كان الشعر في إنتظارك من زمان ومن قديـم الأزل
يسايـر النـاس والجـلاس ويجامـل مقاماتهـا
سلام ياللي توسع كل بـال وكـل صـدر محفـل
وتسر الاعيان يالضيف الشرف وتجمـل أوقاتهـا
مليون شاعر على شانك ويفـداك النقـض والفتـل
وتـدوم للقافيـه ترعـى بيارقهـا وساحاتـهـا
وانـا تـرانـي غـوايـات وطــروب وفـحـل
وتوحي لي الشارده والـوارده عـن كـل نياتهـا
اسبح مثل حـوت وابـري القـوس وارع الحمـل
حتى يجي كبش ويقول الحسن ف خـدور رباتهـا
وقفني الوقت وأبكاني زماني في مشـارف طلـل
وابشرك عيني إعتـادت علـى حبسـي لعبراتهـا
واعرف اهرول واعـرف اجمـح واعـرف اهـذل
واطير فردٍ لحالي .. لا أخلت الاسـراب وكناتهـا
وأحتاج لي سحر فـي وصفـك وضـرب الرمـل
وأحتاج الارقام وحدود الوهـم وأحتـاج لوثاتهـا
جلالة الأبجديـه عاجـزٍ سلطانهـا وانـت أجـل
مـن كـل الأذكـار والافكـار يامتيّـم بنيّاتـهـا
وإنكان زايـد تكـرر فيـك زايـد لايـزال ويظـل
وحيد الأزمان لوعـادت علـى العربـان كرّاتهـا
من فآخر الجود غيره وأفحمه معه الصخا والبـذل
وأنساه ( ماكان بالإمكان ) وانسى ( كان أخواتها )
يالماجد الألمعي مدحـك يبيلـه ملحمـات وحيـل
وخشية من المؤمنين الصابرين ومـن فراساتهـا
عزيت شآن الشعر وأنزلك شآنه في أعـز النـزل
وساربك في كل الارض وخلّد إسمك في مفازاتهـا
تستاهل الصعب منّه والعوالـي يالجنـاب السهـل
ياللحيـة الغانمـه ياخشمهـا الشـمّ وشنباتهـا
انت العرب مودعتك فروعها وجموعها كل أصـل
وديوانهـا وأمنّتـك الخيـل أعنتّهـا وصهواتهـا
ولا يعوّل على اللي في حياتـه ماعليهـا معـول
ولايلم الجمـوع مـن الجهـات مفـرّق أشتاتهـا
تجوهرت روح ابوخالد وهي بين الرجـا والامـل
حتى بني ياس تبني مجدهـا فـي سبـع أماراتهـا
غيثٍ يسح الذهب والـدرّ سحّـه للبـرد والنفـل
ويجـدد الأرض ورجـال الكـرم يرفـد مرواتهـا
نصفه شعر وأمنيات وضعف نصفه مكرمات ونبل
وروحه وطن كل شكوى وإستغاثه مـن رحاباتهـا
كأن ربي نـزع منـه التعـب لايشتكـي والملـل
وأعطـاه روحٍ تجـلاّ فـي عناهـا وف كلافاتهـا
يبلسم آلام ويسـد اللـزوم وكـل نقـص وخلـل
ولايعتذر عند حاجه فـي رخـا الدنيـا وشدّاتهـا
قبله نحسب التعالي والتجهّم من سمـات البطـل
وعقبه عرفنا الكرام مـن التواضـع وإبتساماتهـا
قد حملّه زايـد إحلامـه وهمّـه والأمانـي طفـل
والحلم سلاّه عن طيش الشباب وعـن حماقاتهـا
سفينتك ياخليفه للموانـي ماأبحـرت ف الضحـل
من رفعت إشراعها ياشراعها وأعمـاق مرساتهـا
سفينتك راسيه في كل مـوج وكـل خطـبٍ جلـل
وتواجه الريـح والأحـداث وتكاسـر حساباتهـا
تقودها جنبك محمد عضيـد وفـال خيـر وجبـل
في جيوشها طاعة أمرك طال عمرك وف مطاراتها
ويعانق السرب ويقـود الكتايـب ويتقـدم رتـل
ويشارك الجنـد دايـم فـي خنادقهـا وثكناتهـا
رجّال دوله ودوله من رجال تجسّـدت فـي رجـل
في دولةٍ فـي خليفـه وحـدّت بالريـح راياتهـا
تلقاه في كل ميتم وإحتفـال وكـل ورشـة عمـل
ويحب يرفـع مـن أقـدار الرجـال ومعنوياتهـا
واحة كفوفه وأصابع راحتينه فـي يدينـه نخـل
ويمدّهـا للجميـع وتحتهـا مـن كـل تمراتهـا
صافي كأنه نبع يجري على شعبـه وكنّـه عسـل
يجري على الناس دايم في ضماها وف مراراتهـا
له همةٍ لو تدب ف كل حدب وكـل عجـز وشلـل
تعـزز الـروح ليـن تقـوم وتحـيّ شجاعاتهـا
زاد النظر بعد وآفاق وجعل جـلّ إهتمامـه لأجـل
مستقبـل أجيـال ربـي ماخلـق لليـوم جدّاتهـا
من رحمته يتقي من رحمته يآطـا بيـوت النمـل
ويعطف على الظبيه اللي تستجيره فـي فلواتهـا
لولاه قاسي من الرحمـه فـؤاده ذاب حتـى ذبـل
ولولاه باسـم علـى الشـدات مابـدد جهاماتهـا
وجه الهدى والهدايا والبشاير له وهـدي السبـل
ومايسبق العاصفه ومن الحـرار الشقـر هدّاتهـا
لوغاب يخشى العزيز إنه يهون مع الزمان ويـذل
وأرقاب الاجواد ماتعتـق ولاتصلـح خصوماتهـا
عليه ماتعرض الدنيـا ولايعـرض عليـه الفشـل
ورجال الاعمال ماتومي علـى راسـه سفاراتهـا
ومن الهوى والمحبـه ماتجنّـى وإستبـد وقتـل
ولايذبـح العاشقيـن الصادقيـن ألا صباباتـهـا
يابوظبي لك تحت قلبه غزال ولك عريـن ووعـل
يرعـاك دايـم مـع عينـه معاودهـا ولفتاتهـا
هذا والاقمـار تكمـل ف الليالـي والاهلّـه تهـل
وأعمارها في مصابيـح الظـلام وفـي محاقاتهـا
التوطئة :
المدح مرتبط بصميم الوعي الجمعي العربي , لأننا نحن كأمة نحب أن نثني على الناس , ونحن من الناس أن يثنون علينا , وحب المدح من طبائع النفوس , وهذا التوجه السلوكي له ارتباط بحديث الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم , القائل – ما معناه – أن يقول المرء لأخيه أنا أحبك في الله , أي أن هذا التصرف له ارتباط بالموروث الثقافي للأمة , ومتغلغل في صميم التركيبة النفسية للعرب . غير أن الموقف من المدح يجب أن يهذب , ويبتعد عن استدعاء الشراسة والعنف في غير موضعها , وأن يميل الشاعر المادح – كما فعل شاعرنا هنا – إلى تحريك منابع الخير في النفس البشرية , ويحرص الشاعر المادح على تحفيز كوامن الضمير الإنساني في شخصية الممدوح
ونظرًا لنشوء الدول في المنطقة في العصر الحديث , وانحسار سلطة القبيلة لحساب الحكومات الوطنية , ارتبط شعر المديح بالشعر الوطني . وفي هذا وقع الخلط النابع من عدم فهم لهذا التوجه , فالشعر الوطني من الإمكان تداخله مع شعر المديح حينما يكون الممدوح أحد الحكام المؤسسين للدول , لأنه هو من قام بإيجاد بلاده من العدم ولم شتاته من الفرقة , وربط أجزائه التي تناثرت عبر سنوات من عمر الزمن , أما الذين جاؤوا بعدهم من الحكام , فلا بد من الفصل بين المسارين : مسار الشعر الوطني ومسار شعر المديح , فلا يصح أن يقال هذه قصيدة وطنية في مدح الملك أو الشيخ أو السلطان أو الأمير الفلاني , وذلك أن هؤلاء الحكام المتأخرين زمنيًُّا عن أسلافهم المؤسسين استلموا كيانات وطنية جاهزة
إن هذا الكلام يعتبر حديثًا نظريًّا , وقد لا يقبل التطبيق في مثل هذه الظروف , إما لقصور هذه النظرية أو فسادها , أو لوجود حسابات وقناعات خاصة لدى الرافضين لهذا التوجه , لاسيما ونحن نعيش في مجتمع عاش على خلط شعر المديح بالشعر الحماسي مئات السنين
أما قصيدة المدح , فلا بد أن تكون وثيقة فكرية تعبر عن ذات الشاعر المادح , وتتناغم نفسيًّا مع توجهات الممدوح , كما فعل نايف صقر هذا الكلام في هذه القصيدة , حيث انتصر للشعر من خلال مناجاته لتوجهات وفكر الممدوح , إذ وجد أن هناك نقطة التقاء بينه وبين الممدوح, ومن ثم وقف عندها , ومن بعد ذلك تحرك إلى فضاء شخصية الممدوح الواسعة كما سنلاحظ في هذه القراءة
القراءة :
قال الشاعر نايف صقر هذه القصيدة في مدح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي , على مسرح شاطئ الراحة أثناء فعاليات النسخة الثالثة من شاعر المليون . والمدح عند العرب أزلي قدم التاريخ . لهذا يعتمد الشاعر المادح أثناء قصيدة المدح على الجانب الوصفي أكثر من الجانب التعبيري " وأحتاج لي سحر فـي وصفـك وضـرب الرمـل " , لأن الوصف يسهل عليه استحضار المعاني , والتحرك في هذا الموضوع بسهولة ويسر , وهذا ما قام به الشاعر نايف صقر في هذه القصيدة
تشابك الإيقاع الموسيقي في النص :
هذه القصيدة في عموم أبياتها على وزن " مستفعلن / فاعلن / مستفعلن / مستفعلن / فاعلن " وقد التزم الشاعر هذا التقسيم الموسيقي في كل أشطر القصيدة , إلا عدد من الأشطر انتبه لها الشاعر والإعلامي الشاب عبد الرحمن الرويس , وقد أفرد لهذه النقطة موضوعًا مستقلاً يتعلق بهذا الأمر , وكانت هذه الأشطر التي انحرف بها الشاعر هي كالتالي :
وأنا تـرانـي غـوايـات وطــروب وفـحـل
أسبح مثل حـوت وابـري القـوس وارعى الحمـل
وأعرف أهرول وأعرف أجمع وأعرف أهذل
وأحتاج لي سحر فـي وصفـك وضـرب الرمـل
وهذه الأشطر على وزن " مستفعلن / فاعلن / مستفعلن / فاعلن " , ومن الملاحظ أن كل القصيدة وعلى الرغم من هذا الخلط الواضح من قبل الشاعر فإنها على وزن بحر واحد , وهو بحر البسيط , مع العلم أن الشاعر زاد تفعيلة " مستفعلن " على هذا الوزن في منتصف أشطر القصيدة , وهذا معروف وشائع في عالم الشعر الشعبي , لولا ذلك الخطأ غير المقصود الذي وقع به الشاعر نايف صقر في هذه القصيدة
لكن , لنسأل أنفسنا ما سر هذا الخطأ ؟ , وهو شاعر معروف وله باع طويل في مجال الشعر الشعبي في المنطقة
بعيدًا عن التنظير في هذا المجال , من أن الشاعر كان مستعجلاً على إتمام هذه القصيدة , وذلك أنه كان في عجلة من أمره , وبعيدًا عن أي فهم تراثي للموضوع من أنه ارتبك في حضرة الممدوح , لأن الشاعر لم يرتجل النص , بل جاء به مكتوبًا وألقاه على الجميع , غير أن المتأمل في هذا البحر يجد أن هذا البحر يخدع صاحبه , وهذا ما جعل هذا الزلل يمر على الكثيرين ما عدا عبد الرحمن الرويس , هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى تعلق بالشاعر نفسه , عندما قال في الممدوح
عزيت شان الشعر وأنزلك شانه في أعـز النـزل
وسار بك في كل الارض وخلّد إسمك في مفازاتهـا
تستاهل الصعب منّه والعوالـي يالجنـاب السهـل
ياللحيـة الغانمـة يا خشمهـا الشـمّ وشنباتهـا
فقد قال " تستاهل الصعب منه " والخطاب هنا موجه للممدوح , وهو الشيخ محمد , قاصدًا بالصعب هذا الوزن الذي أوقع الشاعر بهذا الخلل غير المقصود , وكأنه يريد التأكيد على هذه الصعوبة , ليس بالكلام , بل بالفعل الذي جاء من غير حول له ولا قوة . وهناك سبب آخر وهو أن الشاعر كان في هذه القصيدة على سجيته , ولم يكن متكلفًا فيها ولا مائلاً إلى الصنعة , لأن بعض المفردات لم تكن لتجيء لو كان الشاعر في هذا النص متخذًا سبيل الصناعة كتكراره لمفرد " أعرف " في نفس الشطر أكثر من مرة , وكذلك " وشنباتها " , وحتمًا هذه لا تؤثر على نص فارع الجمال كهذا النص
الممدوح والشعر :
الشاعر نايف صقر شاعر من طراز فريد , له نهجه الشعري الواضح , والممدوح الشيخ محمد بن زايد أحيا الشعري الشعبي بعد سنوات الركود التي عمت الساحة الشعرية من خلال برنامج شاعر المليون , الذي يعتبر فكرة من أفكار الشيخ محمد . هذا الهم الثقافي جعل الشاعر ينشغل عن السلام عليه , حيث كان صوت الشعر أعلى من صوت التسليم , ابتهاجًا من الشاعر بهذا الانجاز الذي حققه الممدوح للشعر والشعراء
كان الشعر في انتظارك من زمان ومن قديـم الأزل
يسايـر النـاس والجـلاس ويجامـل مقاماتهـا
سلام يا اللي توسع كل بـال وكـل صـدر محفـل
وتسر الأعيان يالضيف الشرف وتجمـل مقاماتهـا
إذ أن عبارة " سلام يا اللي توسع كل بـال وكـل صـدر محفـل " أو أي معنى قريب لها , لم يرد إلا في هذا الشطر , فقد تقاطرت عبارات المدح المستوحاة من عالم الشعر على شخص الممدوح , حيث وجد الشاعر ذاته في هذا الممدوح , فترك المعاني تسيل معه كيفما تشاء
كان الشعر في انتظارك من زمان ومن قديـم الأزل
مليون شاعر على شانك
ويفـداك النقـض والفتـل
وتـدوم للقافيـه ترعـى بيارقهـا وساحاتـهـا
جلالة الأبجديـه عاجـزٍ سلطانهـا وانـت أجـل
يا متيّـم بنيّاتـهـا
مدحـك يبيلـه ملحمـات وحيـل
عزيت شآن الشعر وأنزلك شآنه في أعـز النـزل
تستاهل الصعب منّه والعوالـي يالجنـاب السهـل
أنت العرب ... وديوانهـا
نصفه شعر وأمنيات
هذا التزاحم الهائل من الجمل الشعرية ذات الصلة بالشعر , هي ما جعلت الشاعر ينسى كل شيء , ولا يرى الممدوح إلا من الشعر , ولا يرى الشعر إلا فيه
الشاعر يفتخر بشعره :
هنا أحس الشاعر أنه قريب من الممدوح الشيخ محمد بن زايد , وبما أنه شاعر من طراز فريد , والممدوح أعاد للشعر هيبته الأولى , شعر أنه جزء من هذا العالم , , سواء الممدوح أو الشعر , عنصر الاهتمام المشترك بين الاثنين , لذلك قال الشاعر عن نفسه
وانـا تـرانـي غـوايـات وطــروب وفـحـل
وتوحي لي الشارده والـوارده عـن كـل نياتهـا
أسبح مثل حـوت وابـري القـوس وارع الحمـل
حتى يجي كبش ويقول الحسن ف خـدور رباتهـا
وقفني الوقت وأبكاني زماني في مشـارف طلـل
وابشرك عيني إعتـادت علـى حبسـي لعبراتهـا
واعرف اهرول واعـرف اجمـح واعـرف اهـذل
واطير فردٍ لحالي .. لا أخلت الاسـراب وكناتهـا
غير أنه رغم هذا , ورغم ما قال عن نفسه في هذا السياق , فإن الحديث عن الممدوح وإنجازاته بحاجة لمحفز قوي يحرض الشاعر على مواصلة الحديث بعفوية وانطلاق
وأحتاج لي سحر فـي وصفـك وضـرب الرمـل
وأحتاج الارقام وحدود الوهـم وأحتـاج لوثاتهـا
لأنه شخصية أنقذت الشعر وأحيته بعد أن كاد يشارف على الضمور والانتهاء , لهذا فالشاعر يعلن أنه بحاجة لسحر بياني خاص لوصف شخصية الممدوح والحديث عنها
الشيخ زايد وحسن التخلص
بعد أن أفاض الشاعر بالحديث عن الممدوح وعلاقته الوطيدة بالشعر , انتقل للحديث عن منجزاته كحاكم وكإنسان , غير أنه لم يتخلص من الغرض الأول إلا من خلال التطرق لدور والده الشيخ زايد كحاكم وكموحد لدولة الإمارات العربية المتحدة , إذ اعتبر الشيخ زايد هنا مفتاحًا شعريًّا استطاع الشاعر من خلاله التخلص من الموضوع الأول والدخول بالموضوع الذي يليه
وإن كان زايـد كـرر فيـك زايـد لايـزال ويظـل
وحيد الأزمان لوعـادت علـى العربـان كرّاتهـا
من فآخر الجود غيره وأفحمه معه الصخا والبـذل
وأنساه ( ماكان بالإمكان ) وانسى ( كان أخواتها
وقد تكرر هذا التخلص عند الحديث عن الشيخ خليفة , حينما قال
قد حملّه زايـد إحلامـه وهمّـه والأمانـي طفـل
والحلم سلاّه عن طيش الشباب وعـن حماقاتهـا
مع العلم أن المخاطب هنا هو الممدوح في هذا النص , وهو الشيخ محمد بن زايد , لكن لم يكن التخلص إلا من خلال الحديث مرة أخرى عن الشيخ زايد , باعتبار أنه الباب الذي دخل منه الشاعر لمدح أبنائه , سواء الشيخ خليفة كحاكم أو الشيخ محمد كولي عهده . وسوف نمر على هذه النقطة في هذه الوقفة – إن شاء الله –
العودة للممدوح .
نظرًا لأن الممدوح ابن أسرة حاكمة , وهي أسرة آل نهيان , الأسرة العربية العريقة في الحكم والسيادة , فإن الشاعر دخل للممدوح من هذه الزاوية محاولاً إعطاء الرجل ما يستحقه من ثناء وتقدير
تجوهرت روح ابوخالد وهي بين الرجـا والامـل
غيثٍ يسح الذهب والـدرّ سحّـه للبـرد والنفـل
ويجـدد الأرض
ورجـال الكـرم يرفـد مرواتهـا
وضعف نصفه مكرمات ونبل
وروحه وطن كل شكوى وإستغاثه مـن رحاباتهـا
كأن ربي نـزع منـه التعـب لايشتكـي والملـل
وأعطـاه روحٍ تجـلاّ فـي عناهـا وف كلافاتهـا
يبلسم آلام
ويسـد اللـزوم وكـل نقـص وخلـل
ولايعتذر عند حاجه فـي رخـا الدنيـا وشدّاتهـا
قبله نحسب التعالي والتجهّم من سمـات البطـل
وعقبه عرفنا الكرام مـن التواضـع وإبتساماتهـا
قد حملّه زايـد إحلامـه وهمّـه والأمانـي طفـل
والحلم سلاّه عن طيش الشباب وعـن حماقاتهـا
لقد اختفت أي علاقة للممدوح بالشعر من خلال هذه الجمل الشعرية , وعلى هذا الأساس غاب صوت الشاعر عن الخطاب الشعري في هذا الكلام , ولا نكاد نراه أو نسمعه , هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى , سعى الشاعر من خلال هذه الصياغات الشعرية إلى تكثيف صوت الإنسان في ذات الممدوح معتمدًا على القيم الإنسانية النبيلة لديه , مبتعدًا عن مفاهيم الغطرسة ومشاهد الرعب , مركزًا على قيم التسامح والحب والشهامة العربية التي تعلي من مكارم الأخلاق , والتي سلط الشاعر الضوء عليها , في محاولة منه لعكس هذه الصور في عيون المتلقي بعد ذلك , وخير شاهد ودليل لدى الشاعر على ما يقول هذا البيت
قبله نحسب التعالي والتجهّم من سمـات البطـل
وعقبه عرفنا الكرام مـن التواضـع وإبتساماتهـا
لأن هذا البيت أسقط الفهم النمطي القديم للإنسان الحاكم , والمسؤول الذي في عنقه مصالح الناس
حضور الشيخ خليفة
قلنا سابقًا أن الممدوح ابن أسرة عربية عريقة في الحكم في المنطقة العربية , وهي أسرة زعامة سياسية وتاريخية ممتدة في عروق تاريخ المنطقة , لهذا فهو ابن الحكام وشقيق الحكام , لذا يلتفت الشاعر للحديث عن رئيس دولة الإمارات مادحًا إياه , وفي هذا التنازل دلالة على أن المجد يحيط بالممدوح , سواء من خلال الحديث عنه بشكل مباشر , أو من خلال التطرق له من بوابة التاريخ حينما تحدث عن والده , أو من خلال الحديث عنه كحاضر معاش عندما تحدث عن أخيه رئيس الدولة . وقد دخل الشاعر للحديث عن الشيخ خليفة من بوابة الشيخ المؤسس للدولة , حيث قال فيه
قد حملّه زايـد إحلامـه وهمّـه والأمانـي طفـل
والحلم سلاّه عن طيش الشباب وعـن حماقاتهـا
سفينتك ياخليفه للموانـي ماأبحـرت ف الضحـل
سفينتك راسيه في كل مـوج وكـل خطـبٍ جلـل
وتواجه الريـح والأحـداث وتكاسـر حساباتهـا
تقودها جنبك محمد عضيـد
ويعانق السرب
ويقـود الكتايـب ويتقـدم رتـل
ويشارك الجنـد
رجّال دوله ودوله من رجال تجسّـدت فـي رجـل
في دولةٍ فـي خليفـه وحـدّت بالريـح راياتهـا
تلقاه في كل ميتم وإحتفـال وكـل ورشـة عمـل
ويحب يرفـع مـن أقـدار الرجـال ومعنوياتهـا
واحة كفوفه وأصابع راحتينه فـي يدينـه نخـل
ويمدّهـا للجميـع وتحتهـا مـن كـل تمراتهـا
صافي كأنه نبع يجري على شعبـه
وكنّـه عسـل
يجري على الناس دايم في ضماها وفمراراتهـا
له همةٍ لو تدب فكل حدب وكـل عجـز وشلـل
تعـزز الـروح ليـن تقـوم وتحـيّ شجاعاتهـا
من رحمته يتقي من رحمته يآطـا بيـوت النمـل
ويعطف على الظبيه اللي تستجيره فـي فلواتهـا
لولاه قاسي من الرحمـه فـؤاده ذاب حتـى ذبـل
ولولاه باسـم علـى الشـدات مابـدد جهاماتهـا
وجه الهدى والهدايا والبشاير له وهـدي السبـل
ومايسبق العاصفه ومن الحـرار الشقـر هدّاتهـا
لوغاب يخشى العزيز إنه يهون مع الزمان ويـذل
وأرقاب الاجواد ماتعتـق ولاتصلـح خصوماتهـا
عليه ماتعرض الدنيـا ولايعـرض عليـه الفشـل
ورجال الاعمال ماتومي علـى راسـه سفاراتهـا
ومن الهوى والمحبـه ماتجنّـى وإستبـد وقتـل
ولايذبـح العاشقيـن الصادقيـن ألا صباباتـهـا
يابوظبي لك تحت قلبه غزال ولك عريـن ووعـل
يرعـاك دايـم مـع عينـه معاودهـا ولفتاتهـا
هذا والاقمـار تكمـل ف الليالـي والاهلّـه تهـل
وأعمارها في مصابيـح الظـلام وفـي محاقاتهـا
وملاحظ من هذه الإطالة أن الشاعر مزج الجميع بالجميع , فكأن الجميع نظام من العقد المنظوم بعناية وإتقان , حيث نرى الشيخ زايد من خلال أبنائه " محمد وخليفة " ونرى أبناءه يجسدون دور والدهم كإنسان وكحاكم , والجميع مرتبطون بالأصل الذي انطلقوا من " أبو ظبي " إلى أن اكتمل البناء في آخر المطاف " حتى بني ياس تبني مجدهـا فـي سبـع أماراتهـا " . لقد تطرق الشاعر لإبراز منجزات ومفاخر الممدوح , معتمدًا على السياق الزمني الماضوي , المتمثل بدور والده كمؤسس لكيان الدولة , ومن ثم منعطفًا على أخيه الحاكم الحالي للبلاد , وهو هنا لم ينس الأرض والإنسان في هذا التناول عندما تطرق لأبو ظبي ومكانة بني ياس في هذا الكيان