مما تعلمته منكَ و منه و من هذه الحياة التي تأبي أن تتوقف عن إعطاءنا دروس ... نعتقد أنها بالمجان لكنها تخصم من رصيد صبرنا و مشاعرنا و قوتنا و رغباتنا الكثير ببطئ شديد
لها مقدرة و أناة على أن تُحدِث فينا تغييرات عظيمة ... دون أن نشعر بأننا تغيرنا
كل ما نشعر هو الغربة ... كأننا غيّرنا المكان أو الزمان
لكن في الحقيقة الذي سبب هذه الغربة هو أننا صرنا اكثر من روح داخل هذا الجسد ... و ذاكرة متعددة و رغبات متناقضة و قرارات غير نافذة و إرادة مسلوبة ...
تعلمت منكَ يا والدي ... أن أشبع غليل الحاجة بالفتات ... حاجتي و حاجة غيري لي
و الحاجة مفهوم شاسع يحوي كل احتياجات الإنسان على مرّ سنيّ عمره ...
و في معرض أحاديثه و نصائحه الكثيرة التي لو أخذت بها في حينها لما وقعت في مأزق العمر ...
أخبرني عن معنى ( القانع و المعترّ )
ففي نفسي و نفسه و نفوس الخلق ... جانب يميل للقناعة و جانب آخر سمته الطمع
فقال في وقتها لا تتركي نفسك للجوع ... و لكن لا يغلب عليها الطمع
حتى في حبكِ لأمكِ ... و أخوانك و أبناءكِ الذين لم نراهم حتى الآن ...
حتى في حبكِ لمن قد يشاركك الحياة و يناصفكِ الهم و الفرح ...
اكتفي بالقليل ... و لا تمنحي أكثر مما يسد الرمق و يحفظ الود و الوصل الإنساني ...
حتى لا يصيبكِ داء التعلق ...
و على هذه النصيحة ... كنت أحاول
لكن غلبني الطمع ... و غلبني الحب يا أبي ...