لبّيتُ قلبكِ

[أحمد صويري]

الليل
تحت عباءة البدر المجوّف
يستفزّ شباك عيني في المدى
والخدّ من شبّاك أبعاد الزمان
ملامحٌ كالبرتقال مسامها
تلد الدفاتر والعيون عبى يديكِ حضارةً
لا دجلةٌ يلغي جذوركِ في الفؤاد ولا الفرات
ولا دمشق ترجّلت عنها السيول
إذ انقضى زمنٌ وصفحات التراث كئيبةٌ
.
نطق الهوى والوحي باسمكِ
والضحى انفلقت بعينيه سطورٌ فانبغى أن يُشعرا
لم تحتملكِ سوى الجبال
وليس جهلاً أن تخرّ عروشها
كرمى لعينكِ سجّدا
عمّان أنتِ حدودها
لا وجه يبسم في ظلال جبالها
إن غادر العطر المسافر في مسامكِ جوَّها
ملء الطريق صدىً لصوتكِ
حين يضحك زيزفونٌ في الشمال
يردّه زيتون ثغرك في المساء
وتينةٌ للشوق تقطف عشقها من إصبعين
يقلّبان القلب من بعد التغرّب عن بلادٍ
قبلتاها أنتِ
والصفصاف يركع في زوايا قبلةٍ أخرى
عمّان تعشق شعركِ المنثور فوق ذراعها
والليل يشتاق احتضان شهيق روحي عطر أنفاسٍ
تعتّقت الشموس بدفئها
حتى غدت كل اللغات على بساط الأرض تحكي النور
تهذي الشوارع باسمكِ المنحوت في كبد القصائد
والعيون العمي تبصر من خلالك نورها
لا تحزني
فالقلب منفطرٌ بعينيك اللتين إذا تقطّرتا
نزفتُ من الوريد إلى الوريد
ومثل أيّ فراشتين
تطوف عيناي اعتذاراً حول وجهك
لو أدار ضياءه عن ناظريّ تدلّلاً
تخشاكِ في النبضات جرأة من تكلّمَ وحيُهُ
لا في السماء ولا التراب قصيدةً للعشق
لم تُخلق لغيرك في السحاب
سطورها كُتبت بماء الورد
لكنّ النسائم حائراتٌ إذ بدا ملء النفوس المسك في جنبَي حنانك مرّةً
إذا عمّان لم تنطقكِ روحا
يظلّ على المدى قلبي جريحا
روحي تقبّل وجهك المرسوم في نحر السما
قبّلتِ روحي ليلةً
فنفختِ فيها من عطور الياسمين ولونه
العشق أنتِ لغاته في الأرض
والسّبعُ السماوات استقتْ من لونك النور الذي في الشمس يضحك للربيع

هذا الصباح
نسيتُ أنفاسي بقربك
فارتشفتُ القهوة الحبلى بهمسك
حين فنجانٌ يذوب على شفاهك من لظى الأنفاس تقبيلاً لبوحٍ
لم يلد أو يولدِ
ونسيتُ
بل ما زلتُ أذكر نكهة البنّ الذي شهد انتحار الحزن فيّ
وقد بصمتِ على قميص القلب من قبُلٍ
وكادت لهفة الشفتين ترسمني خرائط عالمٍ لم يتّسع للنار
حين تؤجّجين رمادها
فيسيل طيفٌ من جنونك
باعثاً في النفس نصف سَكينةٍ قالت :
على قدرٍ ستأتي حين يشرد خاطرٌ
وشربتُ بعدك ألف نخبٍ للرياح
وكنت أصحو
كنت أصحو
كنت أصحو
والسدود عنيدةٌ
قولي لمأرب إنّني آتٍ
وطعم المرّ يثقل كاهلي
كفّي حجابك والستائر
واقبليني بعد كفري مؤمناً
أن لا شريك لديك في قلبي
وقد لبّيتُ قلبكِ
فاقبضيني