الاستسلامُ لفكرَةِ غيابكِ الأبدي يُعدّ أمراً لا يَسعني الإحاطَةُ بهِ , و لا أملِكُ مُقوّماتٍ تُخوّلُني لارتداءِ شماغ الصّبرِ و المَشيّيْ في حيِّ النّائِم بحُلّتي الكامِلَة - التي طالَما راهنتُ علَيْها كثيراً أمامَ عَيْنَيْكِ و كنتُ دائِماً ما أفوزُ بكِ و أكسبُ الرّهان ! - و أتظاهَرُ أمامَ الحَيي بأنّي الرّجُل الذي لا يُبالي بامرأةٍ أخذَتْ كُلّ ما يخصُّهُ و ما أخذَ مِنها سِوى رسالةً استلقَتْ على سَطرِها بنيَةِ الغيابِ .. ! ما عادَتِ أقنِعتي تُسكِتُ ثرثرَةَ أعينٍ تتعلّقُ بالشُّرفاتِ خلفَ ستائِرها .. ! و ما عُدتُ أحتمِلُ تلكَ الابتِسامات التي تُبرِّرُ لعَيْني شرودها
- ذلِكَ الشّرود الذي يُسمّرُني كحائِطٍ بُنِيَ ليُكوِّنَ ملامِحَ بيتٍ لله يجمَعُ الخَيْرَ كُلّه ليُحالَ في نهايَةِ الأمرِ لحائِطِ مَبكى ! -
نيَةُ الهروبِ منكِ أو مِن كُلّ الأشياءِ التي أصبَحت مُلكيّتها تخصّكِ رجوع إلَيْكِ بطريقَةٍ أتجاهَلُها , بطريقَةٍ أتناسى فيها أن خُطوَتي التي تُبعِدُني منكِ في الحقيقَةِ تُقرّبُني إلَيْكِ , الأحياء التي أحاوِلُ جاهِداً أن تفصِلَ بيني وبَيْنكِ في واقعِ الأمرِ ما هيَ إلاّ مساحَةُ عَيْنَيْكِ التي أفقدتني محاولةَ الوصولِ إلى حدودكِ لأخرُجَ منكِ لَيْلاً دونَ أن تَشعُري .. !
اووه !
أشعُرُ بإعياءٍ في ذاكِرتي , أشعُرُ باستفحالكِ فيها , بتوسّعكِ , باستحلالِ دَمِها ! و كأنّكِ تُجبريها على حفظِ تفاصيلكِ التي كُل ما فيها كانَ مُغرٍ للـ : الغياب , الرّسائِلِ الموؤودَةِ , الأصابع التي تنهشها الذّاكرة , للمراجيحِ المهجورَةِ , للضّحكاتِ المُغادِرَة , للدُّمى المَنسيّة , للأغاني المُسافِرَة , للألحانِ التي ماتَتْ في دَهشَةٍ ما ! , و لأنّي مُشرّدٌ ! كُنتُ أتهذّبُ لكُلّ امرأةٍ تمرُّ على صَدري , كي تُطيلَ البقاءَ فيّ رُغمَ اقتناعي أنّ الحَبيباتُ لا يُرِدنَ تهذيباً مُفتعلاً بقدرِ ما يُرِدنَ جنوناً صادِقاً , و أنتِ أتَيْتِني : مُهذّبةً , مُعلّمَةً , مُعدّلَةً لكُلّ شَيءٍ يخصّني , كُلّ شَيءٍ مِن حولي و نَسيتي أهمّ شَيءٍ في هذهِ المُعادلة , نسيتيني أنا .. !
رُبمـا !