شركات المحمول تتنافس على كعكة رمضان!
مروان محمد **
اجتذاب أكبر عدد من المستخدمين هدف شركات المحمول فى رمضان
بينما تستعد العديد من شركات السلع الغذائية والاستهلاكية في العالم العربي لخوض حرب تنافسية شرسة اعتادت عليها سنوات طويلة مع قرب شهر رمضان من كل عام في محاولة لجذب أكبر عدد ممكن من المستهلكين، فإن هذه المنافسة قد انتقلت بشكل واضح ربما أكثر شراسة بين شركات الهاتف المحمول التي لعبت هي الأخرى على أوتار موجة الاستهلاك المتزايدة خلال هذا الشهر.
وباتت شركات المحمول العاملة في المنطقة العربية تعول كثيرا على تبادل المشتركين لأكبر كم ممكن من المكالمات والرسائل القصيرة بدءا من شهر رمضان الذي تنظر إليه على أنه يمثل ذروة الاستخدام لشبكاتها وحتى موسم الحج، لتحقيق أعلى معدل من الإيرادات والذي يتعدى سنويا عشرات المليارات من الدولارات.
اللعب على الاهتمامات
ورغم تشابه الأنماط الاستهلاكية في الكثير من الدول العربية خلال شهر رمضان، فإن الحملات الدعائية لشركات المحمول تتفاوت من بلد لآخر، حسب الاهتمامات والغرائز الاستهلاكية والقضايا المسيطرة على كل بلد.
ففي الخليج تركز الحملات الدعائية للمحمول على التواصل والترفيه لمستخدمي الاتصالات المحمولة، بينما في دول أخرى تواجه بعض المشاكل الاقتصادية، مثل مصر التي لا تزال تعاني من وجود معدلات للبطالة غير قليلة، فإنها تلعب على وتر استخدام المحمول للفوز بمبلغ مالي ضخم أو سيارة فاخرة.
وأظهرت الإحصاءات أن معدلات استخدام الهاتف المحمول في المنطقة العربية، وخاصة دول الخليج في تنام ملحوظ، خاصة خلال شهر رمضان.
28 مليون مكالمة
ففي المملكة العربية السعودية تضاعف حجم ومعدل الاتصال في رمضان الماضي، ليصل عدد المكالمات خلال ليلة دخول رمضان وحدها في شركة الاتصالات السعودية وهى إحدى شركتين تعملان حاليا بالمملكة إلى نحو 28.9 مليون مكالمة أي بمعدل زيادة 31% مقارنة بآخر يوم من شهر شعبان، فضلا عن تمرير أكثر من 69 مليون رسالة "SMS" بمعدل زيادة 127%، مقارنة بمتوسط شهر شعبان أيضا، وإرسال أكثر من 576 ألف رسالة وسائط متعددة (MMS) بمعدل زيادة 12% مقارنة بمتوسط الشهر السابق.
وقال الدكتور عبد العزيز البسيوني الخبير في مجال الاتصالات بمصر إن شركات المحمول نجحت في تنظيم حملات تسويقية ودعائية مبنية على المناسبات المختلفة بالعالم العربي لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين الجدد فضلا عن زيادة معدلات الاستخدام لشبكاتها من المشتركين القائمين فعليا.
وأشار البسيوني إلى أن استخدام الهاتف المحمول تخطى الأنماط الاستهلاكية التقليدية وأهدافه الرئيسية من إتمام المكالمات ليدخل لاعبا رئيسيا في إيصال الرسائل التثقيفية والترفيهية والسياسية، وربما التعليمية في مراحل لاحقة، خاصة مع انتشار ما يعرف بخدمات الجيل الثالث للمحمول "3G" التي تتيح نقل البيانات والمعلومات عبر شبكات المحمول بسرعات عالية.
وأضاف أن العديد من دول الخليج العربي باتت تعول بشكل كبير -في نشر مكنونها الثقافي أو السياسي والترفيهي- على مكالمات المحمول ورسائله القصيرة " SMS" كأداة فعالة وسريعة لإيصال المضامين.
رمضان الأكثر إقبالا
وقد يعد شهر رمضان أكثر الشهور التي تشهد إقبالا على استخدام الهاتف المحمول، حسب إحصاءات الشركات العاملة في الدول العربية، إلا أن الكثير من المناسبات الأخرى، خاصة السياسية تلعب دورا كبيرا أيضا في زيادة اللجوء للهاتف المحمول.
ولعب المحمول دورا بارزا في حملة المقاطعة للمنتجات الدانماركية التي شهدتها المملكة العربية السعودية مؤخرا كرد على الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم قبل عدة أشهر، وذلك عبر تبادل الرسائل القصيرة الداعية للمقاطعة متضمنة عبارات تحث على نشر رسائل المقاطعة وتداولها بين المعارف والأصدقاء.
كما لعبت الرسائل القصيرة عبر المحمول دورا سياسيا في بعض البلدان الخليجية مثل الكويت التي تستخدم فيها الرسائل القصيرة لحث أنصار المرشحين للبرلمان للتوجه لمراكز الاقتراع أو توزيع القوائم الانتخابية، بينما تحمل مضامين هذه الرسائل على تعبيرات أكثر ترفيهية في دولة مثل مصر التي تمتزج فيها الفكاهة بنوع من التهكم على بعض الأوضاع السياسية.
وفى أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان، انتشر تداول صور حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني بين مستخدمي الهاتف المحمول في العديد من الدول العربية كتعبير واضح على الاهتمام بالمحمول في نشر بعض الاهتمامات بالدول العربية.
وتعد شركات المحمول الأكثر استفادة من هذه المناسبات والاهتمامات الجماعية للعديد من الشعوب العربية، عبر اللعب على أوتار هذه الاهتمامات في بعض الأحيان مثلما فعلت بعض شركات المحمول في المنطقة وبالأخص في مصر لإطلاق حملة لدعم لبنان خلال الحرب عليه، كنموذج واضح على اهتمام هذه الشركات بوقوعها في بؤرة الضوء بالنسبة للمستخدمين.
87 مليون مشترك
وأظهرت الإحصاءات تزايد معدلات استخدام المحمول في العالم العربي خلال العام الماضي 2005 لتشهد معدلات ارتفاع بلغت نسبتها 70% مقارنة بالعام السابق له 2004.
وأشار تقرير لمركز دراسات الاقتصاد الرقمي في دبي بالإمارات العربية المتحدة إلى أن عدد مشتركي الهاتف المحمول في الدول العربية كافة (ما عدا الصومال وموريتانيا وجيبوتي وجزر القمر) بلغ 87 ملايين مشترك نهاية عام 2005، مقارنة بـ51 مليون مشترك عام 2004، متجاوزا بذلك جميع التوقعات.
وبلغ معدل انتشار الهاتف المحمول في البلدان العربية نحو 28% من السكان، حيث تراوح بين 5% (في الدولة ذات الانتشار الأدنى) وأكثر من 100% (في الدولة ذات الانتشار الأعلى).
وأشار التقرير إلى أن سبب هذا النمو يعود إلى تزايد جاذبية الهاتف المحول بين المستهلكين، وانخفاض الأسعار وتحسن الخدمات بسبب المنافسة الناجمة عن تحرير الأسواق. وأظهرت الدراسة أن انتشار الهاتف المحمول في البحرين والإمارات وصل إلى مستويات مماثلة لانتشاره في بلدان أوروبا الغربية، والبلدان الآسيوية المطلة على المحيط الهادي.
وتوقع أن يستمر نمو عدد اشتراكات الهاتف المحمول بنسب مرتفعة في معظم البلدان العربية خلال الأعوام المقبلة، وخاصة البلدان التي لا تزال نسبة انتشار الهاتف المحمول فيها متدنية.
ومن بين إحدى النتائج المهمة لهذا التقرير، هو النمو الذي سجلته ليبيا والذي تخطى 100% عام 2005 (الأعلى بين جميع البلدان العربية).
وتشير بعض إحصاءات الدول العربية إلى تخطى نسبة مشتركي المحمول حاجز الـ100% مثلما هو الحال في دولة الإمارات التي تصل فيها إلى 120% حسب إحصاءات شركة "اتصالات" الإمارات في أغسطس الماضي.
وجاءت هذه النتائج بعد أن تم الإعلان رسميا عن الإحصائية الخاصة بتعداد سكان الدولة الذي بلغ 4.1 مليون نسمة بين مواطن ومقيم، في حين أظهرت أرقام المشتركين في خدمة الهواتف المحمولة بأن العدد قد تجاوز خمسة ملايين مشترك وفقا لإحصاءات "اتصالات".
مكاسب كبيرة
ولعل هذه الإحصاءات هي التي تجعل من السوق العربية أكثر جاذبية لشركات الاتصالات العالمية والتي تتكبد بعضها خسائر على المستويات العالمية فيما تشير إحصاءاتها المحلية بإحدى الدول العربية إلى تحقيق مكاسب كبيرة.
ففي مصر التي تعمل بها شركتان حاليا ينتظر دخول منافس ثالث لهما بحلول فبراير من العام القادم 2007، توضح نتائج أعمال شركة فودافون العالمية التي تملك 51% من شركة فودافون مصر أنها حققت خسائر بلغت 27.8 مليار دولار خلال العام المالي الذي انتهى في 31 مارس الماضي، فيما حققت فودافون مصر نمواً في الأرباح بنسبة 65% خلال العام المالي 2005/2006 المنتهي في 31 مارس الماضي أيضا مسجلة نحو 295 مليون دولار صافى ربح خلال هذه الفترة.
وتستحوذ شركة فودافون مصر على نحو 50% من مشتركي المحمول في مصر بواقع 6.3 ملايين مشترك من إجمالي 14 مليون مشترك حسب إحصاءات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية في نهاية يوليو الماضي، بكثافة تليفونية تبلغ 19.6% يتوقع وصولها إلى أكثر من 25% من دخول المشغل الثالث للمحمول بحلول العام القادم.
أعطال متكررة
وربما تثير هذه الزيادة المطردة في أعداد المشتركين في شبكات المحمول في العالم العربي بعض الإشكاليات الخاصة بسعة الشبكات والتي ترددت بقوة في مصر خلال الأشهر القليلة الماضية لتعرض الشبكتين العاملتين حاليا لأعطال جزئية نتيجة الضغط المتزايد على شبكتيهما خاصة في أوقات الذروة بالمناسبات مثل حلول شهر رمضان والأعياد.
إلا أن المسئولين في هذه الشركات دائما ما يؤكدون أنهم يضخون المزيد من الاستثمارات لزيادة سعة الشبكات بما يسمح باستيعاب أعداد المشتركين وزيادة الضغط على الشبكات في بعض أوقات الذروة.
وقال محمد حنة المسئول في شركة فودافون- مصر: إن شركته قامت بضخ ما يقرب من 1.7 مليار جنيه عام 2006 لزيادة سعة الشبكة (الدولار يساوى 5.73 جنيهات)، يوازيها نحو 1.9 مليار أخرى من جانب شركة "موبينيل" التي تقتسم السوق المصرية مع فودافون حاليا.
وأشار حنة إلى أن شهر رمضان وبعض المناسبات تشهد ضغطا متزايدا لكن ليس في كل محطات الشبكة وإنما في أماكن محددة أكثر اكتظاظا بالسكان يتم الاستعداد لها مسبقا. غير أن تكرار بعض الأعطال دفع جهاز تنظيم الاتصالات المصري إلى إلزام الشركتين العاملتين بالسوق مؤخرا إلى زيادة سعة شبكتيهما لاستيعاب أعداد المشتركين المتزايد لديهما أو تعرضهما لعقوبات من قبله.
________________________________________
** صحفي مصري مهتم بالشئون الاقتصادية
منقووووووووول