من الأخطاء المكرورة التي ينطق بها البعض عندما يرون شخصًا لاتعجبهم أخلاقه: بأن هذا نتاج تربية والدية ، أو دلالة على عدم تربية والديه له التربية الحسنة . وهذا استنتاج خاطئ ؛ فليس كل من ساءت أخلاقه هو نتاج والديه ، فلربما ربٌى الوالدين ابنهما التربية الحسنة وعلماه كل خلق جميل لكن الله لم يوفق ذلك الابن للخير والالتزام بتربية والديه ، والاقتناع بما يقولانه له . ولاننس أن الابن لاتقتصر تربيته على الوالدين بل ما إن يخرج من البيت حتى يشاركهما في التربية المدرسة بمنسوبيها وبكل سلبيات المعلمين والإداريين ، وكذلك تأثره بمن يختلط بهم من الطلاب ، هذا عدا تأثره من رؤيته أقاربه من الأعمام والأخوال وأبناهما وحياتهم ونمط معيشتهم ، ومع كل هذا أيضًا نجد تأثره من مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج اليوتيوب ونتاج الشبكة العنكبوتية ، ولاننس أن الطفل سريع التأثر ، والمراهق غالبًا لايتمسك بنصح أو إرشاد بل برغباته وأهوائه .
لم يعد الزمان كزماننا ، سواء الآباء والأمهات ، أم المعلمين والإدارة المدرسية من قادة ومرشدين ، أو النتاج الإعلامي الذي كان يتلخص في قناة واحدة وعندما ازداد جاءت قناة ثانية في وقت متقدم وحتى بعد أن ذلك عندما جاء عصر ( الإريل ) لم يكن بذاك التأثير ، وكذلك الالتزام الأخلاقي والحرص على الدين بوعي من فرائض وأخلاق لم يعد بتلك الأهمية عند كثير من القائمين على التربية ، بل تجد بعض الآباء والأمهات والمعلمين والأقارب يقدمون المثال والقدوة شديدة السوء للابن من تهاون في الدين و عدم ضرورة التقدير والاحترام بل التمرد والتحدي ، إلى تصرفاتهم الأخلاقية الشائنة كتقديم النفاق بأنه ذكاء للوصول للهدف ، وبأن الرشوة ضرورية ليحقق مبتغاه وأنها سائغة لاشيء فيها ، وأن الأخلاق نمط قديم للجيل القديم أصبحت ( لاتؤكل خبز ) ومن هذا القبيل . ثم تجد بعض الآباء والأمهات والكبار في السن يلوم بعض أبناء الجيل على نزقه وقلة أدبه ، وعدم تعامله وتقدير مع الآخرين ، بينما كان ذلك زرع تم حصاده ،ولايمكن أن نجني من الشوك العنب،ولم يكن الوالدان هما سبب ذلك الزرع بل منظومة متكاملة لم تراع الله في تصرفاتها ، ولم تجعل الأخلاق نبراسها ، بل قدمت للابن نموذجيا للحياة المادية البشعة ، وجعل المبادئ تنحصر في: "الغابة تبرر الوسيلة"