منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - مـلامح الطين
الموضوع: مـلامح الطين
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2012, 10:33 AM   #1
ريانة القحطاني
( كاتبة )

افتراضي مـلامح الطين


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
!
!
عادت لقريتها الصغيرة تحمل حقيبتها الكرزية ومعطف لجدتها مبرقش بـ حكايات الشتاء الدافئة ورائحة البن في أطرافه تداعب ذاكرتها
تمشي بين مباني الطين العتيقة وهي تتنفس طفولتها ذات الحُلم الضبابي وتستعيد لأضلعها حنين الحب المتعربش على سيقان أشجار التين وأصوات العصافير تضج بأغصانها ترتل أحلام كانت ترتاد مخيلتها
عادت وهي تقرأ ملامح الطين في ذلك الممر الضيق تبحث عن خواتم البعيثران وأقراط القرنفل تفتش عن عشب الوادي وزهر السكر
كان كل شيئاً فيها يتحسس عبق الماضي لم تجد شيئاً سوى صمته الأربد وإبتسامته الشهباء خلف الجبال الشاهقة وصوت الضوء الحنون يخترق قلبها ويدغدغ عشقها المجنون
كانت آتيه وحناجرها ممتلئة بـ غصة خوف معجون بـ شوق
تسأل تفاصيل جسدها ..هل سيتذكرني؟ هل سألمع في عينيه كـ عادته حين تُعانقني ابتسامته؟
ضلت خطواتها تتقارع حتى وصلت لزاويته الحجرية المترامية تحت ظل شجرة التين
وحين اقتربت سمعت صوت أنفاس حثيثة فإذا هو طفل توشح الرمادي
يداه مشدودتان من البرد
يلعب بكُتل الطين منهمك في اللهو
شعرت بقبضة تعصر قلبها وهي تستدير لترى وجهه
رفع رأسه الصغير وخديه المتوردين يُلهب في عينيها جمر السؤال
همست :ما أسمك؟ أجابها لكنها لم تلتقط شيء من قواها شعرت بـ أن روحها أصبحت خفيفة جداً لاوزن لها تحلق في السماوات فـ سمعها تلاشى في ملامحه ..نظراته..رائحته كل تفاصيله تقتلها
تراجعت للخلف واستدارت نحو الشمس العابسة الهاربة خلف الجبال
أطلقت ساقيها للريح تخفق سريعاً تبحث عن أي مكان تدفن فيه صرختها
عيناها المكتحلتان تعاني الغرق
لم تعد ترى فـ الدمع يدهن أهدابها بالملح الحارق ضلت تعارك أجفانها وشهقاتها تتوالى
تنفث خصلات شعرها الثائر في وجه الريح ضلت تسابق خطواتها تهرب من ذاتها بـ هلع عنيف
وفجأة شعرت بأن أضلعها تتعانق وأطرافها تتراص وشعرها الثائر يلتقط أنفاسه
أحست بدفء يُغلف وجنتيها ويرخي شفتيها المتيبستين
وقبل أن ترفع عينيها سمعت صوتاً هامساً يدس في أذنيها ذات الكلمة التي قتلتها منذ أن رحلت
(أحبكِ)

 

التوقيع

لاشيء ، فقط حنين،، يتيه في فراغ"'!

ريانة القحطاني غير متصل   رد مع اقتباس