطه وبكاؤه ولم أعر الأمر أي اهتمام انطلقت إلى أمي

وولولت وأخذتني بحضنها . . وتفقدت الجرح وقامت على النجر وأخذت قهوة على ماأعتقد

وطحنتها ودقتها جيداً وغسلت الجرح ثم وضعت القهوة عليه . .

كدت أطير من الألم والوجع وشدة الحرارة . .

لفت رأسي بشماغ بالي . . وسألتني كيف حصل هذا ؟

وأخبرتها . . بكل شيء ولو أفوت أن أخبرها أني أنتقمت لـ نفسي من

عبدالعزيز . .

وماأن سمعت بالخبر حتى رمت بي من حضنها وسألتني عن حاله وماذا حدث له ؟

ببراءة قلت : ماأدري عنه جعله يموت نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خرجت تستطلع الأمر وأنا اترقب عودة أبي . . لأخبره

حتى لايتركني ويرفض أن أرافقه . .

عادت أمي بعد رحلة الاستطلاع ورأيت في عينيها غضباً شديداً فـ هربت

اقسمت علي بأغلظ الايمان أن اعود وأخذت منها عهداً شرطاً لعودتي بأن لاتضربني . .

وافقت وقالت إن لم أضربك أنا سـ يفعل والدك نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ياالله . .

لحظات انتظار القادم المجهول وإن كانت بشائره توحي بـ علقة ساخنة جداً مؤلمة

وحمل ثقيل على طفلٍ في سني . .

عاد أبي قبل صلاة الظهر . . ولم ألقاه كـ عادتي . .

سأل عني أمي : أجابته بأني في غرفتها / دارها

استغرب أبي . . وناداني وما أن سمعت صوته حتى ارتجفت

وكدت أن أُشل . .

نزلت إلى أبي ولما رآني . . اعتزى ( أخو منور ) ويش ذا اللي في رأسك ؟

وجدتها فرصة بكيت واخبرته بالسالفة كاملاً . .

ولما أخبرته عن انتقامي من عبدالعزيز سألني ماالسبب الذي دفعه لـ دفعك ؟

أخبرته أنه لايوجد سبب إلا أني أريد أن اشاركهم اللعب وفعل مافعل . .

ابتسم أبي . . وانكشفت الغمة وقبل جبيني وقال :

(لاتخطئ على أحد ولاتخلي أحد يخطئ عليك وإذا اخطئ أحد عليك خذ حقك بيدك )

ضحكت . .

وكانت الابتسامة بعد الدموع . . جداً جميلة . .

تبتسم . . وتسترد عبراتك . . الخائفة . .

سمعتُ أبي يسأل أمي عن عبدالعزيز :

أخبرته أن في مؤخرة رأسه جرحٌ بحجم الأصبع السبابة

وأنها ساعد أمه في تطبيب جرحه وأنه بخير . .

كان كبار السن في القرية يرون جميع صغار القرية ابنائهم . .

فتجد أحدهم يضرب ابن الآخر إن وجده مخطئاً . . ولايعترض الآخر

لأنه يعلم سلامة نية الأول . . وأنه متأكد بأنه لن يفعل مثل هذا الفعل إلا بحثاً عن

مصلحة . .




يتبع . .




(احترامات . . شقية )

سعـد

 

التوقيع






"اللهــم أرزقهـم أضعاف مايتمنونه لي "



سعـد الوهابي غير متصل   رد مع اقتباس