قد قالها صراحة :
- أنتِ قبيحة جدّا ، لا أراكِ جميلةً ، قوامكِ النحيف لا يعجبني ، شعركِ الأسود ، عيناكِ المخيفتان ، شفتاكِ الممتلئتان ، أكره كل شيء فيكِ ، صوت ضحكتكِ العالي ، نبرة صوتكِ و أنت غاضبة ، طريقة أكلك و أنت تستعملين يديك بدل الشوكة و السكين ، أكره موسيقى الروك التي تسمعينها ، أكره االفوضى التي تحدثينها في غرفتِنا ، لا تروقني أقمصة نومكِ الفاضحة التي تتقمصين فيها أحياناً دور الخادمة و أحياناً دور الراقصة المتعرية ، لا أحب استفزازك لي و نظرتكِ و أنتِ تسحبين أنفاساً من سيجارتكِ التي تشبهك ، ببساطة أنا لا أراكِ أنثى ،و أنتِ لا تثيرينني و لا أكتفي بعدم حبي فحسب بل أكرهكِ و بشدة ، و لكرهي أسباب أخرى أيضاً لم أذكرها بعد ، فأنتِ قاسية القلب جدّا ، ليس فيك ذرة حنان واحدة ، لا تشفقين أبداً على أحد ، لم تحضري يوماً لي مطهراً إن جرحت يدي ، ما عانقتني يوماً و أنا أبكي ، بل كنتِ تسخرين مني دائماً قائلة أنه ليس على الرجل أن يبكي ! رغم أن الرجل إنسان يتألم ، يتوجع ، يخاف ، يبكي ، الرجل إنسان مثلكِ ، عفواً نسيت أنك لا تمتين بصلة إلى الإنسانية . .
لم أشعر يوماً أنني رجل كاف لكِ ، لم تنتش يوماً بعد ممارسة الحب ، لقد كنتُ لكِ كالعبد على السرير ، يلبي كل حاجاتك الأنثوية ، يحاول أن يخدمك كيفما استطاع ، و لكنكِ أبداً لم تكوني راضية أو سعيدة يوماً ، و أجدني اليوم بعد كل هذه السنوات حائرًا لست أدري من ألوم حقاً ، ألومني أنا الذي انجرفت وراءك ، و تورطت بك ؟ أم ألومك أنتِ لأنك قبيحة لهذا الحد ، قاسية لهذه الدرجة .
- تقول لي هذا الآن ؟ بعد ثماني سنوات ؟
- لقد تطلّب الأمر مني كل هذا الوقت لأعترف ، ربما كنتُ جبانًا
- لما ؟
- لأنني كنت مغفلاً ، كنت أحبكِ حقاً رغم كل جفائك و قبحك و قسوتك ، عجرفتك ، ابتذالك ، لقد كنت أحمقاً لأنني وقعت في شباكك
- تقصد أنك ما عدت تحبني ؟ و لهذا اليوم تحاول الرحيل لأول مرة ؟
- أنا لستُ أحاول الرحيل ، فهذا ليس موضوعنا ، أنا أرحل الآن ، أنتِ ترحلين ، هذا ليس مهماً ، أحاول أن أكون صادقاً ، أحاول أن أخبرك كم أكرهكِ
- هل صدّقت نفسكَ أنكَ كرهتني حقاً ؟ هههههههههههههههه ، بوسعكَ أن ترحل و لكن ليس بوسعك أن تكرهني أبداً ، قلبك ملكي أنا
- سأرحل إذا و سأعيش من اليوم بلا قلب ، لست أفهم لما لليوم لازلتِ تستمرين بتعذيبي ، رغم أنني أحببتك أكثر من أي رجل آخر ، أعطيتكِ كل ما أملك ، أعطيتك قلبي و حبي و جسدي ، وهبتكِ كل ما كنتِ تحلمين به ، بيتاً و سيارة ، دار الأزياء التي تحمل اسمك و التي طالما حلمت بها و أنتِ فقيرة لم يكن بوسعك اقتناء قنينة عطر أو أحمر شفاه ، لقد كنتِ نكرة ، و أنا الذي صنعت لكِ اسماً ، أنا الذي خلقت لك كل هذا العالم الذي تعيشين فيه ،و مع هذا لم تجرئي على حبّي
- قبل أن أوقع وثيقة الزواج ، أخبرتك أنني لن أحبكَ أبدًا و أنت قبلت ووقعتَ مغمض العينين
- وقعت كالأبله على أمل أن تحبينني يوماً و لكنكِ كنتِ صادقة الوعد ، لم أتمكن من جعلكِ تحبينني ، و لكنكِ تمكنتِ أن تجعلي مني رجلاً تعساً يكرهكِ أكثر مما يكره أي شيء آخر
- لقد أطلت الحديث كثيراً و أعتقد أننا بحاجة إلى خاتمة . . إفعل ما تراه مناسباً
- فلنفترق . . .
- فليكن ! إبحث لكَ عن امرأة تناسبكَ أكثر منّي و عش حياتك كما تشتهي ، أنتَ تستحق أن تعيش سعيداً
- ماذا عنكِ ؟ ما الذي ستفعلينه ؟
- لما تسألُ عنّي ؟ أنا من الآن خارج دائرة حياتك
- مجرد فضول . . لا أكثر !
- حسناً هل تذكر طبيب الأسنان الذي قام بحشو ضرسي آخر مرة ؟ هو مغرمٌ بي ، و أتوقع أنني عندما أصبح حرة ، أنه سيعرض الزواج عليّ ، أعتقد أنني سأوافق ، كما أعتقد أنني سأناسبه
- آه يا إلهي . . لابدّ أنكِ كنتِ تخونني معه ! كيف لم أحدس هذا ؟ ؟
- أنا لا أخون يا عزيزي ، لا أحبذ علاقات مشبوهة عفنة ، تفوح منها رائحة كريهة قد أكون امرأة قبيحة كما قلت عنّي ، و قد أكون قاسية حقاً و ربما أقوى مماّ تنتظره من المرأة ، قد لا أتحلى ب " اتيكات " السيدة الراقية كما تحدثتَ عني ، فأنا أحب أن أكون على طبيعتي في كل شيء ، أحب أن أكون حرة على السرير رفقة زوجي ، فأنا من الليلة الأولى لم أمثل عليكَ أنني لا أعرف شيئاً عن الجنس ، لا أحب أن أستلقي مثل دمية تلهو أنت بها ، كما كنتَ تتحرش بي كلما كنت نائمة لأنني في قمة هدوئي ، لا أحب أن أخبرك أنك تجيد ممارسة الحب و أنت لا تجيد و لا تعرف عنه شيئًا ، و أنت تلامسني و كأنك تخشى أن أنكسر أو أذوب بين يديك ، ربما ما كان عليك أن تكون عبدًا ، بل أسدًا ، و كما اعترفت أنت ، سأعترف أنا ، لقد كنت فاشلاً على الفراش و رغم كلّ ما وهبتني إياه من مال و بيت و سيارة ، غير أنني كنت تعيسة جنسياً ، و لكنني لم أخنك ، كنت أخونكَ بطرق أخرى ، كأن أغازل بطلاً على شاشة التلفاز ، أخونك و أنا أمارس أحياناً عاداتي السرية و أنا أشاهد فيلمًا إباحيا ، لكن لم أهب جسدي لرجل غيرك ، رغم أنه يكرهك و يبغضك أكثر مما بغضتني أنت . .
نعم أنا لم أكن امرأة راقية بالنسبة لكَ ، لأنني لا أستمتع بالأكل إلا و أنا ألعق أصابعي ، إلا و أنا أطعم نفسي بنفسي ، بلا شوكة و بلا سكين ، و كان هذا يحرجك ، كنت تريد منّي أن أغيّر طبقة صوتي عندما أحدث الناس ، و أن أبرمج الضحكة قبل أن تخرج من فمي أردتَ أن أكون إمرأة أخرى ليست أنا ، فعن أي حب تتحدث ؟ كان عليك أن تحبني كما أنا . . أو لا تحبني أبدًا أما عن طبيب أسناني ، فهو رجل صالح ، لم يعرض عليّ أن أخونك معه ، و لم يتحرش بي ، و لكنني اكتشفت حبه بنفسي ، هو رجل وسيم ، ناجح ، ذكيّ جدّا ، مرح ، و صديق جيّد ، و ليس من الصعب على المرأة أن تحدس حب رجل لها .
- هكذا إذاً ، يبدو أنكِ خططتِ لكل شيء
- .................................................. ......
- لقد تعمدّتِ أن تدفعيني لكرهكِ و احتقارك ، و بالغتِ في تعذيبي ، و جعلتِ من حياتي مستحيلة ، فقط لتتخلصي مني ، لأختار بنفسي قرار الرحيل ، كي تكوني معه ، أنتِ أخطر ممّا توقعت !
- أبداً . . لقد أصبحت حياتنا مستحيلة ، و أصبح الكره متبادلاً ، لازلتَ شاباً و بوسعك أن تبدأ حياتك من الصفر مع أخرى
- تعتقدين أنني لم أحاول ؟ لقد حاولت أن أخونكِ فعجزت ، حاولت أن أحب غيركِ ما استطعت ، عرفت من هنّ أجمل منكِ ، أطيب ، أحنّ ، و لكن أنتِ ، آه يا إلهي كنتِ مثل السرطان الذي استقر بقلبي ، كل شيء يبدو مختلفاً مع غيركِ ، كل شيء يبدو أقلّ لذة و كأنني أدمنت تعذيبكِ و استحليت مرارتكِ ، و كأنّ التعاسة إلى جانبكِ سعادة ، و السعادة مع غيركِ تعاسة ، ما الذي فعلتِه بي ؟
- .................................................. .......
- أتعلمين ماذا . . ؟ سأترككِ و لكن ليس من أجلي و لكن من أجلكِ أنتِ ، ربما قد تسعدين مع رجل آخر ، اذهبي حيث تشائين ، و لكن هل بوسع أي رجل أن يحبكِ مثلما فعلتُ أنا ؟ و إن شعرتِ أنكِ لستِ بخير ، أو ما عدتِ سعيدة ما غيري ، عودي إليّ ، سأكون بانتظاركِ دائماً ، معتكفاً ، أشتهي اللقاء ، و أشتهي سخريتكِ مني ، و أن أراكِ نائمة كالملاك و ضوء الشمسِ يضيء غمازتكِ التي تتربع على عرش خدّك الجميل ، سأشتاق عدّ الشامات التي على عنقك ، سأشتاق تقبيلها ، و سأشتاق لحظة تستيقظين من كابوس مفزع لتعودي إلى النوم و أنتِ ترتجفين بين أحضاني ، تمتمين بكلمات لا أفهمها ، لتستيقظي اليوم الموالي و أنتِ على عجل ، ليس لديكِ الوقت لشرب قهوة الصباح معي ، و لا لمناقشة أحلام ليلة أمس .
سأظل أحبكِ دائماً ، و أعتذر بشدّة لأنني لم أستطع إسعادكِ يا غاليتي ، وداعاً .
قال ما قاله ، ثم حمل حقيبته بسرعة :
- أنتَ لم تسألني لما بقيت معكَ طيلة هذه السنوات ؟ رغم أنك لم تناسبني و لم أكن أناسبك
- لستُ أدري . . ربما كنتِ بحاجة إلى من يحقق أحلامك ، و ضحيتِ برغبات مقابل أخرى
- لأنكَ أحببتني حقاً و احتويتني و تحملتني . . ! وجدتُ فيك الدفء و الحنان الذي كنت أفتقر إليه ، كنت بحاجته رغم أنني لم أظهر يوماً مدى احتياجي إليه ، لأنكَ كنت تأكل الأطباق الفاشلة التي أعددتها ، و تسمع بصبر موسيقى الروك التي أعشقها ، لأنك تتحمل الإحراج الذي أسببه لك أحيانًا أمام أصدقاءك بطيشي ، و لا مبالاتي ، و لأنك حققتَ كلّ أحلامي ، أعتقد أنه لازال بوسعك أن تتحملني ، و لازال بوسعي أن أتحملك ، فأنا رغم كل مشاكلنا ، و رغم أنني لم أعترف لكَ يوماً ، غير أنني " أحبك " ، أحبك على طريقتي التي لا تروق لكَ ، و كل كلماتي الجارحة هي ردود و أسلوبي في الدفاع عن نفسي و إنقاذ ما تبقى لديّ من كرامة . و وحده الحب ما جعلني أبقى إلى جانبك ، كان بوسعي أن أتركك منذ زمن و أبحث عن رجل آخر يحقق أحلامي ، كان بوسعي أن أخونكَ ، و لكن لأنك أطيب رجل صادفته بحياتي ، لأنك أحن عليّ من والدتي التي تخلّت عني فور ولادتي ، لأنكَ أحببت امرأة سيئة مثلي ، وجدتني أحبك
لا ترحل . . .
و بوسعي أن أهدأ من أجلك و بوسعك أن تثور من أجلي . فما يربط بيننا ، أسمى من كلّ هذا ، روحك و روحي خلقتا من أجل بعضهما البعض ، الله لا يخلق للإنسان أكثر من توأم لروحه ، قد أجد رجلاً أفضل منك ، و لكن من غيرك سيحبني و يحتويني و يتحملني ، من غيرك سيكمل روحي أيها المجنون ؟ لا ترحل غيّر ملابسك ، و دعني أحضر لك طبقًا مكسيكيا ، الفاهيتا التي تحب ، فأنا تعلمت إعدادها من أجلك .
انتهت
27 أيلول 2013
سارة النمس
أشكر من أعماق قلبي كل من وصل إلى هنا
تكرّم عليّ بوقته و قرأ .