الْخَبْصَلُوْخِيّة
-
-
الْعِنْوانُ أعْلاهُ لَيْسَ مُصْطَلَحاً عِلْمِيّاً جَدِيْداً مُعرّباً ، إنّماْ هُوَ أسْمُ مَدْرَسَةٌ شِعْرِيّةٌ شَعْبِيّةٌ ظَهَرَتْ مُؤخّراً فِيْ ساحَتُناْ الْمَغْلُوْبَةُ عَلَى أمْرِهاْ ، وَلَكِنْ لمْ يَتِمُّ بَعْدُ تَسْمِيَةُ هَذِهِ ( الظّاهِرَةُ ) الشّعْرِيّةُ ، فَرأيْتُ أنْ أُعْطِيَهاْ هَذا الإسْمُ لِيَكُوْنَ الْمَعْنَى أكْثَرُ قُرْباً مِنْ الْمُتَلقّيّ ، وَلا أقْصِدُ أنْ يَكُوْنُ أسْماً أدَبِيّاً لِهَذه ( الْمَفْقَسَةُ ) الّتي أنْتَنَتْ بِالسّاحَة ُ.
وَ أتْباعُ هَذِهِ الْمَدْرَسَةُ هُمْ أولئك الّذيْنَ مَنَحَهُمُ الله مُوْهِبَةُ الشّعْرُ ، وَأتْقَنُوا الْقَوانِيْنُ الْوَضْعِيّةُ الْمُتَعَلّقَةُ بِتَمام الْقَصِيْدَةُ مِنْ ناحِيَتيّ الْوَزْنُ وَالْقافِيَةُ ، إلّا أنّهُمْ أفْقَدُوا الشّعْرُ رُوْحَهُ الْعَذْبَةُ ، وَ شَوّهُوا جَمالُ الْمَعْنَى ، وَنَشّزُوْهُ ، وَأصابُوا السّاحَة بِلُوْثَة أكْثَرُ فَتْكاً وَ شَرّاً مِمّاْ فَعَلَتْهُ بَعْضُ بَرامِجُ الْمُسابَقاتُ الشّعْرِيّةُ ( التّجارِيّةُ ) ..!! .
و َحَتّى لا يَتَشَعّبُ الْمُوْضُوْعُ وَيأخُذ مَنْحَى آخَر ، فأظُنّ الآن بأنّ الْقارِئ يُرِيْدُ التّعَرُّف عَلَى هؤلاء ( الْخَبْصَلُوْخِيّين ) وَ مَنْ هُمْ ..؟!! . وَالإجابَةُ لنْ تَكُوْنُ بِأسْماء نُدْرِِجُهاْ ، أوْ قَصائِد نَسْتَعْرِضُهاْ لِيَتِمّ التّعَرّف مِنْ خِلالِهاْ عَلَى الْمَعْنِيّين ، وَلَكِنْ هُناكَ طَرِيْقَةٌ بَسِيْطَةٌ جِدّاً وَسَهْلَةٌ سَتُمَكّنُ الْمُتَلَقّيّ مِنْ التّعَرّف عَلَى أيّ شاعِر خَبْصَلُوْخِيّ فِيْ أيّ زَمان وَمَكان ، وَدُوْنَ الْحاجَةُ لأدَوات النّقْد التّقْلِيْدِيّة .
وَ الطّرَيْقَةُ هِيّ حِيْنَ تَقْرأ أوْ تَسْمَع قَصِيْدَة لأيّ شاعِر ماْ ، وَتَكُوْن بِمَضْمُوْنِهاْ عَنْ ( حَبِيْبَتَهُ ) الّتي هَجَرَتْهُ وَلأيّ سَبَبّ مِنْ الأسْباب ، فَفِيْ الْبِدايَة تَجِدْ أنّ هَذِهِ الْقَصِيْدَة لا تَمِتّ لِلْعاطِفَة بأيّ رُوْح أوْ مَشاعِر تَوَجّدِيّة ، إنّماْ هِجائِيّة ( يشرشح ) بِهاْ حَبِيْبَتَهُ ، وَيَسْتَنِدُ بِهاْ عَلَى الشّتْمُ بِأقْذَر الْكَلِمات ، وَأشْنَعُ الْمَعاني ، وَبَنْهالُ عَلِيْهاْ لعْناً وَقَذْفاً ، وَحَتّى أنّ أبَوَيّهاْ لا يَسْلَمانِ مِنْ سَبّ وَشَتْمُ وَلَعْنُ هَذا الشّاعِر .. !! ، وَلا يَكْتَفِي بِهَذا الْقَدَر مِنْ السّخافَةُ ، بلْ يَشْعُرُ أنّ هَذا الْهَجْرُ قَدْ نالَ مِنْ كَرامَتَهُ وَعِزَتَهُ وَقَبِيْلَتَهُ حَتّى ، فَتَرْتَفِعُ عِنْدَهُ ( الأناْ ) فَيَفْتِلُ عَضَلات إنْحِطاطَهُ ، وَكَيْفَ لَهاْ أنْ هَجَرَتْ مَلائكِيُّ الرّوْح ، وَحاتَمِيُّ الْقَرَى ، وَأصْمَعِيُّ الشّعْرُ ، وَعَنْتَرَيُّ الْوَغَى ، وَ قَيّسِيُّ الْوَفاء ، وَيَزِيْدُ مِنْ الطّيْنُ بِلّه وَبِماْ هُوَ عَلَيهُ مِنْ قُبْحٌ وَسَذاجَةٌ تَتّصاعَدُ لَدَيّهُ الْحَمِيّةُ فَيَقُوْمُ سامِياً بِحَسَبهُ وَنَسَبهُ وَأنّه فُلانٌ بن فُلان آل فلان ، وارِثُ السّيْفُ البتّارُ عَنْ جَدّهُ ، وَالْحِكْمَةُ وَ الْوَقارُ عَنْ أَبِيهُ ، وَالإقْدامُ وَالبَسالَةُ عَنْ أخْوالَهُ ، فَيَثُوْرُ مُعْتَزِيّاً بِأبْناء عُمُوْمَتَهُ الصّنادِيْدُ ، وَشاحِذاً هِمّتَهُ مِنْ مآثر الْقَبِيلَةُ وَمَجْدُهاْ التّارِيْخِيُّ وَكأنّه يُرِيْدُ الدّخُوْل بِحَرْب ضَرُوْس مَعْ هَذِهِ الأُنْثَى ..!!! .
وَ الدّلِيْلُ الْقاطِعُ الّذي يُؤكّدُ بِأنّ هَذا الْخَبْصَلُوْخِيُّ فارِغ فِكْرِيّاً وَ خاوي أدَبِيّاً ، هُوَ خِتامُ الْقَصِيْدَةُ الّذي يُؤكّدُ أنّهُ لا يَحْمِلُ مِنْ الشّعْرُ إلّأ أدَواتُ الْوَزْنُ وَالقافِيةُ ، فَتَجِدْهُ فِيْ خِتام الْقَصِيْدَةُ يَسْتَجْدِيّ الْعَطْف مِنْ حَبِيْبَتَهُ الّتي هَجَرَتْهُ ، وَعَشِيْقَتَهُ الّتي نَشَرَ غَسِيْلُهاْ قُبِيلاً وَيَرْجُوْهاْ أنْ تَعُوْدَ إليهُ ، فَمُنْذُ أنْ فارَقَتْهُ لمْ يَعَدْ يَذَقْ طَعْماً لِلنّوْم ، وَ ( تكفين ردي لي ولا تخليني ) ..!! .
فَمَتى ماْوَجَدّتُمْ قَصِيْدَة بِهَكذا ( خَبْصٌ ) وَ ( لَوْخٌ ) فأعْلَمُوا أنّ شاعِرُهاْ يَنْتَمي لِهَذِهِ الْمَدْرَسَةُ الشّعْرِيّةُ الْقَبِيْحَةُ .. وَ أهْمِسُ إلِيّكُمُ بأنّ هؤلاء الشّعَراء مَساكِيْنٌ ، فَهَذِهِ هِيّ حُدُوْدُ مَعْرَفَتَهُم وَمَدَى وَعْيَهُم ، وَلا لَوْم عَلَيْهُم أوْ عَتَبْ لأنّهُم فارِغِين ، لَكِنْ الْحَقّ كُلّ الْحَقّ عَلَى مَنْ نَظُنّ أنّهُم قائِمُوْنَ عَلَى أمانَةُ الإرْتِقاءُ بِأمر السّاحة وَ الشّعْرُ ، وَأنّهُم هُمُ الّذين أتاحُوا الْمَجال وَأفْرَدُوا الْمَكان لِمِثْل هؤلاء الْمَرْضَى أنْ يَتَقَيّئُوا عَلَى ذَائِقة الْجُمْهُوْر وَتَلويثُ السّاحة الشّعْرُ شَعْبِيّة ، فَهَلْ يَحْتَرِمُوا الْجُمْهُوْر وَيُؤدّوا الأمانَة وَيُحاوِلُوا فِيْماْ بَعْد أنْ يَتُوْبُوا وَيُعِيْدُوا لِلسّاحة مَكانَتُهاْ .. ؟!!
-
-
نُشر في جريدة الأنباء الكويتية _ ملف : واحة الأنباء _ بتاريخ 18/6/2009 الخميس ..
-
-