لا شيءَ يُعرّفكَ سواك , أنتَ جوازُ سفركَ الوحيد , هكذا يقولُ الوطنُ المُختبِئُ في صوتِك .
خاطبتني أرضُ المطارِ و الوجوهُ الغريبةً و عرباتُ الحقائبِ و المفتّشونَ و الوجوهُ الّتي تنتظرُ بلهفةِ الحنينِ و وجعِ البُعدِ و أملِ البداياتِ الجديدة , كلُّ شيءٍ كانَ يتحدّثُ حولي بلغةٍ واحدة .
و في لحظةٍ ما وجدتني أفهمُ جميعَ لُغاتِ العالم و أُدرِكُ كيفَ يصنعُ البشرُ الأوطانَ , منطلقينَ من وطنٍ أصيلٍ صغيرٍ وحيدٍ منبوذٍ في دواخلهم ومُسيطرٍ على ذاكرتهم .
خطوتينِ فقط تفصلك عن عالمٍ آخر , قادرٍ على أن يُقدِّمَ لكَ ذاتَكَ و حبّك و حريّتكَ و رغباتِكَ و أحلامكَ و خذلانكَ على طبقٍ خاصٍّ بكَ وحدَك , رغمَ كلِّ البردِ الّذي قد يُحاصرُ رئتيكَ و يُجمِّدُ قلبك !