لماذا لا تأتينَ معَ وجوهِ الأطفال , و في عِراكهِم البريء .. ؟ لماذا لا تأتينَ معَ العِطرِ و بخورِ جارتي .. ؟ و لا في الحواراتِ الهادِئَة , و الابتساماتِ البيضاء .. ؟ لماذا لم تُفكّري مُطلقاً أن تُقلّكِ إليّ نملة تُكافِحُ مِن أجلِ حبّةَ أرُزْ ؟ لَم تُسعِفكِ حاجَتي و ترمي بكِ لمُخيّلةٍ بعيدَة تقولُ لكِ : ماذا لو أتَيْتُهُ لتكوني لهُ باباً بلا عَينٍ سحريّة , نافِذَةً مِن غَيْرِ جُدرانٍ تُسمّى ستائِرً .. كُلّ هذهِ الأسئلة و ذاكِرتي تنازِعُ ذكرياتي بكِ .. كُلّ هذهِ الجُثثِ من الأسئلةِ أدفِنُها بي و ذاكِرتي تُقاوِمُ عبثَكِ فيها .. لا تُريدُ أن تموتَ دونَ شَرفِ المحاولة , لا تُريدُ الموتَ دونَ أن أقولَ أمامَ مرآتي قَدْ حاولنا .. !
* أوووه ! تلكَ الأسئلةَ هيَ مَن تُطيلُ عُمرَكِ فيّ , و الأجوبة المُحلّقة في سماءِ اللّاحريّة هَيْ مَن تنفي فِكرةَ انتصاري علَيْكِ و على ذاكرتي المنتميةِ إلَيْكِ .
لا أدري كَيفَ تستطيعينَ المشيَ فيها حافيَةً وقد ملأتِها شوكاً دونَ أن تُجرحَ قدمَيْكِ .. و كَيْفَ تستطيعينَ التنفّسَ و هواءُها مُنتِنٌ و لا تمرضين ؟ , تمارَضي , تظاهري بالمرض أمامَها فقَد تعودُ إليّ و علَيْها ابتسامَةُ نَصرٍ كاذِب .. و تعلَمينَ ما معنى أن نكذِبَ على أنفُسِنا بانتصاراتٍ مزعومة !.. تعلمينَ ماذا يعني أن نحفِرَ لنا قبوراً و نحنُ نسخَرُ مِن العالم و في داخِلنا مدينَةٌ منكوبَة ! , تعلمينَ جيِّداً كَيْفَ يكونُ الموت الذي ظاهِرهُ الحياة و باطِنُه محوُ تأريخٍ مُلتصِقٌ بِنا ! .. أذكُر في مرّةٍ غنّيتُ أغنيَةً و نَشّزتُ فيها كعادتي .. أحسَستُ حينها بأنّكِ تركُضينَ في دمي , تَرقُصينَ في قلبي .. تنثُرينَ أنوثتَكِ في طُرقي , و أزقّتي الخلفيّة .. تُنيرينَ قناديلَ أرصِفتي .. أذكُرُ أنّي معها واصلتُ العزفَ مُنفرِداً أمامَ عَيْنَيْكِ التي لم تراني أحمِلُ العودَ و أُدَوزِنُه و لكنّها الذّاكرة التي تُحيلُ كُلّ شَيءٍ أمامي إلى قِطعَةٍ ثمينَة , إلى قِطعَةٍ تُشبِهُكِ رُغمَ اختلافِ بعضِ التّفاصيلِ ..
التّفاصيل .. ؟!
.. التّفاصيلُ مَن كوّنَتْ ذاكِرتي معكِ , و نفسُ تِلكَ التّفاصيل هيَ مَن ستَبني جِدارَ عَزلٍ بيني و بينَ ذكرياتِكِ , و لكِن السّؤال الذي لا يَودُّ أن يموت : متى .. ؟! .
رُبمـا !