من يدك أطعمتني فاكهة الروح الهنية اليانعة، أكلتها ، وما أبقيت لآتي أيامي منها شيئاً؛ ولم تزل قبلة اللقاء الأول بيننا لا أقول تحمل من المسك ريحاً، أو تستعير من الورد ملمساً، أو تصطفي من الماء عذوبةً..بل هي المسك، والورد، والماء.. طغى الورد عليها بحمرته، وسال الماء منها برقته، وطاب المسك منها رغم تركيز رائحته.
كنتُ في قُبلتي صدوقاً في تلقين المبسم الزاكي عهد الوفاء أن أعيش لهذه المواضع المسكية، الوردية، المائية عمري ولو تحولت الدنيا نعيم الأبد، وسعادة الأمد. ولا عتب علي لو أجرمت حينها فاستشعرت الورد بين شفتي متفتحا فقطفته، والمسك في جيوب أنفي رسولا إلى رئتي فانتشقته، ثم انتشقته، فالتهمته، والماء يسيل بين ثناياي فارتشفته رشفة ما زالت تغنيني عن الشهد مهما حلا، وعن بلسم الروح مهما شفا، بل وتغني -يا حياتي- كل عرق فيّ عن استجداء الغمام ريّاً عذبا سلسبيلاً.