منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ظلال تحترق | محمد البلوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2012, 12:29 AM   #37
محمد سلمان البلوي
( كاتب )

افتراضي




:: خيانة الماء ::

نتمرَّنُ على الغياب حتَّى نُتقنه،
ونُمارسُ لعبة الاختباء حتَّى نختفي.

وأنا الغائبُ؛ مُذ كان الغياب يحبو على شفق الفكرة، وكانت له وجهة واحدة.
المُختبئ؛ مُذ كان الاختباء نعامة تدفن رأسها في الرمال لترَى بأُذُنّيها.
المختفي؛ مُذ كان الاختفاء قبعة ساحرٍ مُبتدئ، وكان الساحر طفلًا يُحاول أنْ يتقمَّصُ شخصية الباب.

أرسم بالطبشور الأحمر خطًا فاصلًا ما بين الجرح والجرح،
وأقيم بالسطر الفارغ سدًَّا شاحبًا يقف في وجه اندفاع الحرف،
وأطرق كل الجدران المُحيطة بي بحثًا عن باب مُحتَمَل،
لا لشيء؛ إلَّا لأتأكَّد أنَّ البابَ مُغلَق، وأنَّ الاحتمال مُحَال.

لم يُعلِّمني أحدٌ البكاء؛ وًلِدتُ باكيا،
ومن أمِّي تعلمتُ الابتسام والضحك،
ومنكِ تعلَّمتُ أنَّ الضحك أنواع، وأنَّ الابتسامات مقاسات وألوان يغلبُ عليها الأصفر الباهت.

فحين يخون الماءُ الماءَ
ينبتُ الظمأ على ضفاف السراب،
وتتشقَّقُ شفاهُ الجداول،
وتكفرُ السنابلُ بالغيمات.

كالريح؛ سرقتُ معطفَ الوقت، ومضيت،
وكالنافذة التي تحوَّل قلبها إلى ساعة حائط؛ بقيتِ مُنتظرة،
لا شيء يُجبرني على العودة إليكِ،
كما لا شيء يُجبركِ على انتظاري،
والحب الذي كان كافيًا لأن يُقيِّدني بكِ إليكِ؛
كان كافيًا لأنْ يُحرِّرني منكِ.

الحبُّ عذري؛ وإنْ أخطأتُ في حقكِ،
والحبُّ ذنبكِ؛ وإنْ التمستُ العذرَ لكِ،
قدري أنْ أكون سحابة الشوك التي تنجلي،
وقدركِ أنْ تكوني الوردة، والشوق، والظمأ.

***
محمد البلوي
يتبع ...




 

محمد سلمان البلوي غير متصل   رد مع اقتباس