اللوحة الثانية
وكتبتُ لكَ شيئا يشبهكَ..وحين كنت أقرأ ملامحك لم تحجبني عنك الرموز..لأني كنتُ أكشفك وأدرك ببصيرتي أنك أنتَ,,
..النوافذ تلبس الألوان ولأنك موجود اللحظة..وجودك يترك الشمس تدخل إلى المكتبة..كنسمة رقيقة تسرح بين الرفوف..فانوس يضيء وعيي المتجذر بكَ وفيك.َ.
كنتُ قبلا مجبرة على السير في اتجاه الأماكن التي ليست بها خطوات ..ولا طرقات ولا ضوضاء .. أماكن خرساء ..لأني جُبرتُ على الإصغاء إليك ..حتى لا أرتبكَ في السير ...لم تعد ترُبكني الأصوات آلاتية من السماء أو الصاعدة من الأرض.. ولا ضجيج أصوات سيارات الإسعاف..بل ما يربكني تلك الخطوات الثقيلة..الحديدية..القاتلة ..وكأني أشعر بها تسحق أزهار الحياة..
أفرُ بجلدي في اتجاه غابات..عساني أغزِل من خيوط ما تبقى من الخضرة ضوءا ..يَصُد ظلمة منفاك. .ولأني اللحظة أكتب شيئا قريبا منك ..أقترب منك فتقترب مني..عاجزة أن ألمس وجهك..لكن لست بعاجزة أن أغوص في تقاطيع ملامحك..وأنتَ تنظر إلي بذاك القدر الكبير من المعاناة والفقد..والاغتراب..تتفقد بروحكَ حلمي المتيتم في عيني ....تَجولُ بين البصر والقلب..تُقَبِل كل قطعة صبر بذاك الحنو الذي عهدته منك ..حين تَشعرُ لحظة أنه يُحزنكَ بِقدر ما يُسعدكَ..حين يتغلغل كذرات تخترق الأماكن الصدئة... فتنقشع فجوات ترسم دائرة من الضوء ..ذاك الحنو البالغ الذي يمكن أن تحويه الحياة بِرُمتها ... .
.
تحتلني الحياة من جديد..وأنا أنظرُ إليك ..ممتلئة بأكثر من دمعة ودمعة..وأنت تُبعثر أوراقي من جديد..تُحَرك الحلم ..وتلمُ شظايا الانكسار ..أَحترقُ بالضوء..ولأني كنت اخشي الضوء..تَعرضتْ أحاسيسي للخوف ما أفقدني حقيقة الأفق..صرتُ كالخفاش لا أميل إلا نحو الظلام..ولأنك أيها الوجه الذي تركني مشتتة ..كدفاتر قديمة ..تآكلت بفعل الصدأ ..ولأنك
لا تُحدق بعينيك إلا في الظلام..ولأنك منفي عني ....أعرف أنك لا يمكن أن تراني إلا في الظلام..الشيء الذي يدفعني إلى البكاء ...
ويأسرني الوجد..وإني تعبتُ بظلي وظلال الجدران..والأشياء...لا أستطيع إنقاذ روحي وروحك ونحن نلتقي سوى في الظلام
أنظر إليك اللحظة وأنت بين الأوراق ..كنتَ تكتبُ لي أنك تختلف عني قبل أن أوجد..قبل أن أكون..وحين وُجدت..اختلفتُ عنكَ..اختلفنا ولم نفقد هويتنا لأننا لم نختلف سوى في الحلم ..أنتَ كنتَ تُدلله كطفل ..وأنا كنتُ أواسيه كشيخ..ولكن تطابقنا في الحب..اكتب اللحظة بقلمكَ ...كنتَ تتظاهر بالكتابة ..وأنت ترسمني..ترسم وجهي..بقع كثيرة من الظلال..بلون واحد..شعر مسترسل على وجه ينكشف لبياض الورقة..تم كطفل تحنو إلي وتُظهر لي ما رسمتَ..فأعَلق بابتسامة ..وكفى
وأنا اللحظة..أرسمك..أستمتع بألم الفقد..واللقاء..كالصورة التي أسَرتني ونفتكَ عني... ..كهاته اللوحة المعلقة..يبكي الجدار إذا وقعتِِ ..أو يسقط ُالجدار إذا انتُزعَت
أشعر بحاجة إلى إرادتك..رغبتي أن أشبهكَ..أصير أنت..اللحظة..أرسمك بصورة أجتثها مني التي سأكون.. ..سَأشَرِع يدي للنور..وضجيج الموت والحياة.. هاته الأوراق التي بعثرتها داخلي ..ترفرف ..كطيور..تغادر اللحظة هذا القفص الصدري .
.....أستحقُ روحك..وبيتك..حين أُدخل لهاته الغرفة هواء.. أفتحُ النافذة..وأركُض باتجاه الدقائق والساعات والزمن الذي مضى يحبو يبطئ نحو الفناء..وأحملك حقيبة في يدي..كحقيبة سفر..أمتطي القطارات المؤدية إلى المنافي بتذاكر العودة..هاته اللحظة ..أراكَ تنهض..من قبوك..في كامل حريتك وبفرح خاص..بحركة بها من القوة ما يُزلزل مشاعري..بروح ناضجة بالأوراق..أثمرُ..وأغرق في أزهار الحلم ..هاته الغرفة الوحيدة غدت ..حديقة..والجدران بظلال أشجار ........وكل واحد منا ..في يده لوحة..من طينة واحدة..كانت الواحدة منهما ..ربما في يدك..أو ربما في يدي ...هي الأفضل