من " زهرة العمر " لـ: توفيق الحكيم:

[مشعل الحربي]

من " زهرة العمر " لـ: توفيق الحكيم:

- قبل ذلك :
الكتاب باختصار عبارة عن رسائل قام بإرسالها إلى صديقه الفرنسي ( أندريه ) بعضها كان في باريس عندما انتقل صديقه إلى شمال فرنسا للعمل بمصانع ( ليل ) ، وعددها أربعة عشر رسالة أما بقية الرسائل فكانت من مصر بعد عودته.

احتفظ أندريه بتلك الرسائل ، و في عام 1936م سافر توفيق إلى فرنسا حيث التقى صاحبه الذي أطلعه على كتاب لتوفيق ترجم إلى الفرنسية مقرظاً بقلم كاتب شهير من أعضاء الأكاديمية الفرنسية ، ثم أطلعه على الرسائل التي كان يتسلمها منه ، عندها قام توفبق بأخذها ونقلها إلى العربية وأعاد الأصل الفرنسي إلى صديقه فهي تعتبر جزءاً منه على حد تعبيره.

ما سبق مجرد عرض لتكوين فكرة ولو بسيطة عن هذا المؤلف...
والآن لأعرض لكم ما اخترت منه آملاً بأن يكون من المفيد النافع...

- الفنان النابض بالحياة إما أن يكون متيقظ الحواس إلى حد الوحشية ، أو متيقظ إلى حد الصوفية.!.
- يقول عن نفسه : ( لقد غرقت في آداب الأمم كلها وفلسفاتها وفنونها ... لم أكن أسمح لنفسي بأن أجهل فرعاً من فروع المعرفة ؛ لأني كنت أعتقد أن الأديب في عصرنا الحاضر يجب أن يكون موسوعياً لذلك بذلت جهدي في أن أحيط بأبرز ما أنتجت العبقرية الإنسانية !...
وبعد هذا كله انكببت أكتب و أكتب مخطوطات كان مصيرها كلها التمزيق ، إن ما جعلتك تقرؤه منها يا أندريه لا يوازي جزءاً من عشرة أجزاء مما أخفيته عنك ، وانتهيت إلى تمزيقه قبل أن تطلع عليه عين...
إنها سهول من الصحاري والرمال تصور لنا سراباً بعيداً لن نبلغه أبداً ، سهول من الأساليب المختلفة كلها ( السهل الممتنع ) .
- لشد ما توهمنا أن الأسلوب الخاص معناه التجديد و أن التجديد معناه الإغراب... إن الذي عنده ما يقول للناس يُخرج بكل بساطة ما لديه من كنوز... ما أروع الحقيقة لو تفجرت وحدها ، من أعماق القلب الصادق في كلمات بسيطة.
- البلاغة الحقيقية هي الفكرة النبيلة في الثوب البسيط.
- التربية الكاملة هي : تربية جميع الملكات والحواس مجتمعة.. فتربية ملكة العقل وحدها لا تكفي عند رجل الأدب والفن إن لم تصاحبها تربية حاسة البصر ، وحاسة السمع.. وحتى حاسة الشم والذوق.. التربية الكاملة للحواس والملكات هي ما أسميه ( الثقافة الكاملة ) لا ينبغي لأديب أو فنان أن يترك حاسة من حواسه هملاً بغير تكوين...عاطلة لا تؤدي عملاً .. يجب أن يعلم منذ الصغر أن لكل حاسة ( آداب لغتها ) ...
فكما أن آداب لغة العقل والفكر تقرأ في المكتبات والكتب ، فإن آداب لغة العين تشاهد في المتاحف والمعارض والآثار الفنية والمناظر الطبيعية...
لكل حاسة عوالم من الجمال لا نهاية لها...
أطيب التحايا أهديها لكم والسلام.